في روايتي ظلام النهار وجنة الجحيم للكاتب "جميل السلحوت"

تابعنا على:   12:15 2021-09-09

دينا ناصر الدين

أمد/ ينقد الكاتب التخلف الاجتماعي بعدة من الصور المأخوذة من الواقع المرير في تلك البيئة الريفية التي رسمها لنا الكاتب بلوحات تحكي بكل الالوان وبجرأة لم نعهدها في كل ما نقرأ -ذلك الألم الناتج عن الجهل المولود من رحم تخلف موروث بكل عاداته وتقاليده البالية في تلك البيئة التي تتميز بسيادتها وسلطتها الذكورية البحتة -دون ان تلتفت لكيان المرأة وانسانيتها -كما تؤمن تلك البيئة نتيجة الجهل بمعتقدات متخلفة ورجعية تعود عليهم بشكل سلبي (كالايمان بالسحر والجان والحسد بشكل يفوق المنطق والحقيقة التي تخص هذه المفاهيم) اضافة لالغاء دور الحوار مع الابناء وقمع افكارهم وعدم الاهتمام بالتعليم -ويوضح الكاتب في صور كثيرة ما يجلبه الجهل من مشاكل اجتماعية كزواج البنت قبل نضوجها الفكري والجسدي ودون اخذ موافقتها (كما في قصة الطفلة زينب التي زوجوها طفلة مما جلب لها الازمة النفسية وفشل الزواج)وكعدم تلقي العلاج الصحي السليم (كقصة بتر يد خليل الاكتع نتيجة للجهل )وعادة دفن الاطفال دون معرفتهم العلمية اذا كان الطفل حيا ام ميتا (كقصة الطفل عايد الذي دفنه أهله حي معتقدين انه كان ميت ) .
وكثير من الصور التي تدعونا للتأمل بالواقع المرير في تلك البيئة التي تظهر انعكاساتها على الشخصية المميزة في رواية ظلام النهار وهو (خليل الاكتع) الذي عايش البيئة المدنية في لندن ولاحظ الفرق الشاسع بين البيئتين -كما تحكي رواية (جنة الجحيم) حول أثر الجهل في اثارة المشاكل بين الناس-واثر التعليم في تقليص مدى التخلف في تلك البيئة-وتصور الواقع الاجتماعي والسياسي في تلك الاونة-اضافة الى استخدام الاحتلال الاسرائيلي لأسلوب التحكم في المدارس -واستغلال ذلك بما يخدم مصالح الاحتلال-كما يسرد الكاتب الأحداث التي تبرز عادات وتقاليد تلك البيئة -وتصور الحياة الاجتماعية فيها بأدق التفاصيل .
وتتطور أحداث الرواية فتدفع القصة الى الأمام ليبقى القارئ منتبها باقيا قلب الحدث -كما أنها تثير دهشة الجيل الجديد الذي لم يعش هذه الحالة والتي هي من قلب الواقع -فليست نسجا من خيال-رغم استعانة الكاتب بالخيال بقوة ودقة متناهية بنى فيها قصة محكمة.
تأخذنا الأحداث لاتمام القراءة حتى نكتشف اجابات لكل التساؤلات المطروحة -فيما تساعد اللغة الجسدية للشخصيات والاشارات الغير لفظية على ايصال أفكار كثيرة لا تعبر عنها الكلمات بهذه الدقة -كما أوصلنا وصف الأماكن والأزمنة للاحساس بهم والتواجد وسط الحدث -وعنصر التشويق من المكونات الأساسية التي جعلت السرد ياخذ مكانه الجميل في نفس القارئ فيمسك بالرواية يحتضنها بين يديه -يشعر بها بكل احاسيسه-ولا يرغب مفارقتها-ومما يزيد من احساس القارئ بالروايتين هو المفردات السلسة التي تناولها الكاتب بعيدة عن التعقيد وبلهجة عامية -كما أن احياء الكاتب للأمثال الشعبية زاد من اثراء الافكار .
تمكن الكاتب من ادواته الفنية وسرده تفاصيل الحياة الاجتماعية في واقعنا الفلسطيني بشكل قوي يبرز التخلف الحضاري -وتبدو رغبة الكاتب في التخلص من هذا الالم -بنور من العلم يطفأ ظلم الجهل.

اخر الأخبار