نحن ديموقراطيون وأنتم غير ديموقراطيين

تابعنا على:   15:20 2021-12-08

د. ناجى صادق شراب

أمد/ هذا هو ملخص دعوة الرئيس بايدن وإدارته لعقد مؤتمر للديموقراطيه الذى عقد هذا الشهر على مدار يومين بإستبعاد دول كثيره روسيا والصين وكل الدول العربيه بإستثناء العراق. 

وقبل الوقوف على مصداقية وجدية الدعوة، ما هو حال الديموقراطيه الأمريكية وخصوصا في عقدها الأخير مع إدارة ترامب.

أشير إلى التساؤل الفلسفى أيهما افضل السلطويه ام الديموقراطيه؟ وهل من نظام سياسى مثالى يمكن ان يصلح لكل الأنظمه والشعوب في العالم؟في أدبيات النظم السياسيه لا يوجد نظام سياسى مثالى ، فالمثاليه وهى حاله مطلقه غير قائمه ،فيبقى النظام السياسى الناجح هو الذى يعكس ويجسد التطورات والمحددات التي تحكم بيئة النظام، فالنظام السياسى بيئه شامله داخليه تحكمها عناصر قابله للتطور أهمها العنصر السكانى القابل للزياده وما يحكم هذا العنصر من إحتياجات ومطالب متزايده، وهذه الإحتياجات والمطالب ليست ماديه فقط بل تتعلق بالحاجات المعنويه مثل الحقوق والحريات التي تتوافق وفطرة الإنسان.

ولا يقتصر التاثير على البيئة الداخليه بل هناك تأثيرات البيئة الخارجيه بكل مؤثراتها كما نرى ذلك في الضغوطات التى تمارسها دول معينه كأمريكا بالضغط على دول وأنظمة حكم أخرى تقوم بإنتهاكات وتعديات لحقوق الإنسان وكرامته الآدميه فتمارس الضغط وفرض العقوبات. والمثال الواضح هنا في المؤتمر الذى دعت إليه إدارة بايدن وأستبعدت دولا كثيره كما أشرنا. هذا ولا يوجد نظام سياسى واحد يمكن أن ينطبق على بيئة غير بيئته، فبيئة النظام السياسيه تختلف من نظام لآخر كدور الدين مثلا والعقيده وألأيدولوجيه ودور مؤسسات المجتمع المدنى وتواجد الثقافه المدنيه ودور المؤسساتيه والثقافه الرعوية والشخصانيه ودور المؤسسسه العسكريه وعلاقاتها بالسلطه المدنيه وكل هذه العناصر تتباين من نظام لآخر. فعلى سبيل المثال في النظم الديموقراطيه تقوم على المؤسساتيه والدستوريه ومنظومة القيم والحقوق، وعلى التعدديه والتسليم بمبدأ تداول السلطه والمشاركه السياسيه الواسعه.

والإنتخابات كوسيلة دوريه لتداول السلطهم ففي مثل هذه النظم ليس مهما من يفوز بالإنتخابات لأن مرجعية النظام السياسيى واسس شرعيته ثابته ويلتزم بها من يفوز بالإنتخابات ، وقد تكون هناك تمايزات بسيطه تتعلق ببعض القضايا ألإقتصاديه والإجتماعيه لكن ثوابت النظام السياسى ثابته لا تتغير بتغير من يحكم شخصا أو حزبا. هذا الحال قد لا يصلح في نظمنا السياسيه فالإنتخابات قد تأتى بجماعات إسلاميه اول ما تقوم به العمل على الغاء الشرعية السياسيه القائمه وإستبدالها بشرعيتها ومرجعيتها الدينيه وهذا قد يقود لحالة من عدم الاستقرار والعنف الداخلى وفقدان السلم الإجتماعى وخصوصا في دول فيها جماعات دينيه وأثنيه أخرى ، فتكون النتيجة الحتميه ان الانتخابات وحتى ما يسمى بالنظام الديموقراطى لا تصلح في مثل هذه الحاله ، مما يدفع للتدخل العسكرى ومحاولة إستعادة النظام السابق ، ومحاول فرض السلطويه القادره على تحقيق الاستقرار والسلم الإجتماعى ، والتساؤل هنا الذى يثار ايهما افضل السلطويه بالإستقرار والسلم الإجتماعى مع تقييد لدرجة من الحقوق ام الديموقراطيه بإندلاع العنف والفوضى وتدهور لمنظومة الحقوق بكاملها.هذا التفسير قد يرفضه البعض وترفضه الدول التي تتمسك بأنظمتها الديموقراطيه كالولايات المتحده مثلا. لكن حتى هذه الدول لا يمكن القول انه يسودها الديموقراطيه الكامله ،فلا شك ان مثل هذه ديموقراطيات تعانى من اعراض مرضيه كثيره، صحيح هي ما زالت قويه وحيه ومن منظور الحقوق الفرديه تعتبر الأفضل مقارنة بغيرها، لكنها أيضا تعانى . والمثال الواضح لدينا النظام الديموقراطى الأمريكي منذ إدارة ترامب.وهنا ثارت تساؤلات كثيره وبرزت العديد من الدراسات التي تناولت الحالة الأمريكية وهنا من تساءل هل تراجعت الديموقراطيه ام انها تحتضر.وخصوصا بعد ألأحداث التي شهدتها الانتخابات الأخيره وتشكيك ترامب فيها والهجوم غير المسبوق على الكونجرس، وتمزيق بيلوسى نانسى رئيس مجلس النواب عن الديموقراطيين خطاب الرئيس ترامب. وعدم مصافحة ترامب لها، ومقتل جورج لويد علي يد أفراد من الشرطه تنبأ بإنقسامات مجتمعيه.وتشكك بعض المحللين بالتفاخر بأن الديموقراطيه الأمريكية ألأقدم في العالم.ووصفها بالسخيفه وأنها حديثه كما البرتغال وأسبانيا.وكما أشارت أشلى باركر وجون هدسون في الواشنطن بوست أن قمة الديموقراطيه تضم دولا لا يمكن تصنيفها بالديموقراطيه.وجاء في المقال أنه رغم إنتقاد وزارة الخارجيه للباكستان بإنتهاكها لحقوق الإنسان تم دعوتها لإعتبارات جيوسياسيه بعد إنقلاب طالبان في أفغانستان.واضاف ان إدارة بايدن تريد تقسيم العالم إلى أخيار وأشرار .وتراوحت الدول ما بين ديموقراطيه وديكتاتوريه ودول تقع في المنطقه الرماديه مثل هنغاريا وتركيا. وقد سبق لإدارة ريغان ان وصفت الكتله السوفيتية بإمبراطورية الشر، ووصف جورج دبليو بوش للعراق إيران وكوريا الشمالية بمحور الشر. ومن المفارقات تصنيف مؤسسة فريدم هاوس للديموقراطيه والتي تبدأ من واحد للمائه وكيف ان الولايات ىالمتحده تراجعت من 94 نقطه إلى 83 نقطه في اعقاب الهجوم على الكونغرس في يناير 2021.واليوم تواجه الديموقراطيه الأمريكية إنقلابا كما وصفه ريشارد هاسن أستاذ القانون والعلوم السياسيه في جامعة إيفرين الأمريكية من قبل ترامب والمطالبه بالإصلاح الإنتخابى كما حدث في ولاية ويسكنسن وإذا تحقق ذلك على يد الحركة السلطوية المتشدده من الجمهوريين فقد تكون انتخابات 2024 الأخيره وكما أشارت لورا توتسون أن هذا لو حدث في دول أخرى لفرضت عليها العقوبات. . وألأصل ان فكرة المؤتمر جاءت في مقال لبايدن في الفورين أفيرز أثناء حملته الإنتخابيه للرد على إتهامات ومحاولات ترامب. ويبقى ان هذا المؤتمر الإفتراضى هذا العام والذى سيعد مباشرة العام القادم محاوله من إدارة بأيدن لإتقاذ الديموقراطيه ورساله أن أمريكا ما زالت القوة التلى تقود وتحمى النظام الديموقراطى ، وقد تأتى فى سياق الحرب البارده الجديده مع الصين وروسيا.

كلمات دلالية

اخر الأخبار