من وعد مكّّّة إلى وعد الآخرة

تابعنا على:   08:39 2021-10-11

عائد زقوت

أمد/ تزاحمت الأفكار والرؤى والأطروحات، وتسابق القاصي والدّاني في طرحها حتى كادت أن تغور في مَعينٍ بعيد، فمنذ وعد مكة وتقبيل الحجر الأسود الذي سقطت قداسته على يد المنقسمين، ومرورًا بوعودات القاهرة المتكررة و التي لم تنتج إلا مزيدًا من فقدان الثقة، قدَّم أطراف الانقسام أفضل أنموذج لحوار الطّرشان والسفْسطة الّتي لا طائل منها.

فابتدعوا لنا مدرسةً جديدة في فنّ الاختلاف وخلق الذّرائع والسّدود، فتفوّقوا على شخوص البقرة الصّفراء، وأخذوا يُضَيقون الواسع حتى انفرط عِقد الشعب وترنّحت آماله أمام صخرة المتحاورين وأعذارهم الواهية، حيثُ انتصر كل منهم لأهدافه الحزبية على حساب الوطن والمواطن، فَتَمتْرسوا خلف جدار تجديد الشرعيّة عبر الانتخابات.

ولكنّ الشعب لم يُخَيبْ ظنّهم ،فسارع إلى صناديق الاقتراع من خلال بوابات وشبابيك وجدران الغرفة التجارية ليُدلي بصوته ويُفْصِح عن رأيه دون تنظير ولا تأطير في الوعود من مكة إلى وعد الآخرة، والذي لم يخالف سابقيه في منطلقاته التي تعتمد على تخدير العواطف وسحر العقول واعتبار أن نصف الشعب نائم خارج عن الشعور ونصفه الآخر يقظان هارب، لقد شكّل مشهد المُتهافتين على الغرف التجارية بحثًا عن لقمة العيش لوحة جداريّة يستعْصي شرحها على أمهرِ الفنانين التشكيليّين.

ومع ذلك فقد تلقّى المنقسمون المشهد بلجاجة، ومِن هوْل ذاك المشهد وهروبًا من المسؤولية فقد قرّر المُنقسمون تحويلَه إلى دائرة الاتّهام المتبادل بين أطراف الانقسام، ولم يقفوا عند مضمون وفَحوى تلك الرسالة التي عبّر فيها قطاع واسع من الشعب عن تقزّزه من الأوضاع الراهنة للحدّ الذي أبدى رغبته بالعمل داخل فلسطين المحتلة والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد للمحتلين من أجل لقمة العيش، على الرغم من أزيز الطيران الحربي للمحتل وقصفه للبيوت فوق رؤوس ساكنيها وما ألحقته بهم آلاتهم العسكرية من قتل وتشريد ودمار، وهنا لا يلوم عليهم أحد فقد دُفِعَ الشعب ليكفر بأنْعُم الله، ولِمَ لا ؟ وَهُم يروْن الأحياء جياعًا وعند مماتهم تُذبح لهم آلاف الخراف.

ولكنَّ اللوم يقع على الذين لا زالوا مُصرّين على سياسة الاستحمار للشعب، والسؤال الحقيقي هل أدرك المنقسمون خطورة هذه الصورة الحيّة، وهل حرّكت سواكن ضمائرهم وانتمائهم الوطني؟، أما آن الأوان لأصحاب الوعود أن يتوقّفوا عن وعودهم المخطوطة على سطح الرّمال والّتي سُرعان ما تعصف بها الرياح، ويعملوا على إيقاظ المخدورين والمسحورين ليقفوا على أقدامهم، ويعيدوا الهاربين، ليصطفّوا جميعًا في وجه المحتل عدوّهم الحقيقي.

اخر الأخبار