منظمة التحرير الفلسطينية وشرعية التمثيل الوطني وتناقض المفهوم الشرعي مع مرسوم القانون

تابعنا على:   17:52 2022-02-19

علي أبو حبله

أمد/  المفهوم الشرعي مع مرسوم القانون المحامي علي أبو حبله إن الهدف الأساسي الذي قامت من اجله منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها في 28/5/1964 هو تحقيق وبلوغ حق تقرير المصير على اعتبار أن هذا الحق هو حق الشعب العربي الفلسطيني في حكم نفسه بنفسه واختيار نظامه ومستقبله اختياراً حراً ولا يصبح هذا الحق قابلا للتطبيق إلا لشعب يعيش على أرضه ويشغلها بصورة مستمرة غير متقطعة لا بصورة استعراضية، وهذا ينطبق على الشعب الفلسطيني.

علما بان منظمة التحرير الفلسطينية لم تظهر تلقاء نفسها بل أن موقف الشعب العربي الفلسطيني نفسه من المنظمة هو العامل الرئيسي في تكريسها وتثبيتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني على كافة المستويات. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية حظيت بالاعتراف كهيئة قيادية للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. وان جميع المحاولات التي قامت وتقوم بها إسرائيل للبحث عن أناس مواليين لها يحلون محل منظمة التحرير الفلسطينية باءت وتبوء بالفشل حتما. ولأول مرة ظهر مفهوم الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في الدورة 24 للجمعية العامة في قرارها رقم 2535 بتاريخ 10/12/1969 وقد ورد فيه أن الجمعية العامة (تؤكد من جديد حقوق شعب فلسطين الثابتة). وان نعت الحقوق بأنها ثابتة تعني حرفيا (غير قابلة للتصرف) وهي تلك الحقوق التي يجوز التنازل عنها أو إنهاء العمل بها على أي نحو آخر، أو أعمالها بغير ما هي عليه، وهي نتيجة لذلك، ذات قوة وديمومة مطلقة. وان المكانة القانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية تكمن بالقرارات القانونية الشرعية التالية: 1-قرار مؤتمر رؤساء دول وحكومات البلدان العربية في مدينة الرباط المغربية عام 1974 م، بشأن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ثم منحها حق العضوية الكاملة في جامعة الدول العربية والتي تأسست عام 1945، الذي عزز مكانة المنظمة دوليا. 2- 1- قرار الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة رقم (3236) لعام 1974م، الذي تقدمت بمشروعه (72) دولة من بلدان حركة عدم الانحياز والدول الاشتراكية. حيث بموجب هذا القرار المذكور، وانطلاقا من أن الشعب الفلسطيني هو الجانب الرئيسي في القضية الفلسطينية، دعت الجمعية العامة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل لذا الشعب ,لتشارك في مناقشة القضية الفلسطينية في الجلسات العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة. وتلقت منظمة التحرير الفلسطينية دعوة للمشاركة بمثابة عضو مراقب في دورات الجمعية العامة وفي جميع المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الأمم المتحدة. 2- ب- في عام 1975، قررت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، دعوة منظمة التحرير الفلسطينية للمشاركة في هذه المؤتمرات على قدم المساواة مع المشاركين (الأعضاء). وتساهم منظمة التحرير الفلسطينية في مناقشة قضايا الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية، وفي مجلس الأمن الدولي كذلك. إذن، المجتمع الدولي بشخص هيئة الأمم المتحدة أعرب عن ضرورة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية، بكامل الحقوق في كل الجهود الرامية إلى أحرز التسوية العادلة والشاملة في الشرق الأوسط، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وعلى ضوء ما ذكر اعلاه فقد تمثلت ممارسة هذا الحق باعتراف عدد كبير من الدول بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني. وقد قبلت هذه الدول بافتتاح منظمة التحرير مكاتب لها في عواصمها، ومنحت العاملين في هذه المكاتب الحصانات الدبلوماسية وعاملتهم كما تعامل ممثلي الدول المستقلة ذات السيادة. ووفق هذا المفهوم فان ما صدر عن الرئيس محمود عباس، قرارا بقانون بشأن دعاوى الدولة، يدرج منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها كافة، ضمن "دوائر دولة فلسطين". هو قرار فاقد للشرعية وباطل لتطاوله على الأصل وإدراجه في خانة الفرع وفي هذا تعدي صارخ على الجسم التمثيلي للشعب الفلسطيني حتى وان كان تحت مسمى الدعاوى القانونية. رغم محاولات إضفاء صبغه قانونيه على إصدار المرسوم إلا انه تطاول خطير على الصبغه والصفة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية لما لمرسوم القانون من مدلولات وأبعاد سياسة، فقد تناول المرسوم منظمة التحرير الفلسطينية التي تحمل الصفة التمثيلية للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وهو كيان سياسي ومعنوي، وهذا بحد ذاته تجاوز يجب التوقف عنده وضرورة تفسير أسباب ومسببات إصدار المرسوم، أن القرار بقانون له مبتغى سياسي وليس قانونيا، وتم توقيعه دون تبيان النص القانوني الذي تم الاستناد إليه في القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، مشيرا إلى أن القرار بقانون فيه مخالفته للمبادئ الدستورية من حيث الاختصاص ومبررات الإصدار التي جاءت منطوية على عديد من الانتهاكات والمثالب التي تمس بحقوق الإنسان ومبادئ "دولة القانون" ما يوجب عدم نشره والعمل على إلغائه. إن ديباجة القرار بقانون خلت من الإشارة إلى الالتزام الدستوري ومضمون المرسوم يُنبئ بعدم توفر النية والإرادة السياسية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومجلس وطني كاستحقاق دستوري وفيها تجاوز لميثاق منظمة التحرير الفلسطينية. لم يعد خافياً على أحد الوضع الذي تعانيه منظمة التحرير الفلسطينية التي فقدت مؤسساتها ووجودها الفعلي ودورها المؤثر (سابقاً). غير أن الفترة الراهنة شهدت – نتيجة الضغوط الإسرائيلية والغربية - مزيداً من هزال دور المنظمة لمصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية التي تغولت كثيراً، فأصبحت تتجاوز جميع مفاصل "المنظمة" كون "السلطة" تستحوذ على كل دعم عربي ودولي، الأمر الذي جعل المؤسسات تخضع لها (عملياً: للحكومة) بشكل مباشر مقروناً بحالة من الاحتكار للمنظمة. وللأسف، فإنه ومنذ تأسيس "السلطة" اتضح دورها المرسوم لها بالتحديد، وهو: إدامة حالة المفاوضات التي حقق خلالها الاحتلال ما نراه واقعاً على الأرض اليوم، بحيث أصبحت فلسطين التي قد تسمح إسرائيل بـ "تحريرها" لا تتجاوز 11% من فلسطين التاريخية. تحت وطأة الضغوط الإسرائيلية/ الغربية وتحديداً الأميركية، مارست كل من قيادة المنظمة والسلطة – ولسنوات - سياسة إحلال السلطة بدلاً من المنظمة التي جُمدت دوائرها ومؤسساتها، حتى إن ميزانيتها عبر الصندوق القومي الفلسطيني باتت بنداً في ميزانية السلطة، وتابعة لها كما هو شأن الرواتب الأُخرى في "السلطة"، مؤثرة في قراراتها ونتائج اجتماعاتها، في ظل "مباركة" عملية من الفصائل المنضوية، حتى إنْ أعلنت رفضها القرارات. لكنها، وبسبب الخوف من قطع الميزانيات المخصصة لها، تحضر الاجتماعات وتمنح – غالباً بشكل غير مباشر - الغطاء للقرارات التنازلية، ولو عارضتها صوتياً.

