سياسات تعزيز الشراكة بين القطاعات الفلسطينية لمواجهة جائحة "كورونا"

تابعنا على:   12:06 2021-06-17

مادلين الحلبي

أمد/ مقدمة

لم يكن خلال جائحة كورونا تفاعل حقيقي بين القطاعات الرئيسية الثلاثة (العام، الخاص، الأهلي) لمواجهة تداعيات الجائحة، وذلك بسبب انعدام الشراكة، مع أن اللجنة الوطنية العليا المشكلة لمواجهة الجائحة تضم في عضويتها القطاعات الثلاثة.

وعلى الرغم من تأكيد أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولًا"، (2017-2022)، الصادرة عن الحكومة الفلسطينية، على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلا أن الحكومة فشلت في وضع خطة وطنية جامعة قائمة على الشراكة بين كافة الأطراف، بما فيها القطاعين الخاص والأهلي في مواجهة أزمة كورونا.

يتشكل المجتمع الفلسطيني من قطاعات متعددة تؤهلها للشراكة، إلا أنه يتمتع بحالة من الخصوصية في ظل السيطرة الاستعمارية من جهة، وبدء تكوين بعض قطاعاته في إطار منظمة التحرير والتجمعات الفلسطينية في الخارج من جهة أخرى، إلى جانب القطاعات الموجودة أصلًا على الأراضي الفلسطينية، أو شُكّلت بشكل متزامن في الداخل تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وتطورت في عهد السلطة الفلسطينية، وتنقّلت تلك الخصوصية والإشكاليات بين كل المراحل، من المنظمة إلى السلطة دون علاج، ما يعني وجود علاقة بين القطاعات الثلاثة بنيت على تشوهات هيكلية، ومنعت من تحقيق الشراكة فيما بينها بشكل حقيقي طيلة السنوات الماضية، وظهرت بشكل جلي مع أزمة جائحة كورونا.

يمكن تعريف الشراكة بشكل إجرائي بأنها علاقة من التبادلية والتكاملية بين القطاعات، ضمن إطار قانوني ومؤسسي ناظم، لتحقيق الاستفادة المطلقة من كفاءات وقدرات كل قطاع لتحقيق النتائج المرجوة.

في هذا السياق، اختلف ذوو الاختصاص والباحثون في تحديد طبيعة العلاقة بين القطاعات، التي حددها البعض بعلاقة تعاون، أو علاقة تشابك من وقت إلى آخر[1]، أو نواة قد تؤسس لحالة من الشراكة مستقبلًا[2]، أو علاقة من عدم التوازن. وبالإضافة إلى ذلك، قدّم العديد من الأبحاث والدراسات توجهات لتعزيز الشراكة،إلا أن أثرها كان ضعيفًا في معالجة القصور في طبيعة العلاقة، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، منها ضعف الثقة بين الأطراف، وعدم وجود إطار سياساتي ينظم العلاقة، وبالتالي ضعف البيئة القانونية.

تسعى هذه الورقة إلى تحليل العلاقة بين القطاعات الثلاثة في ظل جائحة كورونا، ومن ثم تقديم اقتراحات سياساتية لتعزيز الشراكة بينها.

هدف الورقة

تقديم سياسات تساهم في بناء شراكة بين القطاعات الثلاثة في مواجهة الأزمات بشكل عام، ومواجهة تداعيات جائحة كورونا بشكل خاص، إضافة إلى تحليل كافة أبعاد المشكلة السياساتية، والتعرف إلى تجليات المشكلة خلال الجائحة وتداعياتها على كافة القطاعات.

المشكلة السياساتية

كشف انتشار فيروس كورونا في الضفة الغربية وقطاع غزة عن حجم الثغرات الكامنة في العلاقة بين القطاعات الرئيسية الثلاثة، إذ بعدما جرى تشكيل لجنة الطوارئ العليا التي تضم هذه القطاعات، كانت العلاقة والمشاركة فيما بينها شكلية وليست مبنية على أسس الشراكة الفعلية.

وكشفت أزمة كورونا المشكلة الحقيقية في طبيعة العلاقة بين هذه القطاعات، فالخلل القائم بنيوي، ورغم وجوده استمرت الشراكة بينها طيلة السنوات الماضية بشكل اسمي، دون وجود إطار ناظم ومحدد لهذه العلاقة، مما أدى إلى تشوّه في البنى الذاتية والهيكلية للقطاعات المختلفة.[3]

وظهر أن الأزمة كانت تدار بشكل منفصل في كل من الضفة والقطاع، بدلًا من بلورة إستراتيجية موحدة ترفع قدرات القطاعات المختلفة على مواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للانتشار المتسارع للوباء، وما يرافقه من إجراءات تمس مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطنين.

وبحسب رأي الخبراء، تعاملت الحكومة الفلسطينية مع القطاعين الخاص والأهلي في هذه الأزمة كممول وشريك في تحمل الأعباء، ومنصة لدعم السياسات الحكومية، دون إشراكه في السلطة التنفيذية أو التخطيط ووضع السياسات اللازمة، إلى جانب أن القطاعين الخاص والأهلي لم يستطيعا تقديم نفسيهما أمام القطاع العام بشكل فاعل وحقيقي للحفاظ على مصالحه أمام السياسات الحكومية.[4] لذا، تسعى الورقة لرسم سياسات تعزيز الشراكة بين القطاعات الفلسطينية لمواجهة الأزمات، خاصة أزمة كورونا، بعد تحديد أبعاد المشكلة والتعرف إلى تجلّياتها وتداعياتها.

