إسرائيل وسياسة الأغنام والدجاج..

تابعنا على:   09:02 2021-06-28

أشرف صالح

أمد/ من أجمل الحكايات التي سمعناها منذ طفولتنا ولا زلنا نسمعها , هي حكاية الأبن الذي طلب من أبيه أن يبني له بيتاً , يحكي أنه في يوم من الأيام ذهب الأبن لأبيه ليطلب منه أن يبني له بيتاً مستقلاً ليسكن فيه مع زوجته وأولاده , وذلك بدلاً من الغرفة , فلما سمع أباه هذا الطلب قال له : يا بني أمهلني شيئ من الوقت كي أبني لك البيت , وفي اليوم الثاني جاء الأب الى غرفة الإبن مصطحباً معه الأغنام والدجاج , وطلب من إبنه أن يضعهما في غرفته بشكل موقت , وذلك لأنه يريد تنظيف المزرعة , ووافق الإبن أن يستضيف الدجاج والأغنام في غرفة نومه  رغم عن أنفه , لأنه كان  ينتظر أن يبني له أبيه بيتاً كبيراً , وغاب الأب عن أبنه أيام طويلة ولا يزال الإبن ينظر أن يعود أباه ويأخذ الدجاج والأغنام من غرفته , فلما طال الإنتظار ذهب الإبن الى أباه متوسلاً , وطلب منه أن يأخذ الأغنام والدجاج من غرفته كي يستطيع النوم هو وزوجته وأولاده , فوافق الأب أن يأخذ الأغنام من غرفة إبنه أولاً , وتم تأجيل ملف الجاج الى المفاوضات القادمة , وهكذا إستطاع الأب أن يجبر إبنه أن يفاوض على الأغنام والدجاج بدلاً من أن يفاوض على بناء البيت الجديد , بالإضافة الى أن الإبن نسي أنه كان يطالب ببناء بيت , وأصبح يفاوض على إخراج الأغنام والدجاج من غرفته .

بإختصار وللأسف الشديد هذه هي حكايتنا مع إسرائيل , إسرائيل تجسد شخصية الأب الذي وضع الأغنام والدجاج في غرفة إبنه كي يطالب بإخراجهما من غرفته وينسى أنه كان يطالب ببناء بيت جديد , ونحن الفلسطينيون نجسد شخصية الإبن الذي نسي أنه كان يطالب ببناء بيت جديد , وأصبح يطالب بإخراج الأغنام والدجاج من غرفة نومه , وهذا بالإضافة الى الوقت المهدور في مفاوضات إخراج الأغنام والدجاج من غرفة النوم .

منذ بداية الإنتفاضة الثانية وإنتهاء أوسلوا , وإسرائيل تبني المستوطنات في الضفة الغربية , ليصبح الإستيطان عبارة عن ملف سياسي يتم التفاوض عليه مستقبلاً , وتنتهي الثوابت مثل حل الدولتين بالتقادم , ويصبح الإنسحاب من المستوطنات من الثوابت التي سنفاوض عليها كفلسطينيين مستقبلاً .

أما غزة فمنذ حرب الفرقان مروراً بكل الأحداث والحروب , وصولاً بحرب سيف القدس , فالثوابت في المفاوضات أصبحت عبارة عن موافقة إسرائيل على بناء ما تم هدمه على يد إسرائيل , والنصيبة أن الأموال ليس من إسرائيل , وأيضاً من الثوابت أن يتم فتح المعابر بعد تسكيرها , وهي كانت مفتوحة من الأصل , وأيضاً من الثوابت عودة الصيد لما كان عليه قبل الحرب , بإختصار أصبحت ثوابت المفاوضات بين غزة وإسرائيل , هي عودة الحياة كما كانت قبل حرب سيف القدس .

السؤال , لماذا فقدنا الثوابت الحقيقية وأصبحنا نفاوض على أقل القليل , والمصيبة الأكبر أن إسرائيل أحياناً ترفض هذه المفاوضات , الجواب بالتفصيل يحتاج الى مئة مقال نظراً للتراكمات والخطايا , ولكن العنوان لكل هذه التراكمات هو الإنقسام .

كلمات دلالية

اخر الأخبار