نبض الحياة..

 زعيمان تاريخيان

تابعنا على:   09:53 2021-08-05

عمر حلمي الغول

أمد/ مطلع شهر آب / أغسطس الحالي حلت ذكرى ولادة زعيمان تاريخيان، جسدا بكفاحهما البطولي عظمة النضال الوطني والقومي الفلسطيني العربي. وحفرا اسميهما في صفحات المجد الفلسطينية بعطائهما، وانتمائهما اللا محدود لقضية شعبهما العربي الفلسطيني، عاشا النكبة ومراراتها، بيد انهما لم يستسلما لحظة لمرارات وبشاعة وفظاعة جريمة العصر، التي إستهدفت شعبهم وتاريخه وهويته، ولم يضعا راسيهما بين الرؤوس، ولم يقولا يا قطاع الرؤوس، بل تمردا على الهزيمة، ووقفا كل من موقعه، ومن خلفيته، وشقا طريق الكفاح الوطني التحرري، وتمكن كل منهما بشكل منفرد باداته، وبشكل مشترك من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد من إعادة الإعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية، وإخرجاها من البعد الإسترقاقي، بعد كرت التموين والكوبون والمعونات الإنسانية المعزولة عن البعد السياسي، والهادف لسحق وتصفية القضية، ودفنها في سراديب وأنفاق الغرب الإستعماري ومشروعه الصهيوني الكولونيالي الوظيفي.

جمع بينهما تاريخ الولادة، حيث ولد الأول في الثاني من شهر أب/ أغسطس 1926، والثاني في الرابع من آب/ أغسطس 1929، حيث جمع بينهما عقد الولادة ذاته. الأول ولد في اللد الفلسطينية العربية، والثاني في قاهرة المعز، الأول من اتباع الديانة المسيحية، والثانية من اتباع الديانة الإسلامية، فجسدا من حيث لا يدريان، وعبر الصدفة الضرورة الوحدة الجامعة بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني. كما انهما عمقا الإنتماء القومي للقضية الوطنية، حيث كرس الثاني بولادته في القاهرة العاصمة المصرية، والأول عبر تشكيله تنظيم قومي تلك العلاقة عميقة الجذور.

زعيمان إختلفا في الإنتماء الفكري، وفي التجربة السياسية وأدارة الصراع مع العدو الصهيوني وقوى معسكر الأعداء جميعا، لكنهما كملا بعضهما البعض، واعطيا القضية الوطنية عظمتها، ووضعاها فوق خارطة العالم، وفرضا وجودها عبر الكفاح المسلح، وأنتزعا إنتزاعا من العالم إعترافا واضحا وصريحا بالقضية الفلسطينية، وشكلا بتعميق تجربة الثورة الفلسطينية المعاصرة وظاهرتها العلنية في دول الطوق العربية وفي داخل فلسطين التاريخية راس حربة الكفاح الوطني التحرري في فلسطين والوطن العربي.

رجلان من طراز رفيع، كل منهما له خاصيته وملامحه، لكنهما تعامدا في مدرسة الكفاح البطولية، وتكاملا، وتعاضدا، رغم التنافس بينهما، وبين فصيليهما، الذي لم يحل للحظة من لحظات تاريخهما تكافلهما الرفاقي والأخوي لحماية حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، ورفع راية فلسطين عالية خفاقة.

ورغم ان الأول ولد قبل الثاني، وشق طريق التنظيم والكفاح قبل رفيق الدرب، إلآ انه أقر لرفيقه بالزعامة برضى خاطر، لإن الثاني تمكن بفروسيته وعبقريته التكتيكية من تكريس مكانته، ومكانة حركته على راس الحركة الوطنية الفلسطينية عبر إطلاقه الرصاصة الأولى في العام 1965والاعلان عنها. مع ان الأول اطلق الطلقة الأولى في العام ،1964 لكنه لم يعلن عنها، مما اعطى الزعيم المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة سبق المبادرة، وإمتلاك ناصية وراية القيادة، والتي كرسها مع حركته بالمشاركة في معركة الكرامة في آذار/ مارس 1968. فضلا عن تمكنه ورفاقه في قيادة حركة التحرير الوطتني الفلسطيني فتح من تولي زمام الأمور والقيادة في منظمة التحرير الفلسطينية. مع ان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عرضها على زعيم ومؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكنه رفض.

جورج حبش، مؤسس حركة القوميين العرب، وياسر عرفات، مؤسس حركة فتح، وزعيم الشعب العربي الفلسطيني، ورمز كفاحه التحرري، اللذدين رحلا الأول في 26 يناير عام 2008، والثاني في 11 نوفمبر 2004، كانا ومازالا وسيبقيا خالدين في سجل الكفاح البطولي العظيم للشعب العربي الفلسطيني، وعناوين لا يمحوها الزمن، ولا بحلول غيرهما من القيادات. لإن ما صنعاه، وحققاه من إنجازات، رغم كل ما شهده ويشهده المشروع الوطني التحرري من أزمات عميقة لا ولن يحول دون بقاءهما وتبوأهما المكانة الريادية الأولى في الثورة الفلسطينية المعاصرة.

في ذكرى ولا دتهما لا يملك المرء إلآ ان ينحني إجلالا وإكراما لمكانتهما البطولية الخالدة، ولرمزيتهما المتفاوتة بشكل نسبي ولصالح الرمز الختيار أبو عمار، كانا عظيمان، ولم يموتا ابدا، ولن يموتا ابدا، لإن مورثهما الفكري والسياسي وتجربتهما الفذة كرسا حضورهما في انصع واهم صفحات التاريخ الفلسطيني المعاصر. كل التحية والمجد والسلام لروحيهما الخالدتين،

اخر الأخبار