أبعاد المشكلة السياساتية

إن الإشكالية التي تحاول الورقة السياساتية معالجتها متراكمة مع تحولات بنى القطاعات الثلاثة في المجتمع الفلسطيني منذ زمن، ولها أبعاد متعددة، وهي:

أولًا: البعد السياساتي

تعمل القطاعات بتوجيه سياساتي من قبل الحكومة الفلسطينية، التي أدت هي الأخرى إلى تعميق المشكلة السياساتية على النحو الآتي:

ازدواجية السياسات في عمل القطاعات ما بين حكومتي أمر واقع، بفعل الانقسام الفلسطيني.

القصور الحكومي في إعداد خطط أو برامج إصلاحية وتنموية لدعم القطاعين الأهلي والخاص، ومثال على ذلك ما حدث من انهيار للقطاع الخاص في قطاع غزة عقب الحصار الإسرائيلي.

عدم إشراك القطاعين الخاص والأهلي بشكل فاعل في إدارة المؤسسات العامة المتعلقة برسم التشريعات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن أغلب البلديات قامت بوضع خططها دون إشراك ممثلين عن القطاع الخاص.[5]

وقوع القطاع الخاص لتقلبات الحكومة والسياسة في البلاد[6]، إلى جانب الأسلوب البيروقراطي المتمثل في الإجراءات التي تواجه القطاعين الخاص والأهلي في الحصول على الأذونات والتراخيص.

سياسات الحكومة غير المشجعة على المخاطرة بمشاريع في القطاع الخاص في ظل الخلل في هيكل الإنفاق العام، الذي تشكل النفقات التشغيلية الجزء الأكبر منه، وليس نفقات تطويرية للبنى التحتية أو مشاريع تنموية إستراتيجية للقطاعات البنيوية الاقتصادية والاجتماعية بعد ما وصل العجز في الموازنة العامة الذي إلى أكثر من 760 مليون دولار.[7]

ثانيًا: البعدان القانوني والتنظيمي

هناك إشكاليات قانونية متعددة في طبيعة العلاقة بين القطاعات الثلاثة، مع أن القانون الفلسطيني شرّع الشراكة من حيث المفهوم، من خلال قانون مبدأ الشراكة في الشأن الاقتصادي العام على أساسيات السوق الحر للعام 2003، وقانون الأشغال العامة رقم (6) للعام 1996، وقانون اللوازم رقم (9) للعام 1998 ... وغيرها.[8]

وتبرز الإشكالية القانونية الأساسية في تعطّل المجلس التشريعي بسبب الانقسام، وضعف القوانين وآليات العمل بها، وهذا يظهر في نقاط عدة، ومنها:

قانون الحكم المحلي الذي يقر بمركزية الحكم للقطاع العام والمؤسسات الحكومية.[9]

لم يراع قانونا الأشغال العامة واللوازم مفهوم الشراكة، وإشراك القطاع الخاص في رسم السياسات المتعلقة بالأشغال والمشتريات العامة، وتضمين القطاع الخاص في لجنة العطاءات المركزية.[10]

ضعف القانون الفلسطيني في سنّ قوانين حول العقود الناظمة للخصخصة والامتياز وتشجيع الاستثمار، وقانون يكفل المساواة بين المتنافسين وليس الاحتكار.

ضعف القانون الفلسطيني في إقرار قانون حول إجراء العقود الإدارية، وإجراءات رقابية تضمن النزاهة والشفافية فيها.[11]

هناك ضعف قانوني في تأطير القطاعين الخاص والأهلي بالشكل الكافي[12]، وإصدار التشريعات اللازمة لإيجاد أجسام تمثيلية قوية ومنظمة مؤسسيًا، قادرة على الدفاع عن مصالحها أمام القطاع العام.

ضعف التأطيرين المؤسسي والقانوني لكافة القطاعات للفصل بين ما هو تنظيمي "حزبي" ومؤسسي، ما أدى إلى التداخل الحزبي والصلاحيات الممنوحة لكل قطاع، الذي انعكس في وجود فساد إداري ومؤسسي، واعتماد سياسة التعيين في المناصب الإدارية على خلفيات حزبية وسياسية وليس وفق الكفاءات، ما دفع بعض الأحزاب السياسية إلى اتباع نظام المحاصصة وغياب الدور الديمقراطي في المؤسسات كافة.

وهناك إشكاليات متعددة في الجانب التنظيمي، مثل غياب وجود جهاز تنظيمي ومؤسسي مستقل لمراقبة إنجازات القطاعين الخاص والأهلي ضمن العطاءات والعقود المتعهدة لهما من قبل القطاع العام، وعدم وجود محاكم إدارية متخصصة في التنظيم القانوني للشراكة وعقودها[13]، إضافة إلى غياب وجود هيئات رقابية وتقييمية.

ثالثًا: البعد التخطيطي "إستراتيجية مستدامة لتنمية المجتمع الفلسطيني"

تختلف القطاعات الثلاثة في توجهاتها الرئيسية، فقد طرح القطاع العام والحكومات الفلسطينية المتلاحقة الأجندة والخطط الفلسطينية لبناء الدولة تحت وجود الاحتلال الإسرائيلي. أما القطاع الخاص فيعمل على بناء استثمارات واقتصاد واقع تحت الاحتلال، فيما يسعى القطاع الأهلي للحصول على التمويل الخارجي تحت الشروط السياسية للدولة المانحة، وفي ظل وجود الاحتلال.

