الانتخابات المبكرة في تركيا.. إصرار المعارضة يواجه "رفض إردوغان"

تابعنا على:   17:43 2021-11-29

أمد/ أنقرة - وكالات: يندلع النقاش مرة أخرى بشأن "الانتخابات المبكرة" بين الحكومة التركية وأحزاب المعارضة، في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الليرة، حيث تواصل انخفاضها إلى مستويات قياسية في سوق العملات.

وبينما تصر أحزاب المعارضة على ضرورة إجراء تلك الانتخابات "في أقرب وقت"، يقول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: "لا لهذه الانتخابات"، ويؤكد على ذلك حليفه زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت باهشتلي.

وأضاف إردوغان، الأسبوع الماضي في تعليقه على دعوات المعارضة: "أي انتخابات مبكرة؟ هذه من عمل الدول القبلية. لا يمكنك رؤية مثل هذا الشيء في دولة متقدمة، وفي الغرب. الانتخابات ستكون في يونيو 2023".

ووفق وسائل إعلام تركية، بينها صحيفة "جمهورييت" تنوي أحزاب المعارضة في الوقت الحالي، زيادة الضغوط على الحكومة التركية، على أن يجتمع قادتها في مرحلة لاحقة من الشهر المقبل، بخصوص ذلك.

وفي الرابع من ديسمبر المقبل سيصل زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كلشدار أوغلو، إلى مدينة مرسين من أجل "حشد الأصوات المنادية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت".

كما شارك صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشارك السابق لـ"حزب الشعوب الديمقراطي" في هذا النقاش من خلال حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، داعيا إلى "سبع مسيرات مشتركة في سبع مناطق" لأحزاب المعارضة".

أما زعيم "حزب المستقبل"، أحمد داوود أوغلو، فقد انتقد قبل يومين رفض إردوغان لدعوات "الانتخابات المبكرة"، معتبرا أن الأخير "يرفض الديمقراطية، ويرفض المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة التي هي إحدى أدوات الديمقراطية".

هل يذهبون مبكرا للانتخابات؟ 

دعوات أحزاب المعارضة بشأن إجراء الانتخابات المبكرة ليست بجديدة، بل يعود طرحها إلى أكثر من عام، لكن أزمة العملة الحالية التي تعيشها البلاد دفعت هذه الأحزاب لتصديرها من جديد، على الرغم من الرفض القاطع الذي أبداه إردوغان بشأنها لمرات كثيرة.

ويقول باحثون أتراك في حديث لموقع "الحرة" إن ما سبق لا يمكن فصله عن "الحملات الانتخابية"، التي تحاول أحزاب المعارضة التركية تصديرها، في محاولة لزيادة الضغط على الحزب الحاكم.

وفي الوقت الحالي، لا تبدو ملامح واضحة لما ستكون عليه التحالفات الانتخابية في المرحلة المقبلة.

وبينما يبرز إردوغان كمرشح أساسي لـ"تحالف الجمهور" (حزب العدالة والتنمية، حزب الحركة القومية)، لا تلوح في الأفق أي بوادر اتفاق بين أحزاب المعارضة المتحالفة ضمن "تحالف الأمة" على اسم مرشحها، أو ربما مرشحيها.

ويقول الباحث السياسي التركي، هشام جوناي، إن "فكرة الانتخابات المبكرة يتم تداولها منذ عامين لكنها لم تتطبق بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا".

ويضيف جوناي لموقع "الحرة": "في الوقت الراهن أعتقد أن الاقتصاد ليس له حل إلا بتجديد الانتخابات، سواء بإعادة انتخاب إردوغان أو أي حزب آخر. الأسواق تنتظر قرارا سياسا حاسما في موضوع العملة والبنك المركزي".

وحتى الآن لم تطرح أحزاب المعارضة مشروعا موحدا ورئيسيا للناخب التركي، فيما تؤكد على نيتها إعادة النظام البرلماني.

وفي المقابل تصر الحكومة التركية على أن الانتخابات ستجري في يونيو 2023، ويشير جوناي: "لا أظن أن هناك بوادر لتحسن الاقتصاد في ظل الإدارة الحالية، لذلك تستوجب هذه الأزمة إعادة الثقة في الحكومة أو في انتخاب حزب معارض يقدم البديل".

