مرسوم الحريات.. وحركة الاستغباء السياسي!

تابعنا على:   08:41 2021-02-23

أمد/ كتب حسن عصفور/ رغم حركة الترحيب بمرسوم الرئيس محمود عباس حول الحريات العامة في "أراضي دولة فلسطين"، فالحقيقة إن الأمر لم يكن سوى رسالة "تطمينية" لحوار القاهرة، الراعي أولا، والمشاركين ثانيا، وليس تعبيرا عن تطور فعلي لمفهوم ديمقراطي في البناء السياسي القائم.

المرسوم بنصوصه، يعكس اعترافا موضوعيا بغياب القانون، وأن السائد في التعامل مع الحريات العامة بكل أشكالها، سلوكا خاصا بالحاكم، ولذا يجب قياس منسوب التطبيق وفقا لتلك المعادلة، وليس وفقا للرغبة المرادة من وراء إصداره.

ولسنا بحاجة لإعادة الإشارة الى أن الرئيس عباس نفسه، هو من هدد أعضاء حركة فتح بالموت لو تجاوزوا قرار "الحركة" في العملية الانتخابية، رغم أن الأصل فصل أو طرد أو تجميد أو أي فعل يمثل حقا وفق قانون التنظيم الخاص، اما تصدير "ثقافة القتل" فتلك مسألة ما كان يجب أن تمر مرورا، ولذا فلا يمكن التعامل مع المرسوم انعكاسا لـ "ثقافة ديمقراطية" مفاجئة تم ولادتها، لنظام رأسه يؤمن أن القتل هو الحل لمخالفيه.

ولأن الأمر ليس "ثقافة" بل متطلب لمسار بات التراجع عنه ليس بسهولة كما كان سابقا، فالتعامل مع تنفيذ المرسوم سيبقى خاضعا للثقافة السائدة ما قبل الإصدار، وسيكون اللجوء لتنفيذ بعضا منه، حالة انتقائية لا أكثر.

ولذا فإعلان أطراف الحكم في السلطة الفلسطينية أنه لا يوجد اعتقالات سياسية لديهم، يمثل تجسيدا حقيقيا لثقافة نفي الآخر، فكيف يمكن اعتبار شن حملات مطاردة واعتقالات وتهديد لكل من لا يرضى عنه رأس الحكم، وأدواته التنفيذية حكومة وأجهزة، والأكثر مأساوية هو تقزيم الحريات العامة في عملية الاعتقالات، رغم انها أكثر شمولية بكثير، تبدأ بها ولا تنتهي بوقف رواتب آلاف من الموظفين، وحظر عشرات المواقع الإعلامية، وتقاعد بالإكراه، ومس بمؤسسات القضاء دون أي مستند قانوني، ومراقبة كل معارض وصاحب رأي، ولا وظيفة لمن ليس "معنا".

تنفيذ المرسوم العام لا يجب أن يكون جزئيا بل بشمولية النص العام، وهو ما يجب أن يكون المقياس، ولا انتخابات حقيقية دون تطبيق حقيقي للمرسوم بكل مكوناته.

وتتجسد الكارثة عندما يصبح تنفيذ المرسوم/ القانون مرتبط بفعل أو رد فعل لهذا الفصيل أو ذاك، وليس إعمالا بالقانون، أو هو الحق الأساسي الذي ضمنه الدستور (القانون الأساسي)، حيث يرى بعض ممثلي السلطة المشهد في الضفة تقريبا "وردي"، وربما يفوق كثيرا دول تدعي الديمقراطية، خاصة في أوروبا.

تنفيذ القانون، وبالتالي المرسوم لا يجب أن يرتبط بموقف أو تشريط، ولا صلة بما تقوم به حركة حماس، التي تمثل نموذجا موضوعيا لحالة القهر الديمقراطي، وتمارس حركة إرهاب فريدة، لا تقتصر على مصادرة كل قطاع غزة لخدمة تنظيمها العام، السري والعلني، المدني والأمني، وأصبح النظام الحكومي حمساويا خاليا من "الغرباء".

حماس بذاتها ليست تنظيما لقياس المنسوب الديمقراطي، فهي حركة "طائفية التكوين" ترى في خصومها عند الخلاف إما "خائن" أو "كافر"، وما بينهما يجب أن يكون ذيلا سياسيا لا أكثر، ولسنا في وقت مراجعة سلوك معلوم جدا، ولعل حالة انكار وجود معتقلين سياسيين في سجونها ليست سوى بعضا من نكرانها العام بأنها حركة قمع سياسي.

وحماس كما ممثلي السلطة أيضا، ترى أن "الحكم المخطوف" في قطاع غزة "نموذجي جدا"، بل هو الأبرز عالميا ربما.

جوهر المرسوم تنفيذ القانون، وليس تنفيذ بعض منه مقابل، هذه ثقافة لا صلة لها بالقانون، ولا يجب التفسير الجزئي – الانتقائي، بل الشمولي لو حقا يراد الحديث عن "القانون".

متابعة تنفيذ المرسوم ليس للفصائل ذات المصالح الخاصة، بل مسؤولية عامة وشعبية أولا، ولمؤسسات المجتمع المدني ثانيا، كي لا يتم تقزيم المرسوم بعملية المعتقلين هنا وهناك، ويصبح تنفيذها رشوة على حساب الكل الغائب من الحريات العامة.

الرقابة يجب ان تنتقل لآلية محاسبة لكل من خطف القانون لحسابه الخاص، وليكن صندوق الانتخابات وسيلة الرد العملي والحقيقي على مصادرة الحقوق بمسميات مختلفة.

ملاحظة: رد السلطة وحركة فتح على ما نشره الإعلام العبري بان الرئيس عباس يرى أن "نتنياهو هو الخيار"، ليس ردا مقنعا أبدا..بدها بيان بدون "لعثمة سياسية"...واذا صعب تكتبوه إسالوا أهل الخبرة في الداخل المغتصب.

تنويه خاص: بدايات الحملة الانتخابية تؤشر ان العلاقات "الوطنية" ستبقى محاطة بجدار من الظلامية بأشكالها السياسية – الفكرية، فمن يرى بالآخر"عدوا" لا يمكن تصويب "انحراف" عقله بعد أسابيع...خطر الدعاية كبير!

اخر الأخبار