المؤتمر الثامن لحركة فتح بين البوتقة والمحطة

تابعنا على:   10:05 2021-10-23

بكر أبو بكر

أمد/ كان من المهم أن يتم تكريس الحياة الديمقراطية في أطُر الفصائل عامة، وعلى رأسها في حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح، وكان من المهم أن تتحول الديمقراطية ليس لتظاهرة انتخابية خالصة، ما يسمونه "المؤتمر" بمعنى "الصندوق"!
وإنما أن يتحول المؤتمر حقًا لمحفل تخطيط، وتداول رأي وتكريس ثقافة وأفكار أولًا، وقرار بعيدًا عن السياق الانتخابي سواء أكان ذلك فيما يتعلق بالمؤتمر العام للحركة، أم تعلق الأمر بمؤتمرات الأطر الأخرى من منطقة وإقليم تنظيمي، وفي المنظمات الشعبية وتلك الأهلية، بل وفي جميع المنظمات السياسية وغير السياسية.
الحياة الديمقراطية –لنكرر-لا تعني فقط صندوق الانتخابات بتاتًا، وإنما بالصندوق تكون نتيجة لمقدمات وحياة يومية ثريّة دائمة. لا تبدا بالتحضير وإنما تبدأ ولا تنتهي بالثقافة والممارسة الديمقراطية بالمعاني التي يقف فيها العمل على رأس الاولويات.
الحياة التنظيمية اليومية هي بوتقة الصهر للعضو في أهداف التنظيم وعمله، وما المؤتمر الا محطة نقل للحافلات، فالأصل أن نتموضع ضمن البوتقة وتأتي المحطة للدرس والانتقال.
ومن هنا تصبح قاعدة العضو هو العضو العامل أي ذاك العضو الذي يقدم بيمناه عملًا ناجزًا، ليستطيع ان يقدم بيساره مساحات النقد المقبول من أمثاله.
ولنقل بمعنى آخر أن مبرر النقد قد لا يكون مقبولًا كثيرأ-في الإطار الحركي من العاجز أوالبائس او المنحرف أو المستنكف أو المتحلل من أي عمل- كما لا يمكنك أن تطلب من أحدهم أن يعمل وأنت مقصّر معه ضمن الإطار التنظيمي فلم تجعل له مكانًا أو موقعًا أو تكليفًا مهما قلّ أو صغُر لأنه بهذا العمل يُدرَج ليصبح جزء من النظام، جزء من الإطار، جزء من الحياة الداخلية، وبالتالي بانخراطه بالعمل يتحول لجزء من الممارسة والحياة الديمقراطية.
إذن الأصل أن يكون هناك عمل يومي لكل عضو وتتم متابعته عبر الآليات المعروفة من اتصالات مختلفة، ومن هنا فنحن لا نستطيع أن نُلزم العضو بأي شيء إن لم يكن منخرطًا في أتون معركة العمل والعطاء فهي المقياس المرتبط بتحقيق الأهداف وعبر المتابعة الحثيثة.
المؤتمرات تأتي كما أسلفنا تتويجًا لمرحلة طويلة من العمل، لذا فإن جاهزية الإطار للمؤتمر يعني أنه قدّم مجموعة من المبادرات أو النشاطات أو الانجازات الحقيقية في أولها بناء الذات للعضو/للأعضاء، وفي دعمه عبر ادماجه في المفاصل، وفي تكليفه وفي إشراكه، وبالتالي تتولد لديه إرادة الحفاظ على الكائن أو الناتج، لأنه مشارك به فلا يقف على التلّة مهمومًا يتفرج أوينتقد ويشتم بلا أي معنى لمجرد أنه خارج البوتقة!
نقول أن المؤتمرات عبارة عن محطة لازمة لوضع الخطط ورسم السياسات وبناء النظم أوتعديلها كما هو إقرار بمرحلة أو اجتراح مرحلة جديدة، وتكريس أو تغيير قيادة قديمة.
من هنا فإن اعلان حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح عن موعد مؤتمرها القادم عام 2022م من المتوجب أن يأتي في هذا السياق الفكري والثقافي والسياسي.
هل المؤتمر حاجة يشعر بها الجميع أم أن الاحساس بالحاجة يحتاج لشحذ عند الكثيرين؟ أم أن البعض أصلًا لا يرى خيرًا أو مبررًا بالتغيير؟ ومن هؤلاء الذين لا يرجون خيرًا بالتغيير أو لا يريدونه تتموضع فئات المتسلقين والانتهازيين والمصلحيين أوالذين لا يرون الدنيا الا من فوق أنوفهم، أو عبر ذواتهم المتعملقة فقط وهم يجب أن يكونوا أحد أهداف المؤتمرين لتعريتهم.
التخطيط ورسم المسارات، والسياسات ووضع الأسس وإقرار أو عدم إقرار التقارير من المهم أن تكون سياسة مستقرة في كل المؤتمرات عامة، ومن هنا تصبح الفكرة التغييرية ذات صلة بمضمون السبب الذي يسبق النتيجة (العمل هو السبب والنتيجة هي الإقرار والانتخاب أوالتثبيت).
لنا ان نقول أن للفكرة الهادفة ذات العمق النضالي وهج هام حين يجمع عليها مجموعة او كتلة من الأعضاء فيرتفعون بها ولا ترتفع بهم، لأنها الأبقى وفي هذا الفهم يذوبون شوقًا لبهاء الفكرة أيّ كان القادر على حملها من بينهم.
نحن محتاجون دومًا لفكرة جامعة، وفكرة قابلة للحياة في الأمد الزمني (خطة وبرنامج واستراتيجية عمل) على كافة الصعد آخذين بالاعتبار القضايا الذاتية، وتلك البيئية فليس لكل رغبة بتحقيق فكرة قدرة التطبيق إلا متى ما كانت الأكتاف تتحمل الثقل وتتحمل العبء وهؤلاء هم الرجال والنساء الصناديد الذين قد يتغيرون في كل مرحلة، ووجب ذلك كي تظل الفكرة كبيرة ويتغير حملتها مع الأكتاف الشابة الفتية العفيّة فكرًا وعملًا وجسدًا.

كلمات دلالية

اخر الأخبار