الكل يعرف أن "السلطة" شُكّلت بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني، وبقيت العلاقة بـ"المنظمة" ملتبسة باستثناء القرارات العامة. وكثير من دوائر "المنظمة" توقف، وفي مقدمها الدائرة السياسية وعلاقتها باللجنة التنفيذية (التي تمثل القيادة الأعلى اليومية للشعب الفلسطيني)، وبالسفارات والمكاتب التمثيلية، ودائرة شؤون اللاجئين، وعلاقتها بتجمعات اللاجئين وبمؤتمراتهم في الخارج، وهيئة العمل الوطني، إضافة إلى وجود دوائر أُخرى على الورق فقط. وهناك أعضاء في "التنفيذية" – ونحن لا نتحدث عن الجميع - لا دور لهم سوى الاجتماع، وآخرون لا يشعرون بأنهم شركاء حقيقيون في القرار السياسي وفي تطبيقه العملي، سواء في دوائر المنظمة ومؤسساتها، أو في مؤسسات "السلطة". وفي ظل التهويد اليومي المتسارع للقدس المحتلة، واستعمار/ "استيطان" الأرض الفلسطينية، مع استمرار تذبذب العلاقات بين أكبر حركتين وطنيتين هما حركتا "فتح" و"حماس"، لا مبالغة كبيرة في القول إن الحركة الوطنية الفلسطينية قد توقفت عن الوجود الفاعل في السنوات الأخيرة. وهناك خشية حقيقية على منظمة التحرير الفلسطينية وإخضاعها وإفراغها من مضمونها بعد تصاعد الأصوات المطالبة في إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني بصورة مباشرة، سيكون السبيل إلى توحيد الحركة الوطنية وإحيائها. وهناك خشيه حقيقية في حال تم إعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير أن تتبرأ منظمة التحرير الفلسطينية من اتفاقات أوسلو؟ ووفق ذلك فإن ما ورد في المادة الأولى من اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية دائرة من دوائر الدولة، فيه تجاوز خطير لمكانة منظمة التحرير بوصفها شخصا من أشخاص القانون الدولي العام والسلطة الفلسطينية تتبع لها وليس العكس، بما له من تبعات ومخاطر سياسية وقانونية. وأن ما ورد في القرار بقانون ينطوي على مساس خطير بأحكام القانون الأساسي وحقوق الأفراد ويُشكل مخالفة صريحة للمادتين 10 و 32 من القانون الأساسي حيث حظر هذا النص على الأفراد إقامة أية دعوى مدنية تتعلق بالتعويضات عن انتهاكات حقوق الإنسان والتي صانتها المادة 32 والتي نصت على: "كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حُرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر"، في حين أن نص المادة الخامسة من القرار بقانون حظر سماع المحاكم لأية دعوى (مدنية) ضد دوائر الدولة سواء كانت أصلية أو متقابلة إلاّ إذا كانت لغايات أوردها النص على سبيل الحصر ولم تتضمن دعاوى التعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان. وأوضح أن القرار بقانون بشأن "دعاوى الدولة"، يشير إلى الإخلال بمبدأ المساواة بمخالفة صريحة لأحكام المادة 9 من القانون الأساسي وجوهر مبادئه الدستورية. وأن ما ورد في المادة 13 من القرار بقانون من وقف نفاذ قانون دعاوى الحكومة رقم 25 لسنة 1958 وتعديلاته لا يقوم مقام الإلغاء أو التعديل بل ينصرف إلى تجميد العمل وهو ما يُناقض مبدأ التطبيق الزماني للتشريع. وهنا تكمن مخاطر المرسوم بقانون للمس بالمكانة التمثيلية لمنظمة التحرير والتي قال الرئيس الشهيد المرحوم ياسر عرفات في خطابه في الامم المتحدة في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974،

فقد جاء في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد اكتسبت منظمة التحرير الفلسطينية شرعيتها من طليعتها في التضحية ومن قيادتها للنضال بكافة أشكاله، واكتسبتها من الجماهير الفلسطينية التي أولتها قيادة العمل واستجابت لتوجيهها.... واكتسبتها من تمثيل كل فصيل ونقابة وتجمع وكفاءة فلسطينية في مجلسها الوطني ومؤسساتها الجماهيرية"، مضيفاً "وقد تدعمت هذه الشرعية بمؤازرة الأمة العربية كلها لها.... كما أن شرعيتها تعمقت من خلال دعم الأخوة في حركات التحرر ودول العالم الصديقة المناصرة التي وقفت إلى جانب المنظمة تدعمها وتشد أزرها في نضالها من أجل حقوق الشعب الفلسطيني.... إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي بهذه الصفة تنقل إليكم تلك الرغبات والأماني وتحملكم مسؤولية تاريخية كبيرة تجاه قضيتنا العادلة." لم يعد خافياً على أحد الوضع الذي تعانيه منظمة التحرير الفلسطينية التي فقدت مؤسساتها ووجودها الفعلي ودورها المؤثر (سابقاً). غير أن الفترة الراهنة شهدت – نتيجة الضغوط الإسرائيلية والغربية - مزيداً من هزال دور المنظمة لمصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية التي تغولت كثيراً، فأصبحت تتجاوز جميع مفاصل "المنظمة"، بما في ذلك لجنتها التنفيذية، كون "السلطة" تستحوذ على كل دعم عربي ودولي،

الأمر الذي جعل المؤسسات تخضع لها (عملياً: للحكومة) بشكل مباشر مقروناً بحالة من الاحتكار للمنظمة. وللأسف، فإنه ومنذ تأسيس "السلطة" اتضح دورها المرسوم لها بالتحديد، بحيث بات دورها انقضاض على مكاسب ما تحقق لمنظمة التحرير بالصفة التي اكتسبتها امميا وعربيا. إسرائيل تتنكر للحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وتنزع أي صفه سياسيه وتمثيلية للسلطة الفلسطينية وتعتبرها سلطة إدارية تعنى بشؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال وتتنكر لحق العودة،

وأي انتقاص من دور منظمة التحرير الفلسطينية ودورها بصفتها التمثيلية فيه انتقاص من هذه الحقوق الوطنية والتاريخية والقومية ومرسوم القانون تطاول خطير على مكانة منظمة التحرير ويتناقض مضمون المرسوم حتى وان حاول معدوه حصره في الدعاوى والقضايا وخطر المرسوم في اعتبار منظمة التحرير ضمن دوائر الدوله الفلسطينية وفيه تطاول على الاصل لصالح الفرع وانتقاص لا بل نزع الصفة التمثيلية عن منظمة التحرير لصالح السلطة بلا سلطة والتي ما زالت تحت الاحتلال.

اخر الأخبار