المؤتمر الوطني لتعزيز المقاطعة

تابعنا على:   23:23 2021-10-20

عمر حلمي الغول

أمد/ مازال موضوع مقاطعة البضائع الإسرائيلية يحتل أهمية واولوية في برنامج النضال الوطني، ويحظى باهتمام وعناية النخب السياسية والقطاعات الشعبية. رغم إدراك الجميع وجود عقبات وتعقيدات عديدة على هذا الصعيد، من أهمها حسب ما اعتقد: أولا تمكن دولة الاستعمار الإسرائيلية من ربط الاقتصاد الفلسطيني الضعيف أصلا بسلاسل وقيود التبعية شبه المطلقة، ولا تقتصر التبعية عند حدود الغلاف الجمركي، انما ربط مفاصل الاقتصادي بكل مجالاته الزراعية والصناعية والإنتاجية والتجارية والسياحية بالسوق الإسرائيلي؛ ثانيا اغلاق كافة الأبواب والنوافذ امام تطور الاقتصاد الفلسطيني من خلال ضوابط ومعايير السوق الإسرائيلي، وعبر ادواته الاستعمارية من جيش وقطعان مستعمرين وتنامي وصعود الاستيطان الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967؛ ثالثا وضع أسس وركائز اتفاقية أوسلو بمشتقاتها المختلفة بما فيها برتوكول باريس وفق معايير دولة المشروع الكولونيالي الاستعماري السياسية والاقتصادية؛ رابعا القيام بين فترة وأخرى بتدمير أي آفاق لتطور الاقتصاد الوطني مهما كان مستواها اما من خلال الاجتياحات والحروب الإرهابية، او من خلال قطعان المستعمرين بالبعدين الاستيطاني والتخريبي المتعمد للاقتصاد الفلسطيني؛ خامسا تعطيل الاستثمار الداخلي والخارجي في فلسطين، او تشويهه، وحرف بوصلته، او الدخول على خط الشراكة بالخاوة او بالرضى، وأيضا وفق المعايير والحسابات الاقتصادية الإسرائيلية.

ومع ذلك، مازال الفلسطينيون يحاولون الحفر في الصخر، رغم كل التشوهات الذاتية والموضوعية. ولهذا بين الفينة والأخرى يبادر العديد من الهيئات الرسمية والشعبية لإثارة موضوع مقاطعة السلع والمنتجات الإسرائيلية. وتم فعلا المبادرة لاتخاذ خطوات عملية، ووضع قائمة سوداء للسوبرماركات وتجار الجملة، الذين يستوردون ويروجون للسلع والمنتجات الإسرائيلية.

لكن الجميع اصطدم بجملة من الوقائع العنيدة، منها: أولا عدم تمكن المنتجات الفلسطينية من تغطية حاجات الشعب من السلع المختلفة؛ ثانيا عدم تمكن العديد من المنتجات الوطنية البديلة المنافسة للمنتج الإسرائيلي لا في الجودة ولا في القيمة؛ ثالثا عدم وجود خطة وطنية شاملة لفصل الاقتصاد الوطني عن الاقتصاد الإسرائيلي، والتعامل مع المسألة بالقطاعي؛ رابعا عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على حدودها او موانئها البرية او البحرية، ولإغلاق الباب كليا، قامت إسرائيل بتدمير مطار عرفات الدولي في قطاع غزة؛ خامسا عمق الانقلاب على الشرعية أواسط عام 2007 الفشل في النهوض بالاقتصادي او بعض فروع الاقتصاد الوطني.

هذه اللوحة دفعت هيئة المنظمات الاهلية الرسمية بقيادة الأخ المناضل سلطان أبو العينين بعقد سلسلة من المؤتمرات الوطنية في العديد من المحافظات، منها جنين وطولكرم واريحا واخرها امس الأربعاء الموافق 20/10/2021 تم عقد مؤتمر تحت عنوان "المؤتمر الوطني لتعزيز الشراكة الرسمية والأهلية لمقاطعة منتجات مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي" في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة البيرة، شارك فيه نخبة من المختصين في هذا الحقل، اثاروا العديد من الإشكاليات والصعوبات والتحديات، التي تواجه عملية المقاطعة، وبعضهم وضع يده على الجرح، ومنهم الدكتور نصر عبد الكريم على سبيل المثال لا الحصر. وشارك المدعوين في اثارة العديد من الأسئلة، وحتى بعض الحلول. بيد ان هناك شبه اجماع على ان المشكلة بالأساس في الناظم البرتوكولي للعلاقات الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية، وهو اتفاقية أوسلو، وبرتوكول باريس الاقتصادي، فضلا عن غياب كما ذكرت رؤية برنامجية متكاملة لمواجهة هذا التحدي، وفقدان الشارع الامل في الخروج من عنق الزجاجة الاقتصادي.

وللأسف لوحظ غياب عدد من الشخصيات وممثلي الهيئات الرسمية والحزبية، التي تم التوافق معها على الحضور والمشاركة في الفعالية الوطنية. أستطيع تفهم بعض من تغيبوا بعذر، ولكن البعض لم يقدم عذرا لغيابه، ولم يرسل من ينوب عنه. وحتى بعض من اناب أشخاصا عنهم، غابوا، مما عكس حالة من عدم الرضى في أوساط المشاركين.

من المؤكد الفعالية الوطنية تخص كل مواطن فلسطيني مسؤولا ام مواطنا عاديا، ومن هنا جاء العنوان بهدف خلق وشائج التشبيك بين البعدين الرسمي والشعبي لتظافر الجهود في تعميق خيار المقاطعة، ليس لمنتجات والعمل في المستعمرات، وانما لكل السلع والبضائع الإسرائيلية من الفها ليائها.

مما لا شك فيه، ان المؤتمر لمجرد انعقاده كان ناجحا، رغم غياب البعض، الا انه بالمشاركة الواسعة من مختلف القطاعات الرسمية والأهلية، وبما حملته من قيمة مداخلات المشاركين الأساسيين وتفاعل الجمهور معهم، شكل إضافة ايجابية، ولبنة جديدة في تعميم ونشر الوعي في أوساط المجتمع للانتقال لاحقا لخطوات أكثر ملموسية وجدية وفق برنامج وطني جامع لفصل الاقتصاد الوطني عن الاقتصاد الإسرائيلي الاستعماري.

اخر الأخبار