أميركا، الكيان الصهيوني. والعرب..!

تابعنا على:   13:10 2021-02-21

علاء الدين أبو زينة

أمد/ عندما ترشح جو بايدن للرئاسة الأميركية، استحضر البعض تصريحات أدلى بها في أوقات مختلفة من مهنته السياسية، بغية استيضاح موقفه من الكيان الصهيوني كمؤشر ممكن على سياسته تجاه المنطقة. ومما أبرزه المتابعون من تصريحاته: ” لو لم توجد إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة اختراع إسرائيل”؛ “الذي على الناس تفهمه الآن وأن يكون واضحاً وضوح الشمس، هو أن إسرائيل تعد القوة الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”؛ و”كنت لأقول لأصدقائي عندما يقولون لك هذه الأشياء، سأقول: تخيلوا ظروفنا في العالم لو لم تكن هناك إسرائيل، كم عدد السفن الحربية التي ستكون هناك. كم عدد الجند الذين سيُنشرون”.

في الحقيقة، لا تخرج هذه المواقف عن السياق العام لسياسة الولايات المتحدة بشأن الكيان الصهيوني، بغض النظر عن طريقة التعبير، بما في ذلك طريقة دونالد ترامب التي اعتبرها البعض –خطأ- خارج السياق. وكما يوضح بايدن في تصريحاته، فإن “إسرائيل” هي قاعدة عسكرية أميركية متقدمة في الشرق الأوسط. وهدف القواعد العسكرية هو السيطرة وإخضاع الناس الذين توضع عنده هذه القواعد بالقهر والإذلال. وحسب بايدن، فإنه لولا وجود الكيان في المنطقة، لكانت أميركا سترسل سفنها وجنودها لإدامة خضوع العرب الذين تشكل الهيمنة على إقليمهم ومصادرة مقدراتهم وقرارهم مصلحة أساسية، كما تفهمها المؤسسة السياسية الأميركية.

في مقال نُشر في العام 2002، كتب أستاذ السياسة ورئيس دراسات الشرق الأوسط في جامعة سان فرانسيسكو، ستيفن زونيس، موضحاً بعض أسس تطور علاقات أميركا مع الكيان: ” لم تبدأ المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية الرئيسة (لإسرائيل) إلا بعد حرب 1967. وفي الواقع، جاء 99 % من المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل منذ إنشائها فقط بعد أن أثبتت إسرائيل أنها أقوى بكثير من أي مزيج من الجيوش العربية”. وكتب أيضاً: “مباشرة بعد انتصار إسرائيل المذهل في حرب 1967، عندما أظهرت تفوقها العسكري في المنطقة، ارتفعت المساعدات الأميركية لها بنسبة %450”.

وأضاف: “المساعدات الأميركية لإسرائيل أعلى الآن مما كانت عليه قبل خمسة وعشرين عامًا… (عندما كانت) القوات المسلحة المصرية الضخمة والمجهزة تجهيزًا جيدًا تهدد بالحرب. واليوم، لدى إسرائيل معاهدة سلام طويلة الأمد مع مصر ومنطقة عازلة كبيرة منزوعة السلاح وخاضعة للمراقبة الدولية تبقي جيشها على مسافة”. ويبرز زونيس، بالأرقام، الزيادات الهائلة للمساعدات الأميركية للكيان مع انضمام أطراف عربية إلى “السلام” أو استعدادها له، لحساب تأمين بقاء الكيان الاستعماري كقاعدة متقدمة مضمونة في المنطقة.

كان شرط استمرار تعهد الولايات المتحدة بضمان رفاه الكيان إذن هو قدرة الأخير على هزيمة، أو إخضاع أو تحييد المزيد من العرب، وبطريقة تخدم في النهاية إنهاء أي قدرة ربما تبقت لديهم على تحدي نفوذ الولايات المتحدة وهيمنتها على إقليمهم، أو محاولة التصرف بحرية بمقدراتهم وأقدارهم. وستقترح أي قراءة لتاريخ الدعم الأميركي للكيان أن المسألة لا تتعلق باستهداف الفلسطينيين بما هُم – كما يُعلن بعض العرب- بقدر ما هي إخضاع الإقليم جميعاً، انطلاقاً من استعمار فلسطين وجعلها معسكراً لإرهاب الجميع.

حسب زونيس، فإن ” الدعم الأميركي المتزايد للحكومة الإسرائيلية… ليس مدفوعًا في الأساس باحتياجات أمنية موضوعية أو التزام أخلاقي قوي تجاه الدولة (اليهودية). بدلاً من ذلك، كما هو الحال في أي مكان آخر، تنطلق السياسة الخارجية الأميركية بشكل أساسي من تعزيز مصالحها الإستراتيجية المتصورة”. وتؤكد لا أخلاقية السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين – والعرب والكثير من الشعوب التي تستهدفها بالقمع والإبادة، أن المسألة ليست التزاماً أخلاقياً بـ”أمن اليهود” كتسديد لفاتورة “الهولوكوست” نيابة عن ألمانيا، مثلاً –لأنه ليس لأميركا ذنب تكفر عنه بشأن اليهود، إذا افترضنا وجود ضمير أخلاقي من الأساس.

سياسة الولايات المتحدة، ودور الكيان، والسياسات العربية الرسمية المتآمرة على الذات، والمتعامية عن تصريحات أقطاب النظام الأميركي، تعمل فقط لضمان تجريد العرب من أي قوة وازنة تجعل المخطِّط الأميركي يعيد ترتيب العلاقات على أساس المصالح. وكل خطوة في اتجاه تطبيع الكيان، بدوره الموصوف، هي جهد لتقويته وإدامته وتعزيز أدواره، نحو المزيد من إخضاع العرب وتدمير مستقبل شعوبهم. وأي “مكافآت” أميركية يتلقونها مقابل ذلك، هي جزء من الترويض لجهة تطبيع طاعتهم للآخر مع تحييد الإرادة الواعية وتقدير المصلحة. هذا ما يقوله “الحلفاء” الأميركيون، علناً.

عن الغد الأردنية

اخر الأخبار