جنود إسرائيل العرب ... التوبة!

تابعنا على:   20:57 2021-05-16

أمد/ بيروت: قصّة تجنيد الفلسطينيين العرب في صفوف الجيش الإسرائيلي تعود تاريخياً إلى عام 1956 بعد سنّ قانون التجنيد الإجباري لأبناء الطائفة الدرزية، ورغم النجاح النسبي إلا أنه شهد تراجعاً ملحوظاً في السنوات الاخيرة، كما شهد التجنيد في صفوف الإسرائيليين تراجعاً كبيراً، لذلك اعتمدت مؤسسات التجنيد الاسرائيلية خلال السنوات الأخيرة على مفهوم "الحرب النفسية" لدفع الفلسطينيين العرب في الداخل الفلسطيني للتجند في الجيش الاسرائيلي.

ورغم أن اعداد الجنود العرب في الجيش   غير معروفة، الا أن النسبة التي وقعت في الفخ ساهمت في صنع صورة "الجندي العربي في الجيش الإسرائيلي"، واستثمرت السلطات الاسرائيلية في السنوات الماضية موارد وميزانيات كبيرة لزيادة نسبة المجندين العرب في الجيش والشرطة، كما خصصت منشآت واطراً حكومية ملائمة لاختراق المدارس العربية ولكسر الحواجز بين الشباب العرب والمؤسسة العسكرية الاسرائيلية.

ومع الرفض المجتمعي الذي لا يقبل التجنيد، سجلت العديد من المشاهد الرافضة لـهؤلاء الجنود، تمثلت برفض الصلاة على جثامينهم، بخاصة الذين قتلو أثناء خدمتهم العسكرية خلال الحرب على قطاع غزة، وعدم اعتراف العديد من العائلات بأبنائها الذين خدموا في الجيش لما سببوه من عار لهم ، كما رفضت عائلات اخرى تزويج بناتها بجنود عرب بسبب خدمتهم العسكرية في صفوف العدو، الا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية استغلت الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها العرب داخل اسرائيل وحولت مفهوم التجنيد ليتوافق مع سياساتها التميزية بحقهم، وجندت العملاء وبعض المخاتير وشيوخ العشائر ورؤساء الطوائف لتشجيع الشبان على الانضمام الى الجيش والشرطة، بخاصة في المدن والبلدات المهمّشة والمسلوبة الاعتراف من الجليل وحتى النقب.

يعود قبول الشبان الخدمة في الجيش الاسرائيلي غالباً الى رغبتهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، في ظل ارتفاع نسب البطالة في صفوفهم وانعدام الفرص وازدياد نسب الفقر، واستمرار سياسة الهدم وصعوبة الحصول على تصاريح بناء التي حدت من التطور الطبيعي للمواطنين العرب وحصرتهم في اماكن جغرافية معينة تشبه الغيتوات، وتسببت بالاكتظاظ السكاني في المدن والبلدات العربية.  وهكذا انجر بعض الشبان للإغراءات المادية والامتيازات المالية التي ركزت المؤسسة العسكرية على الترويج لها، وعلى ما يبدو فان الرفض الجماهري للتجنيد لم يكن كافياً لردع الشبان للامتناع تماماً عن التفكير حتى بالخدمة العسكرية، فانتشر في الفترة الاخيرة مشهد شبان يرتدون البزات العسكرية في المرافق العامة في المدن والبلدات العربية.

لكن انقلاب المشهد السياسي خلال الأيام القليلة الماضية في مدن الداخل بعد تصاعد التوتر والمواجهات الليلية التي تشهدها يومياً، وارتفاع هجمات المتطرفين اليهود على المدن المختلطة، اللد وحيفا ويافا والرملة وعكا، والتعبئة الاعلامية من اليمين واليمين المتطرف الاسرائيلي ضد العرب الفلسطينين والتي تسببت بمحاولات اعدام ميدانية طالت الشبان العرب في اللد وبات يام ومحاولة حرق عائلة في مدينة يافا، شكلت نقلة نوعية في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي، كما كشفت هشاشة مفهوم "التعايش" الذي لا طالما تغنت به الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة متناسية الفروقات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية بين العرب واليهود، فسقطت الأكاذيب وسطرت صفحة جديدة ومنحنى تاريخياً اخر.