"تسجيل نقاط"

وتشير جميع المعطيات المفروضة في الداخل التركي إلى أن حالة الاستقطاب والجدل السياسي لن تنتهي بسهولة. ويرتبط ذلك بمحاولات أحزاب المعارضة استثمار أي أزمة، أو كارثة، لمجابهة الحكومة، في خطوة للاستعداد للانتخابات المقبلة.

وعلى مدى الشهرين الماضيين ساد جدل بشأن ملف اللاجئين في البلاد، وصولا إلى ما يدور الحديث عنه اليوم من تبعات انخفاض قيمة الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية.

وقبل ذلك، ساد جدل آخر يتعلق بصحة إردوغان، والشكوك التي أثارتها وسائل إعلام معارضة داخليا.

بدوره يرى الباحث في الشأن التركي، مهند حافظ أوغلو، أن "المعارضة تريد أن تهرب إلى الإمام من خلال الانتخابات المبكرة. هي تريد إحراج حزب العدالة والتنمية قبل المدة الحالية التي يجب أن تنتهي في صيف 2023".

ويقول حافظ أوغلو لموقع "الحرة": "لا يزال تحالف الجمهور يؤكد على أن الانتخابات في موعدها"، مستبعدا أن تذهب الأمور إلى الانتخابات المبكرة في ظل الأزمة التي تعاني منها عملة البلاد.

وبوجهة نظر الباحث التركي فإن "المعارضة تريد أن تسجل نقاطا ضد الحكومة، لكن دون أن تقدم مشروعا للشعب التركي. هي تريد أن يكون هناك انتخابات من أجل أن يخسر إردوغان الانتخابات".

وبحسب حافظ أوغلو: "المعارضة لم تتفق حتى الآن على مرشح أو ربما مرشحين، وبذلك يمكن قراءة دعواتها على أنها ضغط على العدالة والتنمية، مستغلة بذلك الحالة الاقتصادية. هي تحاول أيضا استهداف من يقف على الحياد".

"التكهن صعب"

وبحسب الباحثين، الذين تحدثوا لموقع "الحرة"، فمن الصعب في الوقت الحالي توقع نتائج الانتخابات، سواء المبكرة أو المقرر تنظيمها في يونيو 2020.

ويعود ذلك إلى التغيّر الذي قد يطرأ على الساحة الداخلية للبلاد، في الأشهر المقبلة من جهة، ويرتبط أيضا بطبيعة الأحزاب الصغيرة وتوجهاتها، وهي التي خرجت إلى الواجهة في العامين الماضيين، من جهة أخرى.

وبين اليوم والآخر تتضارب نتائج الاستطلاعات التي تنشرها مراكز الأبحاث في تركيا، بشأن آراء الناخبين ووجهات نظرهم بشأن الحال العام.

وبينما يظهر البعض منها انخفاضا ملحوظا في شعبية الحزب الحاكم، توضح أخرى أن النتائج لا يمكن حسمها في الوقت الحالي، مع ترجيحات بميل كفة "العدالة والتنمية" على حساب الأحزاب الأخرى، في الاستحقاق الذي ينتظره الكثيرون.

الباحث السياسي التركي، طه عودة أوغلو، يقول إن "أحزاب المعارضة تحاول الاستفادة من الغضب الشعبي لهبوط الليرة التركية لحشد التأييد للانتخابات المقبلة في البلاد".

ويضيف عودة أوغلو لموقع "الحرة": "كما هو معروف فإن إردوغان هو الوحيد الذي يملك الصلاحية للدعوة إلى انتخابات مبكرة، في حين لا تملك المعارضة الأغلبية الكافية في البرلمان".

ولكن، حسب التسريبات من أروقة الحزب الحاكم، يتابع الباحث التركي "فقد أعطى الرئيس إردوغان تعليمات للمقربين منه للاستعداد لهذه الانتخابات (المبكرة). وفي حال كانت تصب في مصلحة الحزب سيتم إجراؤها صيف العام المقبل".

ورغم اشتعال الجدل، والحشد الكبير، الذي تنفذه المعارضة يشير الباحث: "من المبكر جدا الحديث أيضا عما إذا كانت الأحزاب ستنجح في إثارة الرأي العام ضد الحكومة".

اخر الأخبار