فيس بوك والانتخابات الفلسطينية

تابعنا على:   10:30 2021-03-14

د. اماني القرم 

أمد/ يعتبر الفيسبوك أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخداماً من قبل الفلسطينيين، حيث ما يقارب من91% من إجمالي مشتركي الانترنت في فلسطين لهم حسابات فيسبوكية. وعليه فهو أحد المؤثرات القوية في حياة الفلسطيني المقهور لأنه يمنح احساساً بالقوة والثقة بعيداً عن قيود الواقع، فمن جهة يعدّ بمثابة ساحة مفتوحة في كل وقت لعرض الرأي والتنظير بحرية، ومن جهة أخرى هو عالم موازي يتم فيه تكوين تجمعات اختيارية بشكل طوعي بديلة عن الاسرة والقبيلة والتنظيمات. 

ولأن الفترة الحالية هي فترة تنافس انتخابي شديد الشراسة بين مجموعات متزاحمة، من المرجح أن يلعب الفيس بوك دوراً لا يستهان به في التوجه الانتخابي الحالي. فناخب 2021 لا يشبه ناخب 2006 فالأول ديجيتال والثاني ما تبقى من الانتماء للتنظيم والفكرة . استطاعت بعض التنظيمات والحركات السياسية  الفلسطينية التي استوعبت أدوات الاستقطاب والجذب الحديثة إلى انشاء بنية تحتية عبر الانترنت للتأثير على سير المعلومات والسلوك السياسي والأجندة المقترحة لرواد الفيسبوك مستخدمة أنماطاً متعددة في التأثير المباشر وغير المباشر يتم من خلالها في كثير من الأحيان نشر معلومات مضللة وإشاعات كاذبة. 

بتاريخ 21 يناير 2021أوقفت إدارة الفيسبوك شبكة فيسبوكية منشأها غزة وتمتد الى بلجيكا والامارات. الشبكة تحتوي على 178 صفحة وثلاث مجموعات و206 بروفايل و14 حساب انستجرام . وهذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها الفيسبوك معلومات حول حذفه صفحات فلسطينية من غزة،  وتمت مشاركة هذه المعلومات مع "مرصد الانترنت" التابع لجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي قام بدوره بإصدار تقرير تحليلي (جدير بالقراءة) حول صفحات الشبكة الموقوفة. السبب في ايقاف الشبكة ليس محتويات منشوراتها وإنما ل"السلوك الزائف" حسب وصف إدارة الفيسبوك ،بمعنى أنها تعود لأشخاص وكيانات غير موجودة، فضلاً عن استخدامها لحسابات مخترقة لمشاهير لم تكن فعالة مسبقاً وبدأت بعدها في بث محتوى سياسي فلسطيني. 

تقرير مرصد الانترنت التابع لجامعة ستانفورد اعتبر أن هذه العملية غير مشروعة لأنها تهدف للتضخيم الزائف لمرشح فلسطيني معين وتياره أثناء فترة انتخابات . المفاجأة ان جميع صفحات الشبكة الزائفة تنشر محتوى يقود الى هدفين: الأول دعم لمحمد دحلان والثاني نقد للرئيس محمود عباس. وقد لخص تقرير ستانفورد الروايات التي تدعم الهدفين وهي: فيديو "الرواية المفقودة" التي تظهر الخلاف بين الرئيس محمود عباس ودحلان من وجهة نظر الاخير، إظهار علاقة وثيقة بين دحلان والأيقونة التاريخية ياسر عرفات ، إدانة اسرائيل والولايات المتحدة، المساعدات الانسانية ودعم الصحفيين. كما أبرز التقرير مدعوماً بالأدلة والصور تكتيكات الشبكة الزائفة في تسويق رواياتها ونشرها حيث تبث محتوى متشابه في نفس الوقت، وأحيانا يعاد نشره في الدقيقة الواحدة عدة مرات لإظهار شعبية زائفة وغير حقيقية تبعا لمؤشرات وإحصائيات تم استخدامها في التقرير.  

هذا وتضم الشبكة كما أورد التقرير خمس صفحات نشطة كمنافذ اخبارية، أربع منها بالعبرية لوسائل اعلام اسرائيلية ومراكز فكرية وواحدة بالعربية وجميعها مسروقة ومنتحلة شخصية الصفحات الحقيقية. ويتم إعادة نشر المحتوى الأصلى في الصفحات الزائفة لإعطائها مصداقية خادعة. الغريب أن محققي ستانفورد تساءلوا باستنكار عن مدى أهمية وتأثير وجود صفحات عبرية في تغيير توجهات الناخبين الفلسطينيين؟؟  

وفي نهاية التقرير يدعو مرصد الانترنت الى التحقق من اعلان فيسبوك حول وجود روابط بين جزء من هذه الشبكة و أشخاص مرتبطين بشركة تسمى " Orientation Media"أنشئت في بلجيكا أغسطس 2020! 

كلمات دلالية

اخر الأخبار