الاستبداد السياسي وتغييب العقل في نظام الحكم

تابعنا على:   16:47 2021-04-04

محمد جبر الريفي

أمد/ كل السلطات المستبدة في دول العالم سواء أكانت علمانية أو دينية تعادي العقل حفاظا على استمرار السلطة السياسية أطول مدة زمنية ممكنة لتمارس دورها في عملية القمع السياسي وتعميم الظلم الاجتماعي وإشاعة جو من القهر في المجتمع بكل اشكاله مما يعمل بشكل خاص في بلدان العالم الثالث ومنها اقطارنا العربية على استدامة مظاهر التخلف الحضاري التي نتجت عن عهود الاستعمار وعمقتها علاقات التبعية السياسية والاقتصادية بعد حصول الاستقلال الوطني لأن في تغييب العقل هو عدم إفساح المجال لحرية الرأي والتعبير وأعاقة لعملية تداول السلطة و الأخطر من ذلك كله هو تعميم الجهل ليعيق عملية التقدم الاجتماعي.

الغرب لم ينهض من مساوىء عصر الاقطاع السياسي ويبني حضارته البرجوازية ذات الطابع المادي التي تكاد تخلو من أي قيمة روحية إلا بعد أن تخلص من استبداد الكنيسة التي كانت ترى في النشاط العقلي مظهرا من مظاهر الكفر و الإلحاد وذلك حفاظا على سلطتها السياسية الكهنوتية.

في الحالة العربية الراهنة انتعش الفكر التكفيري الظلامي بعد أحداث الربيع العربي على يد التنظيمات الإسلامية المتطرفة في محاولة لتقويض الديموقراطية كنهج علماني مخالف للفكر السياسي الديني فكان مصير هذه الثورات الانحراف عن أهدافها المعلنة في اقامة أنظمة ديموقراطية بديلة لأنظمة الاستبداد والفساد السياسي ..لقد أصدمت عملية التحول السياسي في المنطقة بإلتقاء نهج التفكير الظلامي التكفيري المتطرف بالمصالح الامبريالية في المنطقة فكانت الفوضى السياسية والأمنية التي اجتاحت بعض دول المنطقة والتي مقدر لها أن تكون بيئة سياسية صالحة لترتيب أوضاع المنطقة وخلق شرق أوسط جديد تذوب به الرابطة الوطنية والقومية لصالح الانتماء الديني والطائفي والعرقي.

في مواجهة هذا الصراع الدموي على السلطة السياسية الذي يدور في أكثر من قطر عربي خاصة في سورية الشقيقة ويجد من القوى الإقليمية والدولية من يدعمه سعيا وراء تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية وكسب مناطق للنفوذ السياسي والاقتصادي لذلك فإن الضرورة الوطنية والقومية تستدعي القيام بدور هام للقوى السياسية العربية في نشر التوعية بين الجماهير على أهمية النشاط العقلي في تجديد الحياة السياسية العربية بكافة أشكالها بما فيها التخلص من مظاهر الاستبداد التي تنوعت في نظام الحكم في الدول العربية لا فرق فيها بين الأنظمة الملكية والأنظمة الجمهورية حيث عرف النظام السياسي العربي حكم العائلة والطائفة والطبقة والحزب والعسكر والتوريث وكلها سلطات مستبدة معادية لنهج الديموقراطية ومنافية للنشاط العقلي الذي تقوم عليه الحضارات.

السؤال ..متى تتخلص الحياة السياسية من ذلك كله الذي يسود في واقعنا العربي فتفسح المجال للعقل كي يشكل النظام السياسي ووسائل تداول السلطة فيه ؟.

اخر الأخبار