يتمثل العامل المشترك المانع لتنمية كافة القطاعات ووصولها إلى رؤية إستراتيجية في وجود الاحتلال الإسرائيلي، إذ لا يسعى أي قطاع للاستقلال، بل تعمل هذه القطاعات تحت هذا التناقض الأساسي في العلاقة فيما بينها.

ويمكن الاستدلال على المشكلة فيما يأتي:

غياب برنامج وطني مشترك بين كافة القطاعات، يوزع المسؤولية على كل طرف[14]، ومثال ذلك أزمة القطاع الخاص مع العام حول ضريبة الدخل والإيرادات والمسؤولية الاجتماعية والوطنية[15] بسبب الانقسام السياسي، ولجوء بعض الشركات والبنوك إلى القيام ببعض المشاريع كإعفاء وتعويض عن دفع الضرائب على الرغم من تسويق القطاع الخاص لها على أنها مسؤولية اجتماعية ووطنية.[16] كما أن الشركات الكبرى الفلسطينية غير مسجلة وطنيًا وإنما دوليًا على الرغم من عملها على أرض الوطن.

غياب نظام معلوماتي يضمن اتساق المعلومات بين الأطراف، والبناء عليها في عملية التخطيط فيما بعد.

السيطرة المباشرة للسلطة الفلسطينية على الاقتصاد الفلسطيني "علاقة السلطة برأس المال"[17]، وهذا يظهر من خلال توزيع الريوع الاحتكارية وعقود الامتياز لأشخاص متنفذين لدى السلطة، ما أدى إلى تراكم رأس المال، ووجود طبقة بيروقراطية في القطاع العام تنسل تدريجيًا إلى الطبقة الرأسمالية.

الاختلال في حوارات المصالحة الفلسطينية، وغياب مشاركة حقيقية وفاعلة للمجتمع المدني والقطاع الخاص، على الرغم من تقديم العديد من الرؤى لإتمام المصالحة، لكن القطاع العام لم يتعامل معها بجدية كافية.

يدعم القطاع العّام حركة مقاطعة إسرائيل، لكن دون تبني خطة إستراتيجية وسياسات فاعلة للمواجهة المشتركة بين كافة القطاعات.

رابعًا: البعد التمويلي "سياسات التمويل"

لا توجد رؤية موحدة ضمن الأهداف الوطنية لقبول التمويل الخارجي الذي يشكل أكثر من 70% من الروافد المالية للسلطة الفلسطينية، وهذا الأمر انعكس على منظمات العمل الأهلي التي لم تستطع بلورة سياسات موحدة بين جميع مؤسساتها لقبول التمويل الخارجي المشروط بأهداف سياسية.

ويمكن الاستدلال على المشكلة من خلال قبول بعض مؤسسات المجتمع الأهلي بشروط الاتحاد الأوروبي الجديدة المقرة في كانون الأول/ديسمبر 2019، على الرغم من تعارضها مع الأهداف الوطنية بشكل واضح.

خامسًا: البعد الاحتلالي

يعمل الاحتلال الإسرائيلي على عدم تكامل الأدوار بين القطاعات، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تضييق الحيز السياساتي المتاح للقطاعات لإعداد السياسات والخطط التنموية على أرض الواقع، بما يخدم وجود الاحتلال فقط، وهذا يظهر في:

العوائق الإسرائيلية المانعة للاستثمار الفلسطيني في مناطق (ج) في الضفة الغربية، والتوسع الاستيطاني، والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.[18]

تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي بحسب بروتوكول باريس، الذي أدى إلى تشوّه هياكل الاقتصاد، وخلق مشاكل بنيوية في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

العوائق الإسرائيلية المفروضة على شبكة المواصلات والنقل، وما أدت إليه من تجزئة الأراضي الفلسطينية عن بعضها البعض، وفصل الأقاليم والأسواق عن بعضها البعض، والسيطرة على كافة الحدود والمعابر الفلسطينية.[19]

سادسًا: البعد الهيكلي للقطاعات

بنيت القطاعات في إطار هياكل مشوهة، ويمكن الاستدلال على المشكلة من خلال ما يأتي:

ضعف الأجسام التمثيلية في القطاعين الخاص والأهلي أمام القطاع العام.

ضعف إمكانات القطاع الخاص وفاعليته، خاصة أن أكثر من 90% من مؤسساته تصنف كمؤسسات صغيرة أو متناهية الصغر.

ضعف الوعي العام لدى الجميع حول أهمية الشراكة. فعلى مستوى القطاع الخاص غالب المشاريع مشاريع مملوكة لشخص واحد، يسعى لتحقيق الربح وليس التنمية.[20] أما على مستوى القطاع العام فهناك نقص في الخبرة الفنية اللازمة لدى موظفي القطاعات، ولدى المحامين حول إجراء عقود الشراكة.

الانتفاع المجاني للمواطنين من الخدمات المقدمة لهم، إذ إنّ 70% من المواطنين لا يدفعون الرسوم مقابل الخدمات البلدية.[21]

الطابع الغالب لمؤسسات المجتمع المدني هي المرحلية، لارتباطها بنشاط شخصي، وليس في إطار تنظيمي مؤسسي متكيف بشكل زمني وجيلي ووظيفي.[22]

غياب التجانس والتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني في ظل الاختلاف حول المصالح الشخصية بين أعضاء وقيادات المجتمع المدني، إذ إن غالب المؤسسات الأهلية لا تعمل بنفس الرؤية في شقي الوطني بفعل الانقسام.

