السم فى الخريطة!

تابعنا على:   10:52 2021-09-07

سليمان جودة

أمد/ ذهب زميلنا الأستاذ صلاح مهران يشترى «برّاية» لابنه الذى يتهيأ لبدء الدراسة، وقد أعجبته واحدة على شكل الكرة الأرضية فاشتراها، وعندما جلس يتأمل معالم الخريطة المرسومة عليها اكتشف أن فلسطين اختفت منها، وأن مساحة فلسطين بالكامل تحمل اسم: إسرائيل!

ولأن عندى كرة شبيهة اشتريتها منذ سنوات معدودة على أصابع اليد الواحدة، فقد سارعت أتفحص مواقع الدول عليها وبالذات موقع فلسطين، والحمد لله أنى وجدت فلسطين لاتزال فى مكانها على خريطتى لم تغادره!.. فهل كانت السنوات القليلة الماضية كفيلة برفع دولة من موقعها ووضع أخرى فى مكانها؟!

يتساءل صلاح مهران عن حق: كانت قضية فلسطين هى قضية جيلنا وأجيال سابقة عليه ولاتزال، فهل ستظل كذلك عندما يكبر ابنى وينشغل بقضايا بلده وقضايا المنطقة؟!.. سؤال فى محله طبعًا.. ومن شأن وجود مثل هذه الخريطة الناقصة فى الأسواق أن يظل يجدد مثل هذا السؤال!

والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها ضبط خريطة متلبسة بارتكاب هذه الجريمة.. فلقد حدث هذا من قبل مرات.. ولكنها المرة الأولى التى تكون فيها الخريطة على شكل نموذج للكرة الأرضية يتداوله الطلاب فى المدارس ويتطلعون إليه مرارًا على مدار اليوم!

هذا هو الفارق، وهذه هى المسألة، ولا أظن أن مثل هذه الخريطة من فعل المصادفات.. فلا شىء يجرى صدفة فى الكون من حولنا!

وخطورة الأمر أن يتشكل وعى الصغار على هذا الأساس.. هذه هى القضية فى أصلها.. فما تتشكل عليه العقول فى سن صغيرة يبقى ويعيش، وما يُقال عن أن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر صحيح وفى مكانه المضبوط.. وليست خريطة فلسطين المنقوصة سوى مجرد مثال لما يمكن أن يتربى عليه الأطفال فى المدارس دون أن نحترس أو ننتبه!.. وإذا كان هذا هو ما نكتشفه بالصدفة، فماذا يمكن أن يمر ولا نراه؟!.. وما أتصوره أن كل ما يتعرض له الطالب فى مدرسته يخضع لرقابة صارمة من وزارة التربية والتعليم.. رقابة لا تترك شيئًا يمر.. أى شىء.. لأننا نتكلم عن وعى، وعن تشكيل وعى، وعن صناعة وعى، ثم عن تصميم وعى يمكن أن يتم وفق حسابات محددة لا تخطر على بالنا.. فكيف مرت هذه الخريطة؟!

كنا دائمًا نسمع عن السم فى العسل، وقد عشنا حتى رأينا السم فى الخريطة

عن المصري اليوم

كلمات دلالية

اخر الأخبار