ضرورة الانفصال

تابعنا على:   07:45 2021-08-04

مازن سلامة

أمد/ حالة الركود التي اصابت الحركة الوطنية الفلسطينية متمثلة في حركة فتح ضّعفت من قدرتها على تجاوز مشاكلها الداخلية وانطلاقتها من جديد، ومّهدت الطريق امام كل عوامل الفناء والاندثار بمشاركة فاعلة من لجنتها المركزية ومجلسها الثورية الذين قرروا البقاء صامتين والاكتفاء ببعض المنافع دون التلويح براية العصيان،
هذا الامر حول مركز رئاسة الحركة الى رتبة بابوية يلتزم من يدخل الى محرابها ان يكون مطيعا يشبك يديه وهو يستمع الى الموعظة حتى لو كانت تسبب انتكاسات وطنية , هذا التحصين اللاأخلاقي لمنصب سياسي دفع البعض الى اعلان التمرد و المطالبة بإعادة القيمة النضالية و لفظ الغوغاء من الصفوف الامامية الا ان الامر لم يعد بالإمكان تصحيحه بان تم التراشق الإعلامي بشكل ينم عن خسة و دونية لما تتضمنه من اتهامات ملفقة تهدف الى زعزعة مكانة البعض داخل نفوس أبناء الحركة , و تسهل من مهمة تجاوز النظام الداخلي في الفصل و الاقصاء لمن يعتقد ان الحركة تؤمن بحرية الانتقاد ,
إرادة التخريب بكل ادواتها توفرت لدى عباس بعد ان تمكن من تطويع القضاء و باتت احكامه محط سخرية و لا احد قادر على إيقاف هذه المهزلة , شهادات زور و ادلة واهية و تقارير كيدية يقابلها احكام يترتب عليها ملاحقات امنية و منع اصدار جواز السفر و فصل من الخدمة العامة لمجرد الاعجاب على منشور على مواقع التواصل , هذه التصرفات عكست الوجه الاخر التي تتصف به الحركات الثورية و حطت من مكانتها في النفوس ,لا احد قادر على مخالفة تعليمات البابا , فلا احد يمكنه ان يعتقد انه بمنأى عن مواجهة هذا العنفوان ,, لقد أصبحت الحركة الحاضنة الى بيئة طاردة ومتنكرة لهويتها الجامعة ,
كل تلك الإجراءات كانت من نصيب محمد دحلان لمجرد انه خرج للأعلام بحكم منصبه في ذلك الوقت معلنا رفضه تلطيخ سمعة الحركة وادانتها بتهمة المشاركة في سحب ملف تقرير جولد ستون من مجلس الامن، هذا الامر أنذر بمواجهة مبكرة بين الرجلين، دفعت عباس الى الاصغاء لبعض رفقاء السوء وتحذيره من الخطورة التي يشكلها دحلان على مكانته،
وبعد محاولات عديدة لرأب الصدع من قبل العديد من الدول، أعلن عباس عن فصل دحلان استنادا الى اقاويل، في خيانة واضحة لمبادئ الحركة التي تفصل عضو لجنة مركزية، تلك الثغرة وجهت الى قلب غزة مباشرة وليس الى فرد، دحلان الذي حظي بأعلى الأصوات في اخر انتخابات تشريعي، ونجح في انتخابات الحركة يتم فصله والإبقاء على من يجيد لعب دور الكمبارس،
اعلن دحلان و من خلال مؤتمر كبير عن تدشين تيار إصلاحي داخل حركة فتح , و بدأت قاطرة التيار تزيد من غلتها من الهاربين من جحيم عباس و نهجه التدميري , لم يتردد دحلان في اعلان انحيازه الكامل لكل من تضرر من هذا النهج الإقصائي , عدم تراجع هذه الفئة المتنفذة و تحقيق المكاسب من بقاء الحالة الفتحاوية منقسمة على ذاتها دفع الساحة السياسية المنغمسة بهموم وطنها الى طرح بعض الأفكار التي من شأنها اثراء الحياة السياسية بحزب سياسي , كل ذلك ساهم في خلق مساحات فكرية كبيرة ما بين البقاء تحت لواء الحركة الام او الانفصال عنها و تأسيس حزب سياسي جديد كلا النظرتين تحتمل صوابيه القرار و خطاءه و لكن من يراهن على ان حركة فتح سوف تفتح ذراعيها لاستقباله حال توفرت الإرادة فهو واهم تماما , فالشياطين لا تفرخ الا اشباهها , و هذا الموروث الثقيل من القرارات الخاطئة لا يمكن ان يمحوه زمن، بل شكل حالة مرضية للمتسلقين الذين يشغلون مراكز مهمة داخل الحركة، والرهان على ان تحولا قادما بمجرد رحيل عباس امرا يشوبه سوء قراءة للمشهد، فلن تأتى فتح الا بمن يشبهها حاليا ولن تقبل بعودة دحلان وتياره مهما أبدوا من مرونة، و الثقة التي يظهرها البعض بان علاج الحركة يتم من داخلها اشبه بمن يحاول ان يهدى عاهرة سلكت طريق الفسق بإرادتها و كثرة الحديث معها و عنها لن يمنحه شهادة براءة بقدر ما يضعه شريكا معها ,
التاريخ لا يشفع للحاضر ولا يقدم له صكوك غفران ابدية، واستغلال الفرصة بإثراء الحياة السياسية بحزب جديد يقدم الولاء وفروض الطاعة لفلسطين في ظل الحالة المتردية لكافة الأحزاب سوف يجعله منبرا لكل المشتتين، ومن يعتقد ان تاريخه الشخصي ملتصقا بحركة باتت عبثية لن يجد ما يتفاخر به لاحقا، ففتح التي يطالب البعض بالمحافظة عليها لم تعد قابلة للحياة، فلقد تحولت الى دمية صغيرة بيد رجل امن منحط وساعي بريد يتابع بشغف لحظة الانهيار ,

اخر الأخبار