والبرغوثي الأقرب لخلافة عباس..

عصفور: "كونفدرالية رباعية" حول الأمن والسيادة الجوية بوابة لحل الصراع

تابعنا على:   23:51 2021-08-08

أمد/ القاهرة: شدد السياسي الفلسطيني المخضرم حسن عصفور، على أنه لا لن يتم تحقيق وحدة وطنية قبل بوادر "حل سياسي ممكن" للقضية الفلسطينية، وشدد على أهمية الدور المصري في التهدئة وما تقوم به من خِدمة الشعب الفلسطيني، في مختلف الجوانب

"القاهرة 24" حاور السياسي الفلسطيني، والذي أكد أن حرب الـ11 يوما الأخيرة، والتي صنعت نوعًا من الفخر الفلسطيني، هزت إسرائيل ووحدّت الشعب الفلسطيني، وأعادت القضية إلى محل الاهتمام.

وإلى نص الحوار:

إلى أين تتجه القضية الفلسطينية الآن؟

فلسطين الآن في مرحلة قد تكون الأصعب في تاريخ القضية منذ العام 1967. فبعد هذا العام (الذي شهد انتصار إسرائيل في الحرب على دول عربية) كان هناك رد ثوري ونهوض للحركة القومية الفلسطينية. وعادت المنظمة (منظمة التحرير) وانطلقت الثورة الفلسطينية التي أعادت الحضور الفلسطيني.

وبعد اغتيال الخالد (ياسر عرفات)، دخلنا في دوامة انقسام أجهد الحركة القومية الفلسطينية، ليكون الرابح الوحيد من هذا الوضع هو دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي فرضت مشروعها الاستيطاني علي أرض الواقع بدون ضجة وبسهولة.

والآن تتعامل إسرائيل مع الوضع وكأنه أمر واقع حتى أنها وصلت - رغم الوعي العالمي الحالي لخطورة ما تقوم به من تمييز عنصري وبناء مستوطنات – إلى ارتكاب ما يبدو "جرائم حرب". وربما الجرائم التي ارتكبتها فى قطاع غزة هي ما أثارت ردود الفعل التي رأيناها على الساحة الدولية وأظهرت خطورة الوضع.

وهو ما حدا بمنظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، ولأول مرة في تاريخها، إلى أن تكتب تقريرا تتحدث فيه عن العنصرية في إسرائيل وارتكابها لجرائم حرب، بالإضافة لنشر صحف أمريكية صور لضحايا العدوان. هذه الحالة لم تكن موجودة في السابق.

واللافت أن الوعي للقضية الفلسطينية العالمي، والمنظومة السياسية الفلسطينية ليست مواكبة للدعم الخارجي، فلو كان أبو عمار (الرئيس الفلسطيني الراحل) موجودا الآن لاختلف الوضع. وأكبر دليل علي ذلك عدم تقبل الرأي العالمي لبضعة ايام من القتال، خلال العدوان الأخير على غزة.

وكما قال الملك عبد الله إن ما حدث كان جرس إنذار، وأظهر أن إسرائيل من الممكن أن تهتز بكل سهولة، لذلك بدأ جزء من اليهود يدركون الخطورة الحادقة بدولة إسرائيل من حكامهم.

وعندما قدم بلينكن (وزير الخارجية الأمريكي)، قال إنهم يريدون دولة فلسطينية من أجل أن تبقي إسرائيل دولة ديمقراطية لليهود، وهذه نظره عنصرية، رغم أن 20 في المئة من سكان إسرائيل، فلسطينيين، لم يعطهم الوزير الأمريكي أي اعتبار واعتبرهم يهود.

