الهذالين شهيداً من أجل الأرض وصالحية بجسده حمى البيت

تابعنا على:   20:44 2022-01-18

راسم عبيدات

أمد/ الشيخ سليمان الهذالين، شيخ ا ل م ق ا و م ة الشعبية الحقيقية،بقي ملتصقاً في الأرض والدفاع عنها،حتى لحظة إ س ت ش ه ا د ه،بعد ان تعرض الى عملية دهس من قبل احدى مركبات الإحتلال في الخامس من الشهر الحالي.

هذا الشيخ بحسه وعفويته وتجربته وخبرته الطويلة،ادرك ويدرك ان الصراع يتمحور حول الأرض،تلك الأرض التي يسعى المحتل الى طرد شعبنا منها والسيطرة عليها...ولذلك وعَى جيداً بان م ق ا م ة هذه الغزوة ، تستوجب أوسع مشاركة شعبية تمكن من إفشال مشاريع ومخططات الإحتلال في سرقة الأرض ونهبها والسيطرة عليها،وطرد وتهجير شعبنا منها ،فهو كان دائم الحضور في الفعاليات والنشاطات والمسيرات والمظاهرات الإحتجاجية التي تستهدف حماية الأرض والدفاع عنها،ليس في منطقة الخليل ومسافر يطا على وجه التحديد،بل نشاطه ومشاركته امتدت الى كامل مساحة الضفة الغربية.

الشيخ الهذالين شكل أنموذج حقيقي وشعبي ل ل م ق ا و م ة الشعبية ...ولذلك حظي بثقة واحترام أبناء شعبه،وهذا تجلى في تشيع جنازته المهيبة،التي حرصت الجماهير الشعبية على المشاركة فيها بالألاف في مسقط رأسه قرية " ام الخير" في بلدة يطا،وكذلك التصريحات والبيانات التي أشادت به وبدوره وبصموده ونضالاته وتضحياته فصائلية وحزبية وقوى وحركات م ق ا و م ة شعبية وجماهير شعبية،ناهيك عن التهديدات التي أطلقتها كل الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية  مهددة ومتوعدة بأن الإحتلال سيدفع الثمن غالياً،جراء ما يرتكبه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني،وفي المقدمة منها جريمة ،دهس شيخ وأيقونة ا ل م ق ا و م ة الشعبية،هذا الشيخ الذي تهجر من بلدة عراد في مدينة بئر السبع،ليسكن في بلدة "ام الخير"  في يطا بعد ان اشترى والده قطعة أرض هناك عام 1965 .

وفي المقابل وجدنا المواطن محمود صالحية من حي الشيخ جراح،الذي اكتوى هو وعائلته واهالي بلدة عين كارم في القسم الغربي من المدينة،بنار التهجير والنكبة عام 1948 ،حيث سكن هو وعائلته في منطقة الشيخ جراح..وصمم على أنه لن يعيش نكبة ثانية،ولن يخرج لا هو ولا والدته ولا شقيقته التي تسكن الى جانبه من بيتيهما إلا نحو القبر او العودة الى مسقط رأسهما في بلدة عين كارم...وصالحية التي أرهقته بلدية الإحتلال في محاكمها والغرامات والمخالفات المالية الباهظة على مدار 23 عاماً،سعت من خلالها الى طرده وتهجيره والإستيلاء على أرض المشتل التي يديرها،وتبلغ مساحتها ستة دونمات،وكذلك طرده هو وشقيقته من بيتيهما،تحت حجج وذرائع عدم الترخيص، لم تنجح بلدية الإحتلال ولا الجمعيات الإستيطانية والتلمودية في مشاريعها ومخططاتها،وكالعادة في مثل هذه الحالات،تكون بلدية الإحتلال التي تعج بالمتطرفين جاهزة،لمساعدة المستوطنين ،حيث أخطرت بلدية الإحتلال المواطن صالحية في شهر كانون اول/2021،بأن عليه إخلاء الأرض والبيتين قبل 25 كانون ثاني من العام الحالي،لأنها تريد بناء مدارس ورياض أطفال للسكان العرب في المدينة...ولعل هناك إجماع مقدسي على أن الهدف ليس إقامة مدارس للسكان العرب،و"اللي بجرب المجرب عقله مخرب"،فهناك البناية التي أقيمت في منطقة واد الجوز،على أساس أنها ستكون مدرسة ثانوية للبنات،لحل أزمة عدم وجود مدارس ثانوية للبنات في القدس،تستوعب طالبات مدينة القدس والضواحي، بعد مماطلة تجاوزت عدة سنوات، تحولت البناية الى مكاتب لوزارة داخلية الإحتلال.

