المشهد السياسي قبل بناء الهيكل

تابعنا على:   22:24 2021-05-07

ناهض زقوت

أمد/ اسرائيل ومعها البنائون الاحرار مجتهدون بكل قوة لتهويد القدس وتغيير معالمها على الارض من حيث التركيبة السكانية والجغرافية، كانت البداية التوافق الدولي غير المعلن مع الادارة الامريكية باعتبار القدس كلها عاصمة لاسرائيل انسجاما مع القرار الاسرائيلي في عام 1980 الذي اعتبر القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل.

لم تكن اسرائيل ومعها المجتمع الدولي تجرؤ قبل عشرين سنة على هذا الاعلان، لأن ثمة قوة عربية وفلسطينية قادرة على قلب الطاولة على رأس كل من يوافق على هذا القرار، وعندها اعلنت الامم المتحدة رفضها للقرار الاسرائيلي وأكدت ان القدس الشرقية جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 .

ولكن حين بدأ الوهن والبحث عن المصالح الذاتية والحزبية تعلو على قيمة الوطن، لم تعد القدس في نظر البعض الفلسطيني إلا أرض  محتلة كما باقي الاراضي الفلسطيني، مع تغييب دلالاتها الرمزية على المستوى الديني والسياسي والحضاري والثقافي، سقطت القدس في براثن التهويد الاسرائيلي الذي تمسك بالدلالات التي تنازل عنها البعض الفلسطيني. وعندها لم يستطع كل المجتمع الدولي أن يجبر اسرائيل على اجراء الانتخابات في قلب القدس، لانهم متوافقون بشكل غير معلن على القرار الامريكي المدعوم من البنائين الاحرار الذين يستعدون لبناء هيكل سليمان، سواء بتدمير المسجد الاقصى أم تقسيم المكان.

إن المشهد السياسي العربي والفلسطيني يحث الخطى في الوهن والضعف نحو التسليم ببناء الهيكل دون أدنى مقاومة.
وإذا حاولنا قراءة المشهد السياسي العربي الذي يعتبر العمق الاستراتيجي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني، نجده مستسلما لرغبات اسرائيل والبنائين الاحرار، وما يحدث هذه الأيام في القدس من انتهاكات للمسجد الاقصى وترحيل المقدسيين من بيوتهم واحلال المستوطنين مكانهم، دون أن نسمع صوتا عربيا ضاغطا على اسرائيل للتراجع عن موقفها، اللهم إلا مادة اعلامية لا تختلف عن المادة الفلسطينية في الدفاع عن القدس.

إن حالة القابعين من المحيط إلى الخليج، ومن سواحل المتوسط إلى الحدود الافريقية، ومن دعاة فيلق القدس إلى كل البلدان الاسلامية، يؤكدون على حالة السكون العربي والاسلامي المريبة تجاه القدس، ويعبرون عن حالة من الذل والهوان لم تشهدها الامة العربية والاسلامية في زمان القادة الكبار.

لقد قال شيراك الرئيس الفرنسي عقب وفاة الرئيس الشهيد ياسر عرفات: أنه بعد موته لن يكون الشرق الاوسط كما كان. حقا لم يعد الشرق الاوسط كما كان في زمن ياسر عرفات على كل المستويات المحلية والاقليمية والدولية، ثمة تراجع كبير جدا عن مركزية القضية الفلسطينية، وأصبحت الذاتية الاقليمبة ومصالحها التطبيعية مع اسرائيل أهم من القدس.
ونحن لماذا نلوم العالم العربي؟ فالنكبة كانت على المستوى الفلسطيني، حالة الانقسام السياسي التي جرت عقب وفاة الشهيد ابو عمار، فقد كانت بداية التراجع عن الثوابت الوطنية لصالح الثوابت الحزبية، ودعمت دول اقليمية حالة الانقسام ورسخت جذوره بدعم اسرائيلي.

وما زالت اسرائيل تدعم وتساند هذا الانقسام، وما موقفها الاخير الرافض لانتخابات القدس إلا دليلا على أن مصلحتها في الانقسام أكبر من مصالحتها في الوحدة الفلسطينية. يدرك الفلسطينيون ذلك ويعلمون علم اليقين أن إسرائيل لا تدعم الانقسام لانها خائفة، بل تحاول اسرائيل استكمال مشروعها في تهويد القدس لتصبح جاهزة لبناء الهيكل على الارض، بعد أن مهدت له بالتطبيع العربي، واخضاع الفلسطينيون بالاستسلام لارادتها.

ودعواتنا للعرب والمسلمين وبعض الفلسطينيين بالصلاة قريبا في هيكل سليمان
لقد وصل حالنا إلى ما وصل إليه عبد المطلب للبيت رب يحميه.

اخر الأخبار