شهادات فلسطينيين.. طريق العودة من أوكرانيا محفوفة بالمخاطر ... صور وفيديو

تابعنا على:   17:46 2022-03-03

أمد/ تل أبيب- حياة حمدان:  ما إن بدأت العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، رافقها قلق أهالي الطلبة الفلسطينيين على أبنائهم الذين يدرسون بالجامعات هناك، منهم من علق في الحرب وحوصر في مدينته قرب جامعته ومنهم من استطاع المغادرة قبل بدءها أو أثنائها.

في هذا التقرير قابلنا طالبة وطالب من فلسطيني 48، والذين وصلوا برفقة مجموعة من زملائهم الطلبة سالمين في الثامن والعشرين من فبراير، حيثُ عاشوا لحظات صعبة متوترة خلال الفترة الماضية. 

الطالب ذياب: رغم صعوبة الطريق إلّا أن تعاون الطلبة دعمنا معنوياً

موسى ذياب، من طمرة في الجليل الغربي، طالب جامعي بالمستوى الثاني من دراسة طب الاسنان في أوكرانيا، ويقيم في مدينة خاركوف الحدودية مع روسيا،  وهي احدى أولى المدن التي قصفت مع بداية اعلان العملية العسكرية، وتعد البؤرة الأكثر خطورة. 

موسى الذي قرر مغادرة مدينته بعد أن كان يستعد لاستقبال يوماً جديداً في جامعته، الا أنه تلقى اتصالاً من صديقه بضرورة الخروج من بيته نظرا لقرب القصف من منطقته، حيثُ قال: "بدأت الحرب الساعة الخامسة صباحاً، وحينها وردني اتصالاً من صديقي في تمام السادسة يطلب مني المغادرة فوراً لأنّ الحرب قد بدأت.

وتابع: "وضعت بحقيبتي ما يمكنني حمله عدد قليل من الملابس وأوراقي المهمة، وكل شيء كان سريعا جداً، لم اذهب لانفاق المترو بقيت في منزلي وكنت مستعداً في حال أطلقت صافرات الانذار في منطقتي أن اذهب للملجأ تحت  منزلي".

وشدد، كان بعض الطلبة مترددين في العودة لبلدانهم نظراً لعدم وضوح الصورة وجدية أمر روسيا بالحرب.

وأوضح، معلقاً: "بالنسبة لحقيقة تنفيذ روسيا حرباً على أوكرانيا فلم تكن الأمور واضحة بالنسبة لنا كطلاب نوعاً ما، ولا للجمهور العام، وكنا في فترة تعليم وجاهي بالجامعة، وكان هناك تردد من قبل الطلبة بأخد قرار العودة للبلاد أو البقاء، لسبب أننا لا نريد أن نخسر مواد دراسية ، وأيضا الجامعة كانت تطمئننا دائما وتقول لا داعي لمغادرة أوكرانيا، لن يحصل شيء ولن تحدث الحرب، ولكن هذا كان تأثيره سلبي على الطلبة وهكذا علق بعضهم  بالحرب".  

اما بالنسبة لظروف طريق العودة إلى منزله في الجليل، فأكد موسى، أنها كانت خطيرة، مضيفاً: ظروف صعبة ولا توصف، ذهبنا بالحافلات كنا نحو 100 طالب وطالبة من فلسطينيي 48، واستغرقنا الوقت يوماً كاملاً للوصول الى ملدوفا وعبر طرق ترابية ووعرة.

وأضاف: نحن كطلاب واجهنا استغلال مادي من أصحاب الحافلات حيث أن سعر التذكرة كان 500 دولار وهو مبلغ كبير جداً، وبرغم صعوبة الطريق والظروف المحيطة الا أن التعاون بيننا كطلبة كان واضحا جدا وذي اثر معنوي علينا". 

موسى الذي تسلح بالأمل، على أن يعود لبلاده سالماً، لكنه بقي قلقاً على زملائه من جنسيات أخرى، لم يستطيعوا المغادرة من أوكرانيا، وفي ذات الوقت كان لديه الرهبة والقلق بالوصول لبر الأمان وذلك لوجود عدد كبير من الطلاب الذين يريدون المغادرة، وشاهد ازدحامهم على المعبر الاوكراني نحو ملدوفا".

وتابع: عندما وصلنا إلى  ملدوفا تقابلنا مع طلبة آخرين، وتم استقبالنا والترحيب بنا، مشدداً: طلاب فلسطين وأراضي 48 في ملدوفا كانوا متعاونين جداً معنا، حيثُ لاحظنا  حفاوة الاستقبال منهم، لقد منحونا بيوتهم للمبيت فيها ووفروا الطعام وكل سبل الