إعادة الاعتبار لمقاومي العبودية

تابعنا على:   11:41 2021-02-12

حافظ البرغوثي

أمد/ تعتزم الخزانة الأمريكية وضع صورة الناشطة السمراء ذات الأصول الإفريقية هارييت توبمان على ورقة نقدية من فئة عشرين دولاراً بدلاً من الرئيس الأسبق اندرو جاكسون الذي كان يؤمن بالعبودية.

وكانت توبمان نجحت في الفرار من العبودية في الجنوب الأمريكي، والتحقت بالشمال ثم أنشأت شبكة لتهريب السود من العبودية إلى الشمال، وعملت ممرضة في جيش الشمال، واشتهرت بخدماتها العسكرية كمقاتلة وناشطة ضد العبودية، وتوفيت في سنة 1913 بعد أن قارب عمرها 93 سنة، ولا يدرك الآن إلا القلة بأن الأفارقة الأوائل في الأمريكيتين جلبهم كريستوفر كولومبوس من السنغال وغامبيا، في التسعينات من القرن الخامس عشر، واستقروا في جمهورية الدومينيكان، ومنها أيضاً بدأت تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي في عام 1503، قبل 116 عاماً من وصول أول مجموعة من العبيد إلى المستعمرات في الولايات المتحدة. أما غريمها الذي ستحل محله على الورقة النقدية فهو الرئيس جاكسون الذي كان عسكرياً، ويملك الكثير من العبيد، وقام بطرد الهنود الحمر من مناطقهم في الشرق الأمريكي والوسط نحو الغرب وقتل الكثيرين منهم. وكان الرئيس الأسبق أوباما طرح فكرة وضع صورة الناشطة على الورقة النقدية؛ لكن دونالد ترامب رفض الفكرة، ووضع صورة جاكسون سيد العبيد في البيت الأبيض.

العنصرية والمجازر ضد السكان الأصليين في العالم الجديد بدأت مع من وصل إلى العالم الجديد، وبالتحديد أمريكا الوسطى في سانتو دومينجو عاصمة الدومينيكان؛ حيث يمكن مشاهدة إحدى سفن كولومبوس في المدينة وميناء العبيد وسجنهم في الميناء؛ حيث يوضع العبيد عند وصولهم مقيدين ثم يجري توزيعهم على المزارعين للعمل بدون أجر. وكان كولومبوس في بادئ الأمر يبحث عن الذهب، وفكّر في استعباد السكان الأصليين وقتل قرابة نصف مليون نسمة من سكان جزر الكاريبي، وبعد سنوات وجد أن زراعة قصب السكر مجدية أكثر؛ لكنها تحتاج إلى أيد عاملة، فبدأ بتجارة العبيد.

العبودية بدأت مع وصول الرجل الأبيض إلى العالم الجديد؛ لكنها ألغيت في مهدها؛ أي في الدومينيكان بعد ثورات السود؛ إذ شهدت بلدة نيغوا في الدومينيكان أولى انتفاضات مزارع قصب السكر في عام 1522 في مصنع كان يملكه ابن كريستوفر كولومبوس الأكبر، ولعبت جمهورية الدومينيكان دوراً بارزاً في حركة مقاومة العبودية؛ بفضل جوان سباستيان ليمبا، الذي جُلب عنوة عندما كان طفلاً إلى سانتو دومينجو من الكونغو في مستهل القرن السادس عشر. وفي عام 1532، هرب ليمبا من العبودية وبدأ مسيرته البطولية التي استمرت 15 عاماً في جمهورية الدومينيكان وكوّن جيشاً يراوح ما بين 200 و400 أفريقي شاركوا في تحرير المجتمعات المستعبدة في البلاد من نير العبودية.

ويقف تمثال ليمبا، الذي يعد التمثال الوحيد الذي يكرم شخصاً من أصول إفريقية، أمام مدخل متحف الإنسان الدومينيكي.

وألغيت العبودية سنة 1801 وظلت منتعشة في الولايات المتحدة حتى بداية الستينات من القرن الماضي.

العبودية لازمت الإمبراطوريات القديمة من الإغريقية إلى الرومانية، وكانت تستهدف السود والبيض معاً؛ حيث شهدت روما ثورة العبيد البيض. وتذكرنا ثورة ليمبا بثورات العبيد البيض في أوروبا أيام الإقطاع؛ حيث كان الفلاحون يعملون من دون أجر، عبيداً للنبلاء، وأيضاً بثورة الزنج في البصرة في القرن الثالث عشر وكانت أوضاعهم بائسة في المزارع الإقطاعية.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار