محاور سياسية عربية بارتباطات إقليمية ودولية

تابعنا على:   10:27 2021-09-05

محمد جبر الريفي

أمد/ من الصعب النظر إلى الوضع العربي الحالي بدون قراءة مفردات الخارطة السياسية العربية وهي خارطة يبدو فيه بوضوح وجود محورين عربيين لهما ارتباطهما بالقوى الإقليمية والدولية ولهما ايضا تاثيرهما المباشر على الوضع الفلسطيني باعتبار أن القضية الفلسطينية هي مازالت قضية قومية رغم التراجع الذي حصل على صعيد أولوياتها في اهتمام أنظمة وشعوب المنطقة . .اولهما : المحور الأكثر تأثيرا في السياسة العربية لكونه يضم بلدانا عربية رئيسية لها وزنها الاقليمي بحكم تعداد سكانها البشري ومواردها النفطية وموقعها الجغرافي وهذا المحور يتكون بشكل اساسي من مصر ودول الخليج العربية باستثناء قطر وهو يجسد في توجهاته تكتلا سياسيا وامنيا في معاداة قوى الإسلام السياسي

وبشكل خاص تجاه حركة الإخوان المسلمين كما له فاعليته العسكرية الان في ما يدور في اليمن من صراع مسلح بين شرعية النظام وحركة أنصار الله الحوثية المدعومة من إيران بسبب الاعتقاد المذهبي الشيعي وهو صراع يأخذ بعده الاقليمي بسبب وجود هذا العامل الطائفي الذي أفرز تحالفا عسكرياً سنيا فيما يعرف بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية ...المحور الاول هذا له تأثيره الكبير في الأزمة السورية أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فهو ملتزم بخيار المفاوضات السياسية رغم تعثرها كأسلوب وحيد للوصول إلى تسوية شاملة للصراع العربي الصهيوني في اطار مشروع حل الدولتين وهو بذلك يدعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية في سعيها السياسي المتواصل للوصول إلى هذه التسوية .....

 ثانيهما : المحور القطري التركي ووجود تركيا كقوة إقليمية اسلامية سنية في اطاره يجعل له تأثيرا مقابل الدور الإيراني ذي المرجعية الشيعية وقطر الإمارة الخليجية العربية الصغيرة تمارس الآن في السياسة العربية الرسمية دورا محوريا يفوق حجمها البشري وموقعها الجغرافي مما جعلها قاعدة ارتكاز لفض بعض الأزمات العربية كأزمة المصالحة الفلسطينية (اتفاق الدوحة ) وهي بهذا الدور السياسي المحوري اخذت تنافس الدور المصري التاريخي والدور السعودي الخليجي وتستقوي في هذا التنافس بحركة الإخوان المسلمين السنية فتحت مظلة الإسلام السياسي الذي تخشاه بشكل خاص كل من السعودية ودولة الامارات ونظام السيسي في مصر تظهر قطر في المنطقة كقوة فاعلة نشطة على الساحة العربية والاقليمية توظفها الولايات المتحدة والدول الغربية في تليين مواقف قوى الإسلام السياسي تجاه ما يطرح في المنطقة من أفكار ومشاريع سياسية ..

هكذا أصبحت الخارطة السياسية العربية محصورة في الظرف الحالي بشكل واضح في هذين المحورين السياسيين العربيين في حين ان محور المقاومة أو الممانعة كما كان يطلق عليه من أطرافه وانصاره له بالطبع مواقفه وخطابه السياسي وخياره الاستراتيجي المتمثل في مشروع المقاومة كبديل في مواجهة خيار المفاوضات السياسية وقد بقى يشكل في الخارطة السياسية العربية َمجرد خطاب سياسيي يوصف بالتطرف في نظر السياسات الغربية. أكثر منه منظومة عسكرية تحالفية . وذلك قياسا لمواقف الاعتدال التي تتصف به باقي دول المنطقة حتى هذا الوصف بدأ بعض أطرافه يعمل على تليينه و ذلك من خلال التعاطي مع العمل السياسي والدبلوماسي والسعي لنسج علاقات مع الغرب لتحقيق اهداف خاصة قد تجد قبولا من دوله الكبرى لأنها لا تتناقض جذريا مع مصالحه الحيوية في المنطقة فحماس مثلا في سعيها لفك الحصار على قطاع غزة مقابل تهداة طويلة الأمد مع الكيان الصهيوني فهي ايضا إنما تريد ان تحقق من خلال ذلك الاعتراف بشرعيتها الدولية والتخلص من تهمة الإرهاب الذي الصقها بها الغرب وكذلك تعزيز وجودها كفصيل شريك اساسي في قيادة النظام السياسي الفلسطيني والتطلع مستقبلا الى إقامة مشروعها السياسي ...

 اما إيران وهي تتطلع لتحسين علاقتها مع الغرب لرفع العقوبات الاقتصادية عنها فهي في مقابل ذلك انما تسعى لكسب الاعتراف من الغرب بدورها السياسي والعسكري في كل ما يتعلق بأحداث المنطقه وصراعاتها خاصة في سوريا والعراق واليمن وهو الأمر الذي يغضب دول الخليج العربي السنية وكذلك دولة الكيان الصهيوني لأنه يصب في صالح النفوذ الايراني ويسهل في عملية توسيع تمدده في المنطقة ...

بقى علينا بعد هذا السياق أن نلاحظ أمرين في الخارطة السياسية العربية اولهما :أن ثمة تطور ميداني هام طرأ على صعيد الصراع المسلح في سوريا يتمثل في زيادة الدعم العسكري الروسي للنظام .وهو ما يمكن أن يشكل تحالفا جديدا في المنطقة ومن المؤكد أن هذا الدعم الروسي المتواصل يهدف إلى منع انهيار الدولة السورية إلى موقع التطرف الإسلامي الذي له امتداداته بين الاقلية المسلمة في الشيشان والاتحاد الروسي بشكل عام وقد طرح ثقل هذا الدعم الذي سجل مؤخرا حدة التعارض بين الاستراتيجية الأمريكية والغربية وبين المصالح الروسية في المنطقة مما يعيد إلى الأذهان العلاقة السياسية والعسكرية القوية التي كانت قائمة في مرحلة ماضية بين الاتحاد السوفيتي السابق وسوريا وباقي الأنظمة الوطنية وقوي حركة التحرر العربية ..

اما الأمر الثاني الذي يجب ملاحظته في الخارطة السياسية العربية هو أن المحورين السياسيين العربيين الكبيرين في المنطقة لا ينطلقان في سياستهما الرسمية من مشروع نهضوي وطني وقومي وتقدمي وأنه لا يحكمهما حالة عداء أو تناقض رئيسي في أي ملف سياسي أو اقتصادي أو أمني او أيديولوجي مع المعسكر الغربي الرأسمالي الامبريالي التي تقوده َواشنطن .. وفيما يتعلق بالموقف من الكيان الصهيوني فلم يعد هذا الكيان العنصري الغاصب يشكل عند كثير من دول المحورين العربيين خطرا استراتيجيا على كيانها القطري لأن بعضها خاصة الخليجية استبدلت الخطر الصهيوني بالخطر الإيراني وبخطر التنظيمات السلفية ..

 كما علينا أن نلاحظ ايضا انه في خضم هذه التغيرات التي تحدث في المنطقة أن التحديات اخذت تتعاظم أكثر من أي مرحلة اخرى من قبل التحالف الامبريالي الصهيوني مستغلا بذلك حالة الفوضى السياسية والأمنية في المنطقة وحال الخارطة السياسية العربية في مواجهة كل هذه التحديات والاخطار والتحالفات تكاد تخلو الان من محور رئيسي كبير وفاعل لدعم النضال الوطني الفلسطيني في مواجهة مخططات حكومات اليمين الصهيوني العنصري المتطرف الذي يسعى إلى التوسع الاستيطاني والتهويد . ..محور له وزنه القومي والاقليمي يقود الصراع بين حركة التحرر العربية والأطراف المعادية ..

كلمات دلالية

اخر الأخبار