ناصر القدوة والرهان الخاسر..

تابعنا على:   09:45 2021-03-11

أمد/ لم يكن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح  ناصر القدوة هو الشخص الوحيد الذي تحدث وقال أن إنهاء الإنقسام يجب أن يسبق الإنتخابات , فهناك الكثير من الكتاب وأصحاب الرأي والساسة تبنو هذا الرأي , ولكنهم لم يتخذو مواقف تجعلهم يضلون الطريق نتيجة عدم الإهتمام برأيهم , لأنهم يدركون ببساطة أن السياسة ليس الصح والخطأ بقدر ما هي القوة والضعف , بمعنى أن الفرد الذي يكون على صواب أحياناً لا يستطيع مواجهة الجماعة حتى لو كانت على خطأ , فهذه هي موازين القوة في السياسة "التكتلات والإئتلافات والأغلبية" فهي التي تحكم بغض النظر عن الخطا والصواب , ولكن ناصر القدوة أطاح بهذا العرف السائد بين الأحزاب السياسية وقرر أن ينشق عن حركة فتح لمجرد أنه لم يتقبل ما تنتجه موازين القوى في عالم السياسة , رغم أنه يعلم جيداً وبحكم منصبه في فتح  مصير من يغرد خارج السرب , فهل ناصر القدوة  يراهن على طريق آخر غير فتح ؟ أم يراهن على طريق الإصلاح داخل فتح.. ؟

برأيي أن ناصر القدوة سيخسر الرهان إذا ما أصر على موفقه من الإنشقاق عن حركة فتح , فالخسارة الأولى هي أنه خلال أيام قليلة سيتم فصله أو تجميد عضويته من اللجنة المركزية , لأن قرار حركة فتح بما يخص الإنتخابات كان واضحاً , وهو عدم ترشح أي شخص يحمل رتبة قيادية في فتح أو في السلطة لإنتخابات المجلس التشريعي , وعدم ترشحهم في قوائم مستقلة بعيداً عن قائمة حركة فتح , وأعتقد أن هذا القرار في الحركة يتحول الى قانون يمتثل إليه كل من هو مؤطر في الحركة , وبناء عليه سيكون فصل القدوة من اللجنة المركزية قانوني بموجب هذا القرار , أما الخسارة الثانية وهي أن القوائم المستقلة والتي يبني عليها القدوة طموحاته السياسية , لم تحظى بشعبية كافية في مجتمعنا الفلسطيني , لأن مجتمعنا الفلسطيني ذات غالبية مسيسة ومؤطرة تنظيمياً , إضافة الى أن الشعب دائماً يتبع مصالحة الذاتية والتي من وجهة نظرة لم تتحقق إلا من خلال القوتين السياسيتين المهيمنتين على المشهد الفلسطيني وهما "فتح وحماس" وهذا يقلل من حظ المستقلين أو حتى من حظ  الأحزاب الصغيرة في المنافسة الإنتخابية , ويقزم من دورهما , ولهذه الأسباب المرتبطة بمزاج الشعب وإختياره المبني على المصلحة الشخصية , يخسر القدوة رهانه على أن ينجح بقائمته المستقلة بعيداً عن موقعه المرموق في حركة فتح والذي سيفقده خلال أيام .

أعتقد أن ناصر القدوة أخطأ عندما إختار الإنشقاق عن حركة فتح بحجة الإصلاح , فهو يعلم أن النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته وأحزابه بحاجة الى إصلاح , فلا تقتصر المسألة على حركة فتح بعينها, والإصلاح دائماً يأتي من داخل أطر الحركة وليس من خارجها , فيجب أن يعلم القدوة أن الرهان على الإصلاح من خارج الحركة هو رهان خاسر , إلا إذا كان هذا الرهان ناتج عن قرار مغامر  ونزوة شخصية  أراد أن يجازف بها القدوة ضارباً بكل ما سيخسره بعرض الحائط , وهذا ما أرجحه ككاتب بحكم قرائتي بما يدور في عقول الساسة , وخاصة من يحبون المجازفة  حتى ولو كانت على حساب سمعة وهيبة حركة كحركة فتح , فكان يجب على القدوة أن يكون أكثر وعياً وأكثر تحملاً للمسؤولية تجاه حركة عريقة  قدمت الشهداء والجرحى والأسرى , ولا زالت تقدم , فحركة فتح تستحق الوحدة وليس الإنشقاقات , لأن حركة فتح فكرة وليس مجرد أشخاص , فالأشخاص يموتون والفكرة لا تموت .

كلمات دلالية

اخر الأخبار