نبض الحياة..

دعما للرئيس قيس والشعب

تابعنا على:   08:53 2021-07-28

عمر حلمي الغول

أمد/ خطى الرئيس التونسي، قيس سعيد خطوة دراماتيكية مساء الأحد الموافق 25 تموز / يوليو الحالي لمواجهة ازمة اليلاد الحادة، تمثلت في حل البرلمان، وإقالة حكومة المشيشي، والتي خلال ما يقرب من العام، اي منذ تسلمت مهامها في الثاني من ايلول / سبتمبر 2020 لم تتمكن من تحقيق خطوة واحدة إيجابية لصالح الشعب. لا بل كانت من أكثر الحكومات التونسية تعطيلا لدور المؤسسات الحكومية، وعمقت الأزمة الإقتصادية والصحية، وزادت من نسبة الفقر والجوع، وتفشي الأمراض وعمليات الفساد المالي والقضائي والإجتماعي. وحدث ولا حرج عن دور البرلمان برئاسة راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة منذ الإنتخابات التشريعية في تشرين اول / اكتوبر 2019، الذي مارس وحركته الإخوانية دورا معطلا للعملية الديمقراطية، ومارس الترهيب لإنصار الكتل البرلمانية الأخرى، وسعى للإستئثار بالسلطة، والإنقلاب على دور الرئيس قيس سعيد.

واعقب الرئيس سعيد قراراته باعلان حالة منع التجول لمدة شهر في عموم تونس، واوكل لوكلاء الوزارات (الكتاب العموميون) مهام الوزراء لحين تكليف رئيس حكومة يساعده في إنفاذ عملية الإصلاح الدستورية وحماية العملية الديمقراطية خلال الثلاثين يوما القادمة. ولطمأنة كافة القوى والنخب السياسية دون استثنا، وقبل ان يعلن عن قراره الرئاسي إستنادا للمادة 80 من الدستور التونسي، إتصل سعيد مع كل من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، وابلغهما توجهه باقالة الحكومة وحل البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب جميعا، لملاحقة كل المتورطين في نهب البلاد، وتعميق عملية الفساد السياسي والمالي والقضائي والإجتماعي والطبي، كما طمأن القوى والأحزاب والنخب السياسية جميعها، وكذلك المنظمات والاتحادات الشعبية وعلى رأسها الإتحاد العام للشغل، والنقابة الوطنية للصحفيين، والهيئة الوطنية للمحامين، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، بانه ملتزم باعادة الإعتبار للعملية الديمقراطية، وبحماية مصالح الشعب التونسي العليا.

وكانت حركة النهضة ومن والاها كحزب الكرامة وقلب تونس، ومن لف لفهم إعتبرت قرارات الرئيس سعيد بمثابة "إنقلاب" على الشرعية، سعت النهضة مع فجر الإثنين ركوب درب المواجهة وفتح البرلمان بالقوة تحديا للرئيس، لكن الجيش التونسي وقوات الشرطة منعته بالقوة، وعندما لاحظ ان انصار حركتة الإخوانية لم يستجيبوا لندائه بالإعتصام امام البرلمان إلآ باعداد محدودة، افقدته القدرة على ركوب ظهر المجن، وإضطر للنزل عن شجرة المواجهة، واعلن مع رئيس الحكومة لاحقا في بيانين منفردين بالتراجع عن خيار الإصطدام مع الشعب والجيش في آن. لا سيما وان الشعب كان قد خرج للشوارع بالآلاف قبل قرارات الرئيس المستقل وهاجمت مراكز النهضة في العديد من الولايات التونسية، كما وخرجت بعد إصدار الرئيس الشرعي لقراراته الهامة والصاعقة باعداد ضخمة للشوارع مرددين شعارات مؤيدة لتلك القرارات، ومهاجمة لحركة النهضة عموما والغنوشي خصوصا.

مما لا شك فيه، ان خطوة رئيس تونس، لم تكن في الحسبان، ولم توضع في سيناريوهات النهضة والكرامة ومن تساوق معهم، وهي خطوة نوعية وهادفة لحماية الدستور والقانون والعملية الديمقراطية، وإستعادة اموال الشعب المنهوبة، خاصة وان ساكن قصر قرطاج أعلن وعلى الملأ مساء الاحد الماضي عندما خرج للتظاهر مع الشعب، ان هناك حوالي 13 مليار دينار تونسي تم نهبها من قبل المافيات التونسية وفي مقدمتها حركة النهضة. فضلا عن انه تم تعطيل دور القضاء، وإسقاط الاف القضايا بما فيها قضايا الإغتيال السياسي لكل من شكري بلعيد والهامي، اللذين اغتالتهما المجموعات الخاصة التابعة لجمعة الاخوان، بالاضافة للازمة الطبية، التي وصلت إلى حد غير مسبوق نتاج تفشي وباء "طوفيد 19" في اوساط الشعب، مما إستدعى من الرئيس سعيد مطالبة الجيش التونسي بالتدخل لإنقاذ ابناء الشعب من خطر الوباء، وتطعيم اكبر عدد ممكن منه.

طبعا من حق اصحاب وجهات النظر الأخرى غير المتورطة مع النهضة والكرامة وقلب تونس، ان تحذر من عواقب إطالة أمد وزمن حالة الطوارىء، خشية على الديمقراطية. ولكن بقراءة موضوعية ودون تطير او اندفاع اعمى في دعم الرئيس سعيد وقراراته، فإن المنطق يقول، ليس من مصلحة ساكن قصر قرطاج إطالة مدة الطوارىء، ومن واجبه تقديم خطة خارطة طريق سياسية واقتصادية وصحية وإجتماعية وتشريعية لصيانة الدستور والمجتمع المدني التونسي الديمقراطي، وحماية منجزات ثورة الياسمين، وتعميق العملية الديمقراطية. لإنه في حال تلكأ قد يخسر الدعم الشعبي، وإسناد الأحزاب والقوى والمنظمات الشعبية المساندة لقراراته. اضف إلى ان الجيش، الواقف معه الآن، قد ينقلب عليه، ويأخذ البلاد ثانية لدوامة النظام السياسي اللا ديمقراطي. ومن مصلحته الشخصية التحندق في خنادق الديمقراطية، رغم التحريض المسعور من قبل النهضة وحلفائها وشركائها في التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ورابطة علماء المسلمين ومن يقف معهم وإلى جانبهم من دول عربية وأقليمية.

تونس امام لحظة فاصلة في تاريخها الحديث، في حال نجح الرئيس قيس سعيد في اخراج الوطن والشعب التونسي من عنق الزجاجة باقل الخسائر الممكنة، وتمكن من إستعادة ممتلكات الشعب، ومرتكزات ثورة الياسمين، وحافظ على العملية الديمقراطية، وحاصر مع قوى ونخب الشعب الإخوان المسلمين وانصارهم، فإنه سيدخل التاريخ من اوسع ابوابه، ولكن ان فشل، ولم يتمكن من تحقيق ما يصبو إليه، فإنه بالضرورة سيخسر مكانته وموقعه. وآمل ان ينتصر بانتصار الشعب له ومعه لبناء صرح تونس الخضراء الحقيقية، وعنوان للثورات العربية في مرحلتها الجديدة. لا سيما وان ثورات ما سمي الربيع العربي، لم تكن ربيعا، انما كانت خريفا ووبالا على شعوب الأمة العربية. آمل ان تجدد تونس دورها الريادي في قيادة قاطرة الثورات العربية حيث فشل الأخرون العرب.

كلمات دلالية

اخر الأخبار