مركز الزيتونة يعقد ندوة حول الترتيب العربي في نماذج القياس الدولية وتداعياته المستقبلية

تابعنا على:   17:33 2021-12-08

أمد/ غزة: نظّم مركز الزيتونة حلقة نقاش، حول نتائج الدراسة المهمة التي قام بإعدادها البروفيسور وليد عبد الحي، أحد أبرز خبراء الدراسات المستقبلية في العالم العربي، والتي قام المركز حديثاً بنشرها تحت عنوان "الترتيب العربي في نماذج القياس الدولية وتداعياته المستقبلية". أدار الحلقة أ.د محسن محمد صالح مدير مركز الزيتونة.

في بداية حديثة شدّد البروفيسور وليد عبد الحي على أهمية الدراسات المستقبلية ودورها في رسم السياسات واستشراف التحولات والتغيرات في الخارطة السياسة. وفي حديثه عن الدراسة التي أعدها، سلّط عبد الحي الضوء على المعايير التي استخدمها في الدراسة ومصادر المعلومات التي اعتمد عليها والمنهج الذي انطلق منه وهو تكمية مؤشرات معينة والمقارنة بين الدول على أساس هذه المؤشرات.

وأشار أن الدراسة انبنت على عشرة مؤشرات رئيسة هي: الديموقراطية، والاستقرار السياسي، والفوارق الطبقية، والعسكرة، والعولمة، والإنفاق على البحث العلمي، ومعدل الجريمة، ومعدل الفقر، والإنفاق على الصحة، ومعدل الأمية؛ ويتبع هذه المؤشرات 413 مؤشراً فرعياً.

وفي حديثه عن الاتجاه العام للاستقرار السياسي في الدول العربية للسنوات الأربع القادمة، أشار عبد الي إلى 64.7 % من العالم العربي يعيشون في بيئة غير مستقرة. وأن نسبة عدم الاستقرار في المنطقة العربية تساوي ثلاثة أضعاف باقي المناطق. وأن المنطقة ذاهبة على ما يبدو إلى وضع أسوء مما نحن عليه.

وفيما يتعلق بمؤشرات الاستقرار السياسي في القوى الإقليمية غير العربية، والتي تشمل "إسرائيل" وتركيا وإيران، وهي ذات تأثير مستمر ومباشر في الشأن العربي، فإن  اتجاه عدم الاستقرار يتزايد في إيران و"إسرائيل" بنسبة متساوية وهو ما سينعكس بكيفية أو أخرى على المنطقة العربية بما يزيد الاحتقان فيه. 

وفيما تعلق بتركيا فعلى الرغم من تسجيلها تحسناً واضحاً في معدل استقرارها خلال فترة القياس، إلا أن مستوى التحسن تراجع خلال فترة 2020 و2021 . وبالمجمل فإن التأثير المتبادل بين عدم الاستقرار العربي وبين عدم استقرار القوى الإقليمية غير العربية، يشي بمزيد من الاضطراب لدى الطرفين العربي وغير العربي.

كما تحدث الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي عن تأثير الانكماش الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وإحداثه فراغاً جيو-استراتيجياً ستعمل القوى الصاعدة (الصين، وروسيا) على توظيفه، مما سيعرض خريطة التحالفات التقليدية إلى إعادة تشكيل، وهو ما قد يوجِد مواجهة بين قوى التحالفات التقليدية الإقليمية وبين قوى الاستدارة نحو تحالفات جديدة.

وختم حديثه موصياً بتحديد المواقف والسياسات من الأنظمة العربية على أساس الاستناد إلى المناهج الكمية المناسبة لموضوع الدراسة للتخلص من مراوغات الاتساق المعرفي المفتعل، كما دعا القوى العربية إلى البدء بوضع استراتيجيات تكيفية استباقية لتتمكن من توظيف التحولات المستقبلية الجيو-استراتيجية لصالحها.

وفي المداخلات، أشاد السادة المشاركون بالدراسة، مؤكدين على أهميتها وخصوصاً تنوع المؤشرات التي اعتمدت عليها والمعلومات، وأشاروا إلى دور مثل هذه الدراسات وأهيتمها في تحديد مسارات المنطقة ورسم السياسات والخطط لمواجهة التحديات المستقبلية.

ورأى د. كين تيان نائب مدير المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، أن الوضع العام في معظم الدول العربية هو وضع مقلق وأسوأ مما كان عليه قبل الربيع العربي، وهذه الخلاصة متسقة مع ما يراه المفكرون الصينيون الذين يعتبرون أن "الربيع العربي" كان مضراً وليس مفيداً، وبحسب رأيه فإن أهمية التطبيق أهم من أشكال الحوكمة، والفاعلية أهم من الديموقراطية المزعومة.

أما المفكر والخبير الاستراتيجي أ. د. سيف الدين عبد الفتاح من مركز إنسان في إسطنبول، فرأى أن الاستقرار الذي تشهده الدول التي شهدت حراكات تغيير والتي تم قمعها إنما تعيش في استقرار زائف يقوم على التخلف وليس على النهوض والتقدم، ورأى أن الدراسة أعطت جرس إنذار لهذه المنطقة التي ستدخل في حالة عدم استقرار ومشاكل بنيوية اجتماعية وسياسية واقتصادية.

وشدد د. سامي العريان مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية في إسطنبول، على أهمية أن تتناسب المؤشرات المستخدمة في الدراسة على معايير مناسبة للدول والمتجتمعات العربية كي تكون واقعية وتعكس الوضع الحقيق للدول العربية.

وفي مداخلته أشار د. اندري كورتونوف، المدير العام لمجلس العلاقات الدولية في موسكو، إلى ضرورة تحديد وتحليل العوامل المؤثرة وهل هي عوامل داخلية أم خارجية، عند الحديث عن الدولة من حيث وجود الاستقرار والفاعلية أو غيابهما.

ورأى د. عبد الحليم فضل الله مدير المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في بيروت، أن المؤشرات التي وردت في الدراسة تصف الواقع من الأعلى دون أن تتعمق، وهذا قد يؤدي إلى انقطاع مفاجئ، كالثورات العربية.

وأكد كل من د. خيري عمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة سكاريا في تركيا ود. عبد الستار رجب أستاذ علم الاجتماع في جامعة قرطاج في تونس، على أهمية هذا النمط من العمل البحثي، أما عاطف جولاني الخبير السياسي والإعلامي، فاقترح أن تُحوّل هذه الدراسة من دراسة قامت بمجهود فردي إلى دراسة تقوم على أساس مجهود جماعي مؤسسي، وهو ما سيعطي هذه الدراسة أهمية أكبر.

وطرح د. داود عبد الله مدير منظمة ميدل إيست مونيتور في لندن، تساءلاً حول سبب وصول الوضع العربي إلى ما هو عليه من السوء والتراجع، كما تساءل سينين فلورنسا، السفير السابق، والرئيس التنفيذي للمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط في برشلونة بإسبانيا، عن كيفية الاستفادة من نتائج هذه الدراسة القيمة على أفضل وجه، أو لكي نعطي بعض التفسيرات حول القياسات لتحسين الأمر على أرض الواقع.

وفي معرض رده على مداخلات المشاركين، أكد البروفيسور عبد الحي أن الدراسة اعتمدت على مراجع من الممكن العودة إليها، والاطلاع على المنهجية التي استخدمت فيها. وحول آلية استثمار هذه الدراسة في رسم السياسات العامة، قال إنه من الممكن الاستفادة من هذه الدراسة ولكن هذا ليس دوره، إنما هو دور صانع القرار.

وفي مسألة استقرار النظام السياسي التركي، قال لا نستطيع أن نغفل الحروب التي تخوضها تركيا مع الأكراد في سورية والعراق والتدخل في سورية، وتراجع الليرة التركية كلها مؤشرات عدم استقرار.

وختم عبد الحي أنه قام بتشخيص ما هو موجود من معطيات بطريقة متجردة بغض النظر عن التفاوت في بعض الأرقام، وأن هذه المؤشرات تدل على حالة مقبولة، بناء على وزن المؤشر ومدى تأثيره في المتغيرات المستقبلية.

اخر الأخبار