أثر كل ما سبق بشكل مباشر على طبيعة الشراكة في مواجهة الأزمات التي تمر بها القضية الفلسطينية، وخاصة أزمة كورونا، لا سيما أن البعد القانوني الذي يشكل حجر الأساس لبناء الشراكة مليء بالإشكالات

وأدت هذه الإشكاليات السابقة إلى خلق قطاعات ضعيفة بنيويًا ومتعاظمة، وتنمو بسرعة كبيرة في ظل هياكل مشوهة، إذ بلغ عدد مؤسسات القطاعين الخاص والأهلي أكثر من 145 ألف مؤسسة[23]، إلى جانب مؤسسات القطاع العام، لكن تأثيرها ضعيف وغير قادرة على مواجهة الأزمات المحدقة بالمجتمع الفلسطيني بالشكل المطلوب.

وعلى الرغم من وجود أشكال وأنواع متنوعة للشراكة إلا أنها آنية وليست ضمن رؤية إستراتيجية بعيدة المدى، مثل شراكات استثمارية أو شراء خدمة. أما المشاريع الإستراتيجية ذات الإطار الزمني الطويل، فحسب ما أعلنت البلديات أن 12.6% من مشاريعها الكبيرة تنفذ بالشراكة مع القطاع الخاص، وقد باشرت بحوالي نصف هذه المشاريع بعد العام 2001.[24] وعند قياس أثر هذه المشاريع على أرض الواقع يكون ضعيفًا جدًا مع احتياجات التنمية المطلوبة في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي.

وخلق أزمة من الثقة بين جميع القطاعات عدم وجود إطار ناظم للعلاقة فيما بينها، وما ينظمها أهواء شخصية وسياسية وحزبية، إلى جانب رؤية كل قطاع للآخر، فمثلًا تسود رؤية القطاع العام على أن إطاره السياساتي محدود وغير فعّال، أما القطاع الخاص فيبحث عن الأرباح والاستثمارات فقط، فيما يعمل القطاع الأهلي لصالح أجندة شخصية وضمن رؤية التمويل الخارجي.

 القطاعات الفلسطينية بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية

ارتهنت القطاعات الفلسطينية للسياق التاريخي والسياسي لدولة فلسطين، فكان عملها يأتي كانعكاس للمستجدات السياسية، ما خلق حالة من الخصوصية في تكوينها في ظل غياب الدولة ووجود الاحتلال الإسرائيلي.

ونتيجة لذلك، نجد أن عمل القطاع الأهلي سبق القطاع العام، ليكون دوره كتعويض جزئي عن غياب الدولة ومؤسساتها في تقديم الاحتياجات الاجتماعية والإنسانية.

ساهمت منظمة التحرير بإنشاء العديد من الهيئات والاتحادات والنقابات التابعة لها، لتكون بمنزلة أذرع اجتماعية للفصائل السياسية، ومع قيام الانتفاضة الأولى بدأت مؤسسات المجتمع الأهلي تنتقل إلى مرحلة التحضير للدولة وبناء المجتمع.[25] واتسم العمل الأهلي خلال هذه الفترة بالسرية والتعقيد بسبب الاحتلال، إلى جانب أن منظمات المجتمع المدني أخذت طابعًا أهليًا، حيث لعبت العلاقات العائلية والعشائرية والتنظيم الحزبي دورًا في تأسيسه، فضلًا عن اللامركزية وغياب المؤسسية في ظل التشتت الفلسطيني.

ومع مجيء السلطة الفلسطينية، خلق هذا التحول واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا جديدًا، الأمر الذي انعكس في التحول البنيوي والأيدلوجي لمؤسسات القطاع الأهلي بسبب الاشتراط السياسي للتمويل الخارجي، وتحويل غالبه للسلطة الفلسطينية، ما خلق حالة من التنافسية بين القطاعين العام والأهلي حول الدور والمجال في تقديم الخدمات.[26]

وتم تنظيم عمل القطاع الخاص من جديد بعد جذب الشركات والمستثمرين الفلسطينيين لإنشاء الشركات الكبرى، مثل شركة الاتصالات، وشركة إنتاج وتوزيع الكهرباء، ما أدى إلى انتعاش القطاعات السياحية والمصرفية والخدمية.

ترافقت فترة تشكيل القطاعين العام والخاص مع وجود العديد من الإشكاليات، التي ظهرت في الفساد الإداري والمؤسسي، بحسب تقرير الرقابة العامة للعام 1996، الذي كشف عن مؤشرات لوجود فساد إداري، منها غياب الهيكل التنظيمي، وغياب المؤسسية، ووجود تضخم وظيفي، وتداخل الصلاحيات الممنوحة، وغموض الاختصاصات.[27]

تضمنت خطط التنمية الحكومية المتلاحقة منذ العام 2008 مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، لكن دون وجود إجراءات تنفيذية واضحة للشراكة، ويظهر ذلك في استمرار تكرار مطالب القطاع الخاص في كافة مؤتمرات الحوار الوطني مع القطاع العام منذ العام 2000 حتى حكومة محمد اشتية الحالية، التي كان أبرزها: خلق بيئة قانونية، وتطوير التشريعات المتعلقة بالشراكة، ومأسسة العلاقة بين القطاعين، والتعامل معه كشريك.[28]

وشكّل الانقسام السياسي عاملًا جديدًا يعيق عملية التنمية في المجتمع الفلسطيني، بسبب ازدواجية السياسات بين حكومتين، لتطال تداعياته كافة القطاعات بشكل سلبي.