كيف ترى الوضع الفلسطيني في ظل الانقسامات الداخلية بين فتح وحماس ودور السلطة؟

إن حرب الـ11 يوم الأخيرة -والتي صنعت نوعا من الفخر الفلسطيني - هزت إسرائيل ووحدت الشعب الفلسطيني وأعادت القضية إلى محل الاهتمام، ورغم ذلك وبدلا من أن نخرج من الحرب بمكاسب سياسية للشعب الفلسطيني خرجنا بخسائر. أما إسرائيل فقد لعبت علي كلا الطرفين فزرعت الخوف عند فتح من أن حماس قادمة، وأخرجوا استطلاع تتفوق فيه حماس بنسبة 60 في المئة، الأمر الذي أرعب فتح، وبدأت إسرائيل تستغل ذلك وتحاول إقناع حماس بأنها البديل وبدأ يتصرف إسماعيل هنيه علي أنه الرئيس، وبعث بعدة رسائل للحكام العرب والاتحاد الإفريقي، وهو ما يعد تصرفا غير مقبول، مما زاد من الانقسام بين الفلسطينيين، ليبدأ الشعب الفلسطيني في دفع ثمن السياسة بدلا عن إسرائيل التي ربحت عربيا، وارتبكت إقليميا، وخسرت دوليا، وخسرت دوليا، وهى المعادلة التي كانت مقلوبة فيما مضى.

ما هو تقييمك للدور المصري في حرب الـ 11 يوم (سيف القدس)؟

مصر كان موقفها واضحا ومباشرا إزاء قرار وقف إطلاق النار وحتى إعادة إعمار القطاع، ولكن إسرائيل بدأت في تحريض السلطة الفلسطينية على أن يكون التعامل من خلالها. فمنذ متي وإسرائيل تعطي السلطة الفلسطينية حقوقها كاملة؟، فهي تخصم من أموال أسر الشهداء، حتى تزيد الانقسام.

حماس من جهتها وافقت على الشروط الإسرائيلية. رغم أن شروط المنحة (القطرية) قبل الحرب كانت أفضل مما عليها بعد الحرب. إذ تضمنت الشروط الجديدة لهذه المنحة عدم دفع أموال نقدية لأسر الشهداء والأسرى.

والأهم من المنحة كان مفهوم الإعمار، الذي عملت إسرائيل على عرقلته مع السلطة الفلسطينية، وبذلك لم تستطع مصر أن تتقدم بسبب ارتباك السلطة. فالقاهرة كانت تستطيع تعويض قطاع غزة اقتصاديا بنسبة عالية جدا، وإحلال منتجاتها محل المنتج الإسرائيلي عن طريق فتح معبر رفح.

ولكن تقدم مصر توقف بسبب رفض السلطة الفلسطينية، مما قد يؤدى إلى رحيل القاهرة بسبب وجود خطورة، إلا إذا تحول مسار إعادة الإعمار إلى "موقف فني" يتضمن إشراف مجلس من النقابات المعنية على الإعمار بالتنسيق مع مصر بدون تدخل حماس والسلطة الفلسطينية، عبر مهندسين ونقابات ورجال أعمال، على أن يتولى المجلس التنسيق مع الحكومتين المصرية والفلسطينية.

هل تري وجود مصالحة قريبة بين فتح وحماس؟

لن يكون هناك وفاق بين فتح وحماس، بل إن المصالحة الآن تبدو أبعد مما كانت عليه في السابق. فحماس تعتقد الآن أن لها اليد العليا، وأبو مازن يرى أنه خاسر. وإسرائيل بدورها نجحت في تغذية هذا الشعور عند الطرفين.

حماس تظهر أنها تريد خوض الانتخابات، وهي قد تنجح في الضفة، ولكنها ستخسر في غزة. وهذه هي المفارقة التي تواجهها الحركة.

أما فتح فلن تعود إلى مكانتها كرقم أول.

لا يوجد أي مؤشر على وجود انتخابات، وأنا أقف ضدها بكل قوة. كما لا يوجد أي دليل على وجود اتفاق، فهو كذبة. الاتفاق انتهي عمليا مع الألفية الجديدة، ونظريا مع العام 1996، بعد اغتيال اسحاق رابين (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق).

