36 ثورة وانتخابات

تابعنا على:   16:39 2021-04-10

عائد زقوت

أمد/ لقد استوقف الجميع العدد الكبير للقوائم الانتخابية، المترشحة للانتخابات التشريعية الفلسطينية، وتباينت الآراء حول الدافع الذي يقف خلف هذه الرغبة الجامحة للترشح للانتخابات، مع تحفظ الكثيرين على هذه الحالة، إلا أنه في جميع الأحوال لا غضاضة في ذلك، بل وأتصور أنه من الطبيعي ان تسيطر هذه الحالة في ظل وجود الاحتلال وتداعي الأكلة إلى قصعتها من كل حدب وصوب إضافة إلى الاعتلال الذي أصاب الشعب الفلسطيني بكل مكوناته.

 ولكن ما لفت انتباهي وشدني للوقوف عند هذه الحالة هو الرقم 36 وما يعنيه هذا الرقم في تشكيل الوعي العام الفلسطيني في مواجهة الاحتلال البريطاني، والذي عمد إلى انشاء دولة الكيان المغتصب على أرض آبائنا وأجدادنا، فما أشبه اليوم بالبارحة فلقد رفض الشعب الفلسطيني الذل والخنوع وهبَّ في مواجهة الاحتلال وتشكلت الخلايا وظهر القادة الأبطال فمنهم من قضى نحبه شهيداً ومنهم من ينتظر، وتوالت الأحداث وصولاً إلى مرحلة العصيان المدني، وحاولت بريطانيا جاهدة وأد هذه الأمواج المتلاطمة وتحطيمها فاستخدمت قوتها العاتية وجبروتها الظالم ولجأت إلى الزعماء العرب ليستخدموا نفوذهم على الفلسطينين، لوقف تلك الاحتجاجات والمظاهرات.

 وكالعادة تمكنت القيادات العربية، من إقناع أو اخضاع الفلسطينين وانتهت أحداث أقوى مواجه ضد بريطانيا والتي سجلت تاريخيا بثورة 1936، وبعد مرور سنوات طويلة كأداء قاتمة وضعت حملها من قتل وتشريد وتهجير وتشتيت وملاحقة للشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده بعد حروب النكبات والنكسات والإرتدادات، إلا أن هامة الفلسطيني لم تنحنِ ولم تنكسر ولم تذل ولن تُذَل أبدا، بعد فضل الله بجحافل الشهداء والجرحى والأسرى التي تقدمت الصفوف على مدى تاريخ مواجهة المحتل، إلى أن حط الانقسام الفلسطيني رحاله، وفت في عضد الشعب وحقق للاحتلال ما لم يستطع عليه بكل ما يملك من قوة وجبروت، فانشغل الفلسطينيون بأنفسهم وحارت بهم الأحداث، وأصبحت الفرقة والتشرذم عنوانهم، والبحث عن الهجرة شعارا لهم، وبات الجميع في حيص بيص، فقد انعدمت الثقة، وانتشر الفقر وبصحبته المرض والجريمة، واعتلى الهوان قمم الناس.

فهل ينجح الرقم 36 بما يحمل في طياته بعضاً من قوائم وشخصيات منها المتردية والنطيحة وما ذُبِحَ على الأنصاب خرَّبَت ما خرَّبَت، واستغلت الشعب ما استغلت، واستَرَقَّت الناس وسرقتهم، ومنهم من تخلى عن الشعب وتركه وحيدا سليبا في محنته ثم عاد ليجني ما فاته.

فهل للرقم 36 أن يحيي الأنفس بعد موتها ويوقظها من غفلتها وسباتها، ويذكرها بماضيها التليد وما فعله آباؤنا وأجدادنا في تلك السنين النيرات ويبنوا جسراً مُعَبَداً، سنا برقه يخطف الأبصار، كي لا تزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر مرة أخرى ونتخطى هذه المرحلة العرجاء العجفاء النحيلة النحيفة الهزيلة، ونعيد لفلسطين فلسطينيتها فلسطينية القرار والنضال والوجهة والعمق، ليسجل التاريخ مرة أخرى لهذا الرقم بريقاً من نور أم سيعود الرحى للدوران ليطحن ما تبقى من مخزون الجماهير من عزة وكرامة وانتماء لكل شيء جميل.

 إن هذه المهمة الثقيلة تقع على كاهل الحركات والفصائل الفلسطينية بتوقفها عن الغرور والكذب وصناعة الوهم، ثم على كاهل الشعب، الذي يجب أن يكون معياره في الاختيار الشرف والوفاء لا المنح والعطايا البخسة المذلة المهينة، على الشعب أن يميز بين من أسال دماءنا على الإسفلت، بثمن بخس دراهم معدودة، وأحال قضيتنا من الحرية والتحرير إلى البحث عن الطحين والسردين، وبين من استعصم فأبى الإفراط والتفريط، على الشعب أن يتخلى عن مفهوم كُلْ خيرهم وانتخب غيرهم، والذي تكسبه اليوم لن تجده غداً، فتضيع الأمانة وتنتحر الآمال ثم نتباكى على اللبن المسكوب ونضجر من أهوال الأحوال .

كلمات دلالية

اخر الأخبار