القطاعات وجائحة كورونا

جرى تشكيل هيكل لإدارة الأزمة لمواجهة فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية، بعد صدور المرسوم الرئاسي الأول لحالة الطوارئ في آذار/مارس 2020، وتضمن الهيكل ثلاثة مستويات:

المستوى الأول: مستوى سياسي ممثلًا بالرئيس، ورئيس الوزراء، والقيادة السياسية، ولجنة الطوارئ العليا ممثلة برئاسة الوزراء. وكانت القرارات تصدر من خلال هذا المستوى، مثل إعلان حالة الطوارئ وما يتبعها من قرارات إغلاق.[29] وتضمنت لجنة الطوارئ العليا 22 وزيرًا، و6 مؤسسات حكومية غير وزارية، إلى جانب 38 شريكًا آخر من القطاعات الأخرى.[30]

المستوى الثاني: مستوى تنفيذي مكون من الأجهزة الحكومية المدنية والأمنية والمحافظين عن كل محافظة، مع لجان فرعية في المحافظات والبلدات من التنظيمات والأحزاب.

المستوى الثالث: المستوى الإعلامي.

وعملت الحكومة في هيكل إدارة الأزمة ضمن نموذج "الإستراتيجية الصارمة والتوازن بين الصحة والاقتصاد"، لكن كانت الأولوية للتدابير الصحية والوقائية على النحو الآتي:

فرض إجراءات التباعد الاجتماعي، وتطبيق الحجر الصحي المنزلي، ومنع التجمعات، وإغلاق المناطق الموبوءة، إلى جانب إغلاق كافة المعابر والحدود، وإغلاق كافة القطاعات باستثناء القطاعات الحيوية، مثل الصحة والأمن وسلاسل التوريد.

وكانت هذه الأولوية على حساب خسائر القطاعين الخاص والأهلي، اللذين يشغلان أكثر من 66% من العمال، و90% من الاقتصاد الفلسطيني ككل، إذ أُغلق 74% من منشآت القطاع الخاص، ما أدى إلى تعطيل أكثر من 320 ألف عامل في الضفة والقطاع.[31]

وعلى الرغم من أن الحكومة الفلسطينية وضعت ضمن المعايير الأساسية لنموذج إدارة الأزمة، تكامل الشراكات مع القطاعين الأهلي والخاص، لكن ظهر أنه لم يُشْرَكَا في كافة الجهود والإجراءات والسياسات المتخذة، على الرغم من تأكيد إشراكهما في كافة القرارات والسياسات.[32]

لم تستجب الحكومة لمطالب القطاع الخاص في تشكيل لجنة طوارئ اقتصادية، وكان التعامل معه كمزود خدمة للقطاع العام، ما أدى إلى توسيع الفجوة بين القطاعات ضمن معادلة التوازن المطلوبة بين الإجراءات الصحية والضغوطات الاقتصادية والاجتماعية.

أدت سياسات الحكومة المتخذة في مواجهة الفيروس إلى تداعيات على كافة القطاعات الاجتماعية والاقتصادية أكبر من أن يتحملها قطاع واحد دون الآخر، ويمكن الاستدلال على ذلك في عدة مواضع منها: السياسات المصرفية والائتمانية التي أدت إلى ارتفاع ظاهرة الشيكات المرتجعة لأكثر من 80%[33]، والاستحقاق المالي للمواطنين والمؤسسات، وارتفاع دين الحكومة للقطاع الخاص لأكثر من 1 مليار دولار أميركي[34]، إضافة إلى سياسات الحكومة تجاه القطاع الصحي الخاص الذي راكمت الديون لأكثر من 1.2 مليار شيكل.[35]

لم تكن سياسات الحكومة الداعمة كافية بالشكل المطلوب لتعويض الخسائر القطاعية، على الرغم من إنشاء صندوق مع سلطة النقد والبنوك بقيمة 300 مليون دولار[36] لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن غالب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر أغلقت.

لم تتخذ الحكومة إجراءات فاعلة لإعادة توزيع الدخل بما يضمن حقوق الفئات الضعيفة، واستمرار القوة الشرائية، بينما أصدر خلال هذه الفترة سلسلة تعينات لمناصب عليا لذوي النفوذ.

في المقابل، لم يقم القطاع الخاص بواجباته بشكل وطني ومسؤول على أكمل وجه، وظهر ذلك في صندوق "وقفة عز"، الذي هدف إلى تركيز الجهود الوطنية للمساهمة في مواجهة تداعيات أزمة كورونا، ووضعت الحكومة هدفًا بوصول التبرعات إلى أكثر من 20 مليون دينار أردني، لكن الصندوق لم يجمع حتى 9/5/2020 سوى 11 مليون دينار.[37]

كما أن عددًا قليلًا من المنشآت (حوالي 13%) التزمت بدفع أجور العاملين أثناء الإغلاق، أما الغالب منها فلم يلتزم بقرار الحكومة بالدفع للعاملين أثناء تعطلهم القسري.[38]

وكشفت الجائحة عن هشاشة القطاع الخاص الفلسطيني في امتصاص صدمة الجائحة، إلى جانب أن تمثيله أمام الحكومة لم يكن جامعًا وشاملًا للمطالبة بحقوقه.

وعلى صعيد القطاع الأهلي، اعتبر أن الحكومة أدارت ظهرها لمؤسسات المجتمع المدني[39] فيما يتعلق برسم السياسات الوطنية، وتهميشها من المشاركة في وضع هذه الخطط، معتبرًا أنه يتم تهميشه من الوسط السياسي والحكومة[40]، في ظل توقف التمويل الخارجي.