ماذا يدور الآن داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي، وما رأيك في حكومة نفتالى بينيت؟

كافة الاحتمالات واردة مع هذه الحكومة. الحكومة الأمريكية غير معنية الآن بالتصعيد، وإسرائيل حققت أغلب أهدافها، بالنظر إلى أن أكثر من 15 في المئة من الضفة تحولت إلى مستوطنات.

 وقضية القدس بعد قصة الحرم والنفق، تراجعت، فلأول مرة يستخدم بينيت مصطلح "حرية العبادة" في الحرم وليس مصطلح "الصلاة". حتى نتنياهو لم يستخدم المصطلح الأول. هذا تهويد رسمي للحرم وليس فقط لحائط البراق والساحة، والأمريكان يرون أن الامور على هذا النحو قد زادت عن حدها لأنهم يعرفون التمييز بين الإثنين.

المواجهة التي بصددها حكومة بينيت الآن هي الشيخ جراح وسلوان بينما باق المناطق لا يوجد فيها أي مشاكل، فبينيت لم يعد لديه مشاكل أكبر حتى على صعيد "البعد القومي". لذلك آن الأوان لإيجاد طريقة للحل والذي هو غير ظاهر حتى الآن. فـ "الحل الممكن" لأمريكا وإسرائيل يقوم على:

إجراء تبادلي أراضي بحدود 5.5 إلى 7 في المئة.

اعتراف فلسطيني بأن حائط البراق منطقة يهودية يتمتع فيها اليهود بحرية العبادة، ما يمنع أن يكون للفلسطيني سيادة في الأسفل.

سيادة رباعية بمشاركة "مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل" حول الحدود والسيادة الأمنية الجوية، لتكون الحدود بين غزة ومصر تعاون سيادي مشترك، وغور الأردن علاقة أمنية ثلاثيي، فيما السيادة الجوية باعية مشتركة.

قد يكون هذا هو الحل الممكن في الإطار الرباعي، أي تأسيس "كونفدرالية أمنية رباعية" كما أطلقت عليها، قد يكون هذا هو الحل الوحيد المتاح في السنوات المقبلة، وهذه أول مره أطرح فيه هذه الفكرة.

وسيتم الوضع في قطاع غزة تحت سيطرة، إلى أن يتبلور مضمون "الحل الممكن" وبرعاية الرباعية العربية والدولية.

كيف تري الموقف الأمريكي من الأزمة في ظل إدارة بايدن؟

حتى الآن حديث قيادة بايدن إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أفضل حالا من الإدارات الأمريكية السابقة في ظل ولاية ترامب وأوباما، فالصراع أصبح أكثر هدوءا. وبالنسبة للوضع الفلسطيني لم تأت قيادة بايدن بجديد، بل تراجعت عن صفقة ترامب، وبدأت تتح\ث مرة أخرى عن حدود 1967 والقدس غير إسرائيلية وعودة فتح القنصلية الأمريكية من جديد. 

ما سبب تصاعد الصراع بالقدس في هذا الوقت تحديدا؟

الاسرائيليون يعتبروا أن كل بيت في المناطق المحيطة بالقدس سيكون يوما ما ملكا لهم، بينما هذه الأراضي مملوكة لفلسطين والأوراق موجودة، والأردن كذلك لديها أوراق الملكية وقدمتها للسلطة، فإذا كانت الحرب حرب أملاك ففلسطين لديها أوراق ملكية لـ90 في المئة من أراضي فلسطين ولن يبقي لدولة الاحتلال غير 10 في المئة من الأملاك، ولكن المنطق المتبع هو منطق القوة وليس الملكية.