أبرزت هذه العوامل مجتمعة ظاهرة جديدة بدأت تنتشر وتتنامى عبر صفحات التواصل الاجتماعي، تمثلت بتخلي عدد من عناصر الشرطة العرب عن وظائفهم في سلك الشرطة وتخلي بعض الجنود العرب عن الخدمة العسكرية، كما اعتذر بعض من وقع في فخ الخدمة المدنية عن الاستمرار في عمله داخل المؤسسات الحكومية الاسرائيلية، لتشكل هذه الظاهرة مفترقاً جديداً في حياة اولئك الاشخاص على  المستويات كافة، الشخصية والعملية والاقتصادية والاجتماعية.

حراك "ارفض شعبك بيحميك"أصدر بياناً في ضوء هذه التطورات قال فيه:" نحن في الحراك الفاعل ضد التجنيد الاجباري المفروض على الفلسطينيين الدروز، نحيي جميع الشباب المنسحبين على موقفهم، نرحب بكم و يسعدنا تقديم الدعم لكم في أي وقت، ونود التوجه للشباب الدروز الفلسطينيين. نحن نعلم مدى صعوبة الانسحاب من التجنيد كونه اجبارياً، خصوصا بعد الانخراط، لكن الحب والدعم والاحترام هي كل ما سيستقبلكم به شعبكم".

ميسان حمدان الناشطة في الحراك قالت لــ "النهار العربي": "السنوات الماضية شهدت ازدياداً في نسبة تجنيد العرب غير الدروز المنضمين للجيش والشرطة الاسرائيلية وللخدمة المدنية بسبب تكثيف عمل المؤسسة الاسرائيلية في القرى الفلسطينية في الداخل، ونشر الاكاذيب حول موضوع التجنيد والخدمة المدنية والامتيازات التي يوفرها انضمام الشابات والشبان ومنحهم مركزاً اجتماعياً. وكل هذه المشاريع من خدمة مدنية وعسكرية وشرطة تتبع الجهار  نفسه، جهاز الامن التابع لدولة الاحتلال وبالتالي يحق للدولة في حالة الحرب ان تطلب من جميع اولئك الاشخاص الانضمام الى صفوف المحاربين الذين يحاربون أبناء شعبنا، واخيراً تم سجن شبان يهود لرفضهم الخدمة في الجيش بعد جهود وعمل حثيث لمؤسسات و منظمات إسرائيلية تهدف لتوعية الشبان لرفض الخدمة العسكرية".  

وأضافت حمدان: "الموجة التي نشهدها بعد المواجهات في القرى والمدن العربية بدأت تزداد يوميا، لدينا الان ما يزيد عن 30 منسحبا من الخدمة في الجيش والشرطة قاموا بتصوير انفسهم ونشروا رسائل وأعلنوا انسحابهم، يعود ذلك الى الاحداث التي نشهدها في الفترة الاخيرة بسبب وحشية غير جديدة لكنها غير مسبوقة تنتهجها قوات الاحتلال في الشيخ جراح بداية وانتقلت وتطورت الى المدن والبلدات الفلسطينية في الداخل. السلطات الاسرائيلية أعادت البلدات العربية الى فترة الحكم العسكري واستخدمت المجندين العرب واجهة للقمع، وأي شاب منهم لديه ضمير حي و يرى انه سيتحول اداة قمع لأهله ولأبناء بلدته لن يتخبط و يفكر مرتين بين البقاء او الانسحاب. بالتأكيد سينسحب من الاجهزة الامنية الاسرائيلية من دون تردد".

وخلصت حمدان الى القول إن "النشطاء في الحراك دائماً ما يتوجهون إلى الشبان بالحديث عن وضع الشبان الدروز نظراً الى كون التجنيد اجبارياً لهم، فالدرزي يخدم ثلاث سنوات دولة تعتبره درجة رابعة، أرضه مصادرة وبيته مهدد بالهدم، فعن اي امتيازات تتحدث هذه الدولة؟ الشبان الدروز لا يحصلون على أي امتيازات وفي النهاية ينظر اليهم من قبل دولة الاحتلال نظرة فوقية، وفي نظر مجتمعه هو خائن، وهذا يسري أيضا على أي فلسطيني يخدم طوعاً في الجيش والشرطة". 

كلمات دلالية

اخر الأخبار