تونس: مَن خطّط لـ "اغتيال".. رئيس الجمهورية؟

تابعنا على:   10:29 2021-08-23

محمد خروب

أمد/  ما تزال أصداء التصريح المفاجئ والصّادم للرئيس التونسي قيس سعيّد حول محاولات تبذلها أطراف لم يُسمِّها لاغتياله، تتردّد في فضاءات المشهد التونسي على نحو أسهم في إرباك القوى السياسية والحزبية، وبدت حركة النّهضة كأنها «المُتهم» الرئيسي في هذه المحاولات. وهو ما عكسه البيان الذي أصدرته والذي انطوت مضامينه على تشكيك بـِ"مزاعِم» الاغتيال, في الوقت ذاته الذي أعاد به البيان الذي وصف القرارات والإجراءات التي أصدرها الرئيس سعيّد في 25 تموز الماضي بأنها «غير دستورية", دون تكرار وصفها بالانقلاب وهو المصطلح الذي استخدمه قادة الحركة وكوادرها مباشرة بعد بدء تنفيذها.

وإذ لم تُصدر بقية الأحزاب والقوى السياسية بيانات حول ما أعلنه سعيّد عن «المحاولات» إياها, واقتصرت ردودها على الدعوة لنبذ العنف والاغتيال المادي والمعنوي وتقديم منطق الحوار على منطق الإرهاب والتصفيات الجسدية، فإنّ مسارعة حركة النّهضة التي تعيش أوضاعاً داخلية متوترة ومفتوحة على احتمالات التصدّع والانشقاقات وربما «التضحية» بزعيمها المُستمر في موقعه منذ تأسيسها وإن بتسميات مختلفة, قبل الاستقرار على وصفها حزب حركة النّهضة... راشد الغنوشي, بعدما ثبت خصوصاً لقطاع الشباب، أن «الشيخ» لا يريد مغادرة الموقع الذي احتكره لنفسه وحال دون تداول «المنصب", ففضّل بعض المؤسسين الاستقالة واعتزال العمل الحزبي والسياسي كما فعل عبدالفتّاح مورو، شريك الغنوشي في تأسيس الحركة/الحزب.

نقول: مسارعة «النهضة» إلى إصدار بيان حذرت فيه التوانسة كافة من خطورة تلك القرارات وتداعياتها، وداعية الجميع إلى اليقظة والتصدي لمثل هذه الأجندات..."إن تأكدت» (والعبارة الأخيرة لافتة ومحمولة على تشكيك واضح بصدقية رواية الرئيس سعيّد حول استهدافه بالاغتيال).. ومُعيدة إنتاج خطاب التحدّي لقرارات رئيس الجمهورية بـ"عدم دستورية» قراراته التي أطاح فيها حكومة هشام المشيشي, وتجميد عمل البرلمان وإحالة قيادات عسكرية وأمنية وبرلمانية وقضائية إلى التقاعد والإقالة الجبرية أو التوقيف الإداري المؤقت مع اتهامات بالفساد, غير ان بيان «النهضة» لم يكتفِ بذلك بل طالب بـالاستئناف السريع للمسار الديمقراطي والعمل الطبيعي لمؤسسات الدولة، عبر الاستفادة من «أخطاء الماضي» ومُقتضيات المرحلة الجديدة والتزام الجميع بمقتضيات الدستور.

كعادتها في التعمِية على الحقائق وإطلاق المزيد من التعميم والشعارات المضلّلة, لم تُحدّد النهضة في بيانها العتيد طبيعة ونوع «أخطاء الماضي» التي دعت للاستفادة منها, وخصوصاً لم تذكّر مَن هم الذين ارتكبوا تلك الأخطاء أو مسؤولياتهم في ذلك. ثم خرج رئيس الحكومة الأسبق ونائب الغنوشي في رئاسة حركة النهضة.. علي العريض, على التوانسة بتصريحات ترفع من منسوب التشكيك في اتهامات الرئيس سعيّد حول محاولات تُبذَل لاغتياله قائلاً: «إنّ رئيس الجمهورية لم يُقدّم أي رؤية للخروج من الوضع ولا آمالاً بثّّها للتونسيين, مؤكداً: أنّ الأصل (..) أن تتعهّد النيابة العمومية بالتحقيق تلقائياً في المسألة، وهذ الموضوع –أضاف- لا يمكن أن يكون مُجرد جمل عابرة في خطاب».

يكاد المريب أن يقول خذوني.. هذا ما يمكن للمرء الخروج به واستنتاجه حول ردّ النهضة المتشنّج/ والمشكك في ما قاله رئيس الجمهورية, الذي «ألمح» في تصريحات إلى جهات وأطراف إسلاموية لا تؤمن بالحوار بقدر ما تتكئ على العنف لتصفية خصومها ومنافسيها أو حتى الذين ينتقدونها بالحجّة. وإلّا كيف يمكن تفسير ما قاله مستشار الغنوشي رياض الشعيبي حول أنّ «الرئيس يفتعِل أحداثاً غير صحيحة لتبرير سياسة التنكيل, الذي يبدو أنّه قرّر الدخول فيها بعد أن افتضح انقلابه في الداخل والخارج».

معاودة قادة النهضة وأنصارها الهجوم الحاد والتحريض على رئيس الجمهورية, بعد أن تراجعت تكتيكياً عن التصعيد والتلويح بالشارع واستعدادها (المزعوم) للحوار، يكشف حجم المأزق الذي تعيشه, ناهيك عن محاولتها إبعاد الأنظار عن الاتهامات المباشرة لها بالضلوع في مخططات اغتيال أو إطاحة رئيس الجمهورية المنتخَب، خاصة بعد عودة «الحرارة» للتحقيقات التي تمّ عرقلتها داخل أروقة الفضاء لكشف حقيقة اغتيال شكري بلعيد/17/12/ 2014 بنفس السلاح الذي اغتيل به محمد البرهمي/25/7/ 2013 والتي أشارت أصابع الاتهام إلى ضلوع خلايا سِرّية تابعة للنهضة فيها.

عن الرأي الأردنية

اخر الأخبار