فمعركة الشيخ جراح خدمت فلسطين، والقضية بشكل غير مباشر، وأعادت النقاش علي أصل القصة ومسيرة الأعلام الفلسطينية في أم الفحم والتي لم تشمل كافة فلسطين ضد الأعلام الإسرائيلية. فالمقاومة ليست مجرد صاروخ وسلاح، فهناك الكثير من الأحداث حركت العالم دون استخدام السلاح، وأثبتت أن القضية لم تمت بعد ياسر عرفات، فثلاثة حروب لم تحرك العالم مثلما تم تحريكها في الحرب الأخيرة التي استمرت 11 يوما، مثل "هبة السكاكين" التي انتهت بتقسيم الحرم القدسي، وأصبحت الخارجية الأمريكية تكتب "الحرم الهيكل" لأول مرة في العام 2018، لأن المنظومة الفلسطينية الأن منقسمة وأخطر شيء علي القضية هو الانقسام.

لماذا لم توحد الحرب الأخيرة الفلسطينيين؟

الأطراف الفلسطينية توحدت في حرب الـ 11 يوم الأخيرة، ولكنها عادت أسوأ مما كانت بعد انتهاء الحرب. فهناك العديد من العناصر الداعية بشكل لكبير للوحدة وأكبرها وجود الاحتلال، ولكن هناك عوامل خارجية تمنع الوحدة الفلسطينية.

قطر تلعب الدور الأكثر تأثيرا في الانقسام الفلسطيني فهي التي رعت وحمت الانقسام. أما تركيا فتأثيرها في هذا الشأن ضعيف للغاية، وزيارة ابو مازن لتركيا لم يكن لها تأثير.

 تركيا علاقتها ممتازة بدولة الاحتلال الاسرائيلي وهناك تبادل معلومات أمني كامل وتبادل تجارى بأكثر من 6 مليار دولار، فضلا عن السياحة. التحالف الأقوى في المنطقة هو التحالف التركي الإسرائيلي.

كيف ترى الصراع الإسرائيلي الإيراني في هذا التوقيت؟

إسرائيل يدها امتدت كثيرا في سوريا، وأنا استغرب كيف تصمت روسيا على مثل ذلك، فإسرائيل لا تستطيع أن تصل إلى ما تصل إليه في دمشق وما بعدها حال رفضت روسيا. إيران ليس لديها قدرة الرد على إسرائيل سواء من لبنان أو سوريا. لكن الأفضل شعبيا لإيران أن ترد من خلال ضرب سفينة بدون أي حراسة في الخليج. احتمال تطور الأوضاع قائم، ولكن إيران لن تستطيع الرد، بالنظر إلى أن طهران لديها من الحسابات التي قد تكون كلفتها نظام الحكم نفسه، وخاصة في ظل العداء الإيراني مع كافة دول المنطقة.

أما علاقات إيران مع مصر فهي إيجابية وهادئة ولكنها ليست ودية. إيران خسرت كل الدول ما عدا سوريا، بسبب تدخلها في اليمن ولبنان وقصتها حزب الله.

إيران لا تشعر الفاعلين في المنطقة بالأمان، وخسرت كل العرب، وقصة شعار المقاومة كوميديا، و"المقاومة الطائفية" سردية خاطئة، وهذا ما أقوله دائما لحماس: "نحن شعب فلسطيني فيه المسلم والمسيحي وكل الأطياف، فكيف ستحكم فلسطين وانت طائفي؟".

وما تقوم به إسرائيل من تضخيم في قضية حاملة النفط هو مجرد غطاء، حتى في حال استخدمت القوة تعرف كيف تظهر للعالم أنها الضحية، والشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن أمام المظلومية الإسرائيلية. فمن لا شيء أصبح خبر الناقلة هو الأكبر على مستوى العالم والمتضرر الوحيد هو الفلسطينيين.

إلى أين تصل صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل؟

من الصعب الآن توقع إلى أين تصل هذه الصفقة ولكنها لا تزال قيد العمل ونجاحها مرهون بمروان البرغوثي هل يراد خروجه أم لا؟، وقد يكون طلب خروج البرغوثي وراءه جهات أخرى للدفع به رئيسا خلفا لمحمود عباس.

وبالنسبة لحركة فتح، فالجميع داخل الحركة يرى نفسه صالح لتولي القيادة خلفا لعباس في حالة عدم خروج مروان من السجن.

البوم الصور

اخر الأخبار