ناصر القدوة والإسلام السياسي ومسيلمة الكذاب

تابعنا على:   09:59 2021-04-03

أشرف صالح

أمد/ لو كان مسيلمة الكذاب على قيد الحياة , لما إستطاع أن يتقن كذبة "أن الحزب السياسي الذي يسعى الى الحكم والسلطة , هو نفسه الذي يمثل الإسلام ويتحدث بإسمه"  وهذه الكذبة بالطبع حملت إسم حركات إسلامية كما أرادو لها منظريها , وأيضاً حملت إسم "الإسلام السياسي" كما أرادو لها خصومها , وفي كلا الحالتين أصبحت هذه الكذبة خنجر في ظهر الإسلام الصحيح والذي لا يختلف عليه إثنان  من العقلاء , وأصبحت ذريعة لأعداء الإسلام سواء من الشرق أو الغرب ليثبتوا أن الإسلام أصبح مادة دسمة للوصول الى السلطة والحكم , والأخطر من ذلك أن مصطلح الإسلام السياسي لا يزال محط خلاف بين خصومه ومنظريه , فإذا ما تم مدحة من فريق ما , توجهت أنظار بعض السذج من الناس الى حزب سياسي معين بالإعجاب كونه يتبنى هذه الكذبة , وفي المقابل إذا ما تم إنتقاده من فريق ما , توجه بعض السذج من الناس لمهاجمة من إنتقده بذريعة الدفاع عن الإسلام , وفي الحقيقة هم لا يعرفون الفرق بين الإسلام السياسي , والإسلام الحقيقي والتي تعتبر السياسة جزء منه كباقي مكونات الحياة البشرية .

ناصر القدوة لم  ينتقد الإسلام السياسي من باب الإساءة للإسلام كما فهم البعض , ولكنه أراد أن يقول أن بعض الأحزاب السياسية إستغلت إسم الإسلام بهدف الوصول الى الحكم والسلطة , وأنها أصلاً لا تمثل الإسلام سواء من باب الحكم والتشريعات , أو من باب المعاملات والعبادات , ودليل ذلك أن ناصر القدوة وصف أحزاب الإسلام السياسي "بالإسلاموية" والمقصود بذلك أن الأحزاب السياسية ليس لها علاقة بالإسلام من الناحية الشرعية إلا بالمسمى فقط , والدليل على ذلك أن هذه الأحزاب لا تقيم الخلافة الإسلامية , ولا تحكم بالشريعة الإسلامية  وتقيم الحدود والقصاص , ولا تحكم  بالقرآن والسنة , فكل ما بالأمر هو مجرد مسميات لها أهداف سياسية , وقد يختلف القدوة مع دعاة الخلافة الإسلامية كما يختلف الكثير من الساسة والكتاب والمفكرين معهم  , وذلك بسبب سلوكهم المتعصب , ولكن هذا لا يمنع أن يختلفوا أيضا مع من يحملون إسم الإسلام كدعاية للوصول الحكم والسلطة .

لماذا الكثير من الشخصيات السياسية والأحزاب هاجموا ناصر القدوة بمجرد ما إنتقد الإسلام السياسي ؟ هناك بعض أحزاب الإسلام السياسي تشعر بأن الإنتقاد الموجه للإسلام السياسي هو موجه لها بشكل مباشر , ولذلك فهي تدافع عن نفسها قبل أن تدافع عن المصطلح بحد ذاته , وتحاول في دفاعها أن تتهم المنتقد بأنه يهاجم الإسلام جملتاً وتفصيلا , أما بعض الشخصيات والأحزاب اليسارية والعلمانية فهي هاجمت ناصر القدوة من باب مجاملة أحزاب الإسلام السياسي , وخاصة أن الكثير منهم لا زالوا مختلفين مع بعضهم البعض على تعريف الإسلام السياسي لغتاً وإصطلاحاً , فموضوع الإسلام السياسي لا زال محط خلاف بين الجميع من ناحية التسمية والتأثير كما أشرت في بداية مقالي .

في النهاية يجب أن نحسم الخلاف بما يتعلق بالإسلام السياسي من الناحية الشرعية والفقهية  , وبغض النظر عن الأشخاص والصراعات وتصفية الحسابات السياسية , فعليك أن تختار , إما أن تكون مسيلمة الكذاب وتدعي الإسلام من باب تمييزك عن الآخرين وبدافع الوصول الى الحكم , وإما أن تطبق الإسلام جملتاً وتفصيلا كي تكون إسم على مسمى , لأن  المسمى الحقيقي والشرعي هو "السياسة الإسلامية" وليس "الإسلام السياسي" لأن الإسلام هو الدين الحاضن والمنظم لكل ما يتعلق بالبشر , فالسياسة تعد جزء من منظومة الدين والشريعة , كما الإقتصاد والقضاء والمعاملات والعبادات وكل ما يتعلق بحكم البشر وسلوكهم مع بعضهم البعض , ولذلك يجب أن نتفق جميعاً أن الإسلام هو الحياة بكل تفاصيلها , وكتاب الله وسنته مرجعية للحكم والقضاء بين الناس , وقد لا نملك القدرة والمقومات في هذه الفترة  كي نحكم حرفياً بكتاب الله وسنته كوننا شعب تحت الإحتلال , ولكننا نملك كشعب أن نضع حداً وتفسيراً واضحاً لما نراه الآن من أحزاب تحتكر الإسلام كمسمى , وأحزاب تناي بالخلافة بالطريقة التي قد تشوه صورة الخلاف وتكره الناس فيها .  

كاتب ومحلل سياسي

كلمات دلالية

اخر الأخبار