ومن هنا أهالي حي الشيخ جراح والقدس،يدركون تماماً في ظل الحرب التي يشنها الإحتلال على سكان حي الشيخ جراح،بقسميه الغربي ،جورة النقاع" كبانية أم هارون" والحي الشرقي من الشيخ جراح" كرم الجاعوني" ، من أجل طردهم وتهجيرهم من بيوتهم،بأن الهدف من المصادرة ،هو خلق تواصل استيطاني كامل في منطقة الشيخ جراح،فقبل فترة لا تزيد عن شهرين،جرى مصادرة قطعة أرض في المدخل الرئيسي للشيخ جراح مساحتها أربع دونمات وسبعمائة متر مربع،تحت ذريعة تحويلها الى حديقة عامة،ولكن الهدف المخفي،هو استخدامها كموقف للحافلات وسيارات المستوطنين،الذين ياتون لزيارة ما يعرف بقبر شمعون الصديق،وخادمة للمشروع الإستيطاني،الذي سيقام مكان بيوت " كرم الجاعوني" بعد طردهم وتهجيرهم (28 عائلة ) يتهددها خطر التهجير والإقتلاع.

صالحية الذي ذاق مرارة طعم النكبة والتهجير،كان مصمماً على ان لا يعيش النكبة مرة ثانية،حتى لو كان ثمن ذلك حياته وحياة أسرته،وهو لن يهدم بيته بيديه،ولن ينتظر قدوم جرافات و"بلدوزرات" الإحتلال،لكي تهدم بيته،فكان قراره الذي اتخذه،والذي شكل  قراراً نوعياً وغير مسبوق في مجابهة عمليات الهدم التي ينفذها  الإحتلال بشكل يومي بحق بيوت المقدسيين من هدم ذاتي تحت طائلة التهديد بتحميلهم تكاليف عملية الهدم،إذا لم ينفذوا عمليات هدم بيوتهم بأيدهم،او الهدم بواسطة جرافات وآليات" و"بلدوزرات" الإحتلال مع تحمل تكاليف عمليات الهدم والتي تصل الى 30 - 40  ألف دولار أمريكي.

صالحية تحصن هو وأسرته على سطح المنزل، مع جرار الغاز والبنزين مهدداً بتفجير البيت،اذا ما حاولت شرطة وجيش الإحتلال إقتحامه..ووجه رسائله للمقدسيين،بأنه آن الأوان لهم أن يصحوا،وبأن من يخرج من بيته خ ا  ئ ن،ولن يخرج من بيته إلا للقبر..موقف صالحية هذا الذي كان يبث لكل دول العالم،استقطب بعثة الإتحاد الأوروبي  والصليب الأحمر ووكالة الغوث واللاجئين والعديد من اعضاء حركات السلام واعضاء الكنيست الإسرائيلي،ووسائل ومحطات الإعلام،الذين قدموا للمنطقة وطلبوا من جيش الإحتلال وشرطته ،عدم هدم بيت صالحية وإرتكاب مجزرة من شأنها ان تدفع نحو إنفجار الوضع في المدينة على شكل واسع،وربما تندفع الأمور نحو انفجار أبعد وأشمل من مدينة القدس،وخاصة ان واحد من شروط هدنة معركة "سيف القدس" عدم المس بسكان حي الشيخ جراح عبر الطرد والتهجير القسري والتطهير العرقي..

صحيح بأن صالحية شكل أنموذج وحالة جديدة في مجابهة عمليات هدم منازل المقدسيين في المدينة،فالمحتل تحت هذا القرار والخيار الذي اتخذه صالحية، تراجع عن عملية هدم بيت صالحية وشقيقته مؤقتاً،ولكن هذا الموقف وجه رسالة قوية للمحتل،بأن مواصلة عمليات القمع والتنكيل والطرد والتهجير والتطهير العرقي وهدم المنازل،تقرب من انفجار " المرجل" المقدسي،والذي باتت خياراته محدودة،فلا ثقة لا بمجتمع دولي ولا بإتحاد اوروبي...فهذه الهيئات والمؤسسات، لا تبيع شعبنا سوى الوهم والكذب والخداع والتضليل وبيانات الشجب والإستنكار،وفي الواقع العملي تقف الى جانب دولة الإحتلال،فخلال 73 عاماً من الإحتلال،لم تنجح في إزالة "طوبة" واحدة في مستوطنة،او توقف هدم بيت فلسطيني واحد،ولم تتخذ أية عقوبات رادعة بحق دولة الإحتلال،بل كانت تجد لها الحجج والذرائع للقيام بمثل هذه الأعمال من هدم للبيوت ومصادرة للأرض والإستيطان  واغلاق المؤسسات الفلسطينية.

نعم شيخ وأيقونة ا ل م ق ا و م ة الشعبية سليمان الهذالين  قضى ش ه ي د اً من أجل الأرض،التي أحبها وأحبته،ومحمود صالحية حمى بجسده وجسد عائلته بيته من الهدم...وخلق أنموذج جديد ونوعي في مجابة سياسات الهدم والطرد والتهجير القسري والتطهير العرقي.

اخر الأخبار