كما أن القطاع الأهلي لم تكن لديه رؤية موحدة حول آلية العمل في ظل الجائحة، وغياب التنسيق بين مؤسساته، ولم يكن دوره فاعلًا في رفض تمديد حالة الطوارئ لأكثر من 6 أشهر خلافًا للدستور الفلسطيني، أو في حملة الاعتقالات على خلفيات سياسية أثناء فترة الإغلاق.

وظهر غياب التنسيق والتواصل الفعّال بين جميع الأطراف بعد إصدار المرسوم الوزاري في  كانون الأول/ديسمبر 2020 القاضي بالإغلاق التام في كافة المحافظات، وتخفيض القوة الإنتاجية في كافة القطاعات إلى 50%، الأمر الذي ووجه بالرفض من ممثلي القطاع الخاص، وخروج تظاهرات في مدينة الخليل مناهضة لقرارات الحكومة[41]، إلى جانب أزمة توزيع اللقاحات التي وزعت على وزراء الحكومة ورجال الأمن وغيرهم من الفئات دون أي معايير صحية.

 البدائل السياساتية

تقدم الورقة ثلاثة بدائل أساسية من شأنها تعزيز الشراكة بين القطاعات، وما صاحبها من إشكاليات وتشوهات بنيوية لمأسسة تلك القطاعات، وإعادة هيكلتها قانونيًا ومؤسسيًا.

 المعايير العامة:

تحظى البدائل بواقعية عالية، فهي تتماشى مع توجهات الحكومة الفلسطينية الرامية إلى إجراء إصلاحات هيكلية، خاصة في ظل توجه رئيس الوزراء محمد اشتية نحو دمج وإلحاق وإلغاء عدد من المؤسسات الرسمية غير الوزارية.

تحسين الأداء العام وإصلاح الهياكل المؤسسية للقطاعات الفلسطينية مطلب أساسي لتنظيم عملية الشراكة.

ستظهر فرص الاستفادة من البدائل المقترحة على المدى البعيد كونه عملية تراكمية.

البديل الأول: إعادة هيكلة القطاعات الثلاثة

لا يمكن الشروع في حوار حول الشراكة بين القطاعات الثلاثة  دون العمل على إعادة هيكلتها من الداخل، بحيث يؤدي كل منها الدور المنوط به تبعًا لاحتياجات المجتمع. وهو ما يعني بناء إطار شراكة يحظى بقبول القطاعات الثلاثة ويلائم تدخلاتها بما يعود بالمنفعة على المجتمع. ويضاف إلى ذلك، أن إعادة هيكلة القطاعات تتطلب حوارًا مستدامًا حول تعزيز العلاقة والعمل المشترك.

وفي هذا الإطار، يطرح البديل إعادة هيكلة القطاعات الثلاثة على النحو الآتي:

أولًا: إعادة هيكلة القطاع العام

إن تعزيز الشراكة الفاعلة بين القطاعات تبدأ من إعادة هيكلة القطاع العام باعتباره الناظم وواضع السياسات للقطاعات الأخرى، فهو صاحب المسؤولية عن المجتمع. ويبرز ذلك في أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولًا"، وبالتحديد سياسة "الإصلاح وتحسين جودة الخدمات العامة"، التي تضمنت إصلاح هيكلة الهيئات المحلية، وتحقيق مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص. وبالتالي، إعادة هيكلة القطاع العام وشموليته للإجراءات والقوانين الناظمة هو أساس عملية الشراكة لباقي القطاعات.

تؤدي وضوح هيكلة القطاع العام إلى وضوح إطار الشراكة مع القطاعات الأخرى، ولتحقيق هذه الهيكلة يتطلب العمل في الاتجاهات الآتية:

البنى التحتية المادية والرقمية

التوجه نحو سياسات التحول الرقمي، من خلال بناء نظام معلوماتي واضح يعمل في إطار الحكومة الإلكترونية؛ لتعزيز آليات الوصول الرقمي للقطاعات الأخرى عبر بوابات الخدمات الإلكترونية الحكومية، التي من شأنها تعزيز الثقة بين القطاعات والمجتمع الفلسطيني ككل.

إعادة تنظيم المرافق والبنى التحتية المادية الحكومية، وملاءمتها لتوجهات الرقمنة والشراكة مع القطاعات الأخرى.

القوانين والتشريعات

إصدار تشريعات وقوانين فاعلة لتنظيم العلاقة بين القطاع الحكومي والقطاعات الأخرى.

إعداد لوائح وإجراءات تنفيذية متخصصة، بهدف تنظيم العلاقة بشكل دقيق بين الأجسام التنفيذية للقطاعات الثلاثة.

أدلة الإجراءات وجودة الخدمات

تطوير الأداء الحكومي، وتفعيل مبادئ الحوكمة في القطاع الحكومي، وتفعيل أدوات الشفافية والنزاهة.

تفعيل أدوات تقييم ومتابعة لأجندة وسياسات الحكومة في القطاع العام ومؤسساته، لضمان تعزيز الثقة مع القطاعات الأخرى.

إصلاح الأنظمة المالية والنقدية في القطاع الحكومي، وتحديثها إلكترونيًا، من أجل تسهيل المعاملات المالية والإجراءات لدى القطاعات الأخرى.

السياسات المالية

إعادة رسم السياسات المالية في القطاع العام، من أجل تعزيز الإنفاق الحكومي فيما يخص النفقات التطويرية في الخدمات والاستثمارات.

ثانيًا: إعادة هيكلة القطاع الخاص

تأتي أهمية القطاع الخاص الفلسطيني في أنه يمثل قوة محركة للاقتصاد الفلسطيني، إذ يشغل أكثر من 60% من العمالة الفلسطينية، ويساهم بنحو 80% من الإيرادات الضريبية في الضفة والقطاع غزة.

سياسات لإعادة هيكلة القطاع الخاص من خلال ما يأتي:

التوجه نحو الاستثمار الأجنبي المباشر الأكثر مرونة، وبناء شراكات مع الشركات الدولية والصناديق السيادية لبناء استثمارات طويلة الأمد في الأراضي الفلسطينية. وهو ما يعود بالنفع على القطاع العام من خلال زيادة إيراداته الضريبية، ويدعم التشغيل وتوليد فرص عمل.

بناء مجموعات ضغط قطاعية وأجسام تمثيلية فاعلة أمام القطاعات الأخرى، مثل الاتحادات والتجمعات العنقودية التي تنسجم مع التوجهات الحكومية نحو توطين التنمية والتنمية بالعناقيد.

دعم تسجيل الوحدات الاقتصادية الصغرى غير المسجلة في السجلات الرسمية.

العمل على تضمين بنود لها علاقة بمواضيع الشراكة ضمن اللوائح الداخلية للوحدات الاقتصادية.

دعم التوجهات الريادية والتحول الرقمي في قطاعات الأعمال، بما يعزز آليات التواصل مع القطاعات الأخرى.

ثالثًا: إعادة هيكلة القطاع الأهلي

على الرغم من أن القطاع الأهلي يُمثّل في بعض التجمعات، مثل "شبكة المنظمات الأهلية"، إلا أن حوار الشراكة مع القطاعات الأخرى ليس واضحًا بما يكفي، فضلًا عن أن الحكومة تولي اهتمامًا للحوار مع القطاع الخاص أكثر منه في القطاع الأهلي، رغم أهمية التدخلات التي يقوم بها هذا القطاع مع كافة الفئات بشكل عام، والفئات الهشة بشكل خاص، وحتى إن وجد شكل من أشكال الحوار بين القطاعين الحكومي والقطاع الأهلي فيكون ضمن حالات من التعاون لا ترقى إلى مستوى الشراكة الحقيقية في تصميم التدخلات واتخاذ القرارات.

لذلك، يتوجب على القطاع الأهلي تبنى السياسات الآتية:

تبني سياسة التجمعات العنقودية في القطاع الأهلي لبناء حوار فعّال مع القطاعات الأخرى.

تبني إطار حوكمة ملائم، يراعي خصوصية القطاع الأهلي الفلسطيني في تعاملاته مع القطاعات الأخرى.

تنظيم العلاقة بين المؤسسات القاعدية والتجمعات العنقودية في القطاع الأهلي.

البديل الثاني: العمل في إطار سياساتي ناظم لعلاقة شراكة آنية

إن معالجة التشوه البنيوي بين القطاعات من أجل تأسيس شراكة حقيقة وفعالة بحاجة إلى جهد ووقت، لكنه من غير الممكن الانتظار حتى إنهاء الانقسام، ووضع الأطر التشريعية والقانونية الناظمة لتلك الشراكة، دون الاستمرار في العمل. وبالتالي، يؤطر هذا البديل إلى بناء إطار سياساتي آني ناظم للعلاقة بين القطاعات، مما يسهم في تأسيس شراكة حقيقية ودائمة بينها، ويمكن البدء باعتماد هذا الإطار بشكل أولي للشراكة الإستراتيجية.

يتطلب هذا البديل بشكل أساسي ما يأتي:

إرادة حقيقية قائمة على التنمية المستدامة الآنية بين القطاعات.

وضع اللوائح والمبادئ التوجيهية التشغيلية للشراكة.

تشكيل لجنة من كفاءات القطاعات، لتبادل الخبرات وتطوير الأداء المؤسسي حول مفهوم ثقافة الشراكة، وأهميتها على مستوى تنمية المجتمع.

البديل الثالث: إطار تنسيقي (إطار خاص بعمل القطاعات الثلاثة)

يؤطر هذا البديل إلى بناء منظومة مستقلة، يؤسس لها الخبراء والأكاديميون، من أجل إقامة منظومة من البحث العلمي والإبداع.

إن تأسيس تلك المنظومة يتطلب اتخاذ الإجراءات الآتية:

إجراء مسح أولي وشامل لتحديد احتياج وقدرات كل قطاع ومؤسساته[42]، وتحديد الحيز السياساتي لعمل كل قطاع ومسؤولياته في ظل وجود الاحتلال.

العمل على تنفيذ برامج تأهيلية وإصلاحية لكافة القطاعات بعد دراسة تشخيصية لكل قطاع، حتى يصبح قادرًا على العمل ضمن علاقة شراكة حقيقية.

تحديد الأولويات لأهم المشاريع الإستراتيجية في بناء الشراكة، وتقديم دليل إرشادي لإجراءات الشراكة حسب كل مشروع.

إنشاء صندوق مشترك بين القطاعات يُوزع حسب مقدرة كل قطاع في المساهمة، ويكون هدفه الأساسي تطوير القطاعات ودعمها ضمن رؤية البرنامج التأهيلي والإصلاحي.

المفاضلة بين البدائل

إن إعادة هيكلة القطاعات يتطلب العمل بالتوازي، بدءًا بتنظيمه في القطاع العام، فهو القطاع المسؤول عن تنظيم الحوار والشراكة، وانتهاءً بمأسسة الإطار التنسيقي بينها، غير أن الظروف السياسية الآنية، تمنع إقامة الإطار، خاصة في ضوء جائحة كورونا. لذلك، تقترح الورقة البدء بتنفيذ البديل الثاني الذي يرسم سياسات آنية للشراكة بين القطاعات، ومن ثم تنفيذ البديلين الأول والثالث بشكل متوازٍ.

[1] مقابلة هاتفية مع حسن أبو لبدة، وزير اقتصاد سابق، 26/5/2020.

[2] مقابلة هاتفية مع محمود صبرة، أكاديمي في جامعة الأزهر، غزة، 28/5/2020.      

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.

[5] الشراكة بين القطاعين العام والخاص على مستوى البلديات، نيو فيجن New Vision Management، تشرين الأول/أكتوبر 2009.

[6] مقابلة هاتفية مع حسن أبو لبدة، مصدر سابق.

[7] البنك الدولي: 760 مليون دولار عجز الموازنة الفلسطينية بعد تسلم "المقاصة"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 24/11/2020: bit.ly/3csKQiU

[8] بلال البرغوثي: السياسات التشريعية في فلسطين والتوجه نحو الشراكة بين القطاعين، برنامج الإصلاح الديمقراطي المحلي - تواصل، وزارة الحكم المحلي، أيلو/سبتمبر 2009: bit.ly/35tfoNs

[9] أمجد غانم، الشراكات القطاعية القائمة في تقديم الخدمات العامة والبلدية على مستوى الهيئات المحلية، شركة النخبة للاستشارات الإدارية، كانون الأول/ديسمبر 2009: bit.ly/3pYIhuj

[10] المصدر السابق.

[11] مقابلة هاتفية مع وائل الداية، مستشار تنمية اقتصادية محلية، غزة، 30/5/2020.

[12] بلال البرغوثي، السياسات التشريعية في فلسطين، مصدر سابق.

[13] المصدر السابق.

[14] مقابلة هاتفية مع حسن أبو لبدة، مصدر سابق.

[15] مقابلة هاتفية مع محمود صبرة، مصدر سابق.

[16] المصدر السابق.

[17] المصدر السابق.

[18] رجا الخالدي، تنافسية القطاع الخاص الفلسطيني: تحليل من منظور اقتصادي سياسي، معهد أبحاث السياسات الفلسطينية (ماس)، رام الله، 2018: bit.ly/3wulVmV

[19] المصدر السابق.

[20] المصدر السابق.

[21] الشراكة بين القطاعين العام والخاص على مستوى البلديات، مصدر سابق.

[22] سائد أبو عدوان، دور منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في تعزيز التنمية البشرية، (رسالة ماجستير)، جامعة النجاح الوطنية، 2013.

[23] الإحصاء الفلسطيني يصدر بيانًا صحفيًا حول واقع مؤسسات القطاع الخاص والأهلي، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 27/10/2020: bit.ly/2TakICz

[24] الشراكة بين القطاعين العام والخاص على مستوى البلديات، مصدر سابق.

[25] عبد الرحمن التميمي، مؤسسات العمل الأهلي والتمويل: رؤية نقدية، السفير العربي، كانون الثاني/يناير 2011: bit.ly/3gkyri3

[26] رنا النشاشيبي ويحيى حجازي، الدور الوطني والاجتماعي لمؤسسات العمل الأهلي في فلسطين، المركز الفلسطيني للإرشاد، 2006: bit.ly/3v4dL3d

[27] عزيز كايد، تداخل الصلاحيات في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، حزيران/يونيو 1999.

[28] مؤتمر الحوار الرابع بين القطاعين العام والخاص، جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، 5/2/2014: bit.ly/3x1GG9s

[29] إدارة حالة الطوارئ الفلسطينية أثناء أزمة الوباء العالمي "كورونا – كوفيد 19"، مجلس الوزراء الفلسطيني، 15/6/2020: bit.ly/3pAKeNw

[30] بلال ستيتي وتهاني قاسم ومحمود هنية، سياسات فعالة لبناء نظام وطني لإدارة المخاطر في فلسطين، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، 23/5/2020: bit.ly/351T11r

[31] الخسائر والخاسرون في جائحة كورونا، مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، 13/7/2020: bit.ly/3pA7Xxb

[32] مقابلة هاتفية مع شاكر خليل، مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي، 1/6/2020.

[33] مقابلة هاتفية مع بسام ولويل، مدير اتحاد الصناعات الفلسطينية، 1/6/2020.

[34] مؤسسات القطاع الخاص بالضفة الغربية تخشى تكبُّد خسائر كبيرة، فلسطين أونلاين، 20/12/2020: bit.ly/3v3S8QI

[35] في ظل كورونا .. القطاع الصحي الفلسطيني ينهار بسبب سياسات الحكومة، صحيفة الحدث، 27/10/2020: bit.ly/2TfIYmH

[36] إدارة حالة الطوارئ الفلسطينية، مصدر سابق.

[37] أحمد عز الدين أسعد، "البلد بحمِلها أهلها": صندوق وقفة عز، تفاؤل العقل وتشاؤم الإرادة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 18/5/2020: bit.ly/2Tas1dE

[38] الخسائر والخاسرون في جائحة كورونا، مصدر سابق.

[39] تأثير جائحة كورونا وحالة الطوارئ على عمل مؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، 26/11/2020: bit.ly/3glNLuJ

[40] المصدر السابق.

[41] قرارات مجلس الوزراء الفلسطيني، مجلس الوزراء الفلسطيني، 7/12/2020.

 [42] أمجد غانم، الشراكات القطاعية القائمة، مصدر سابق.

كلمات دلالية

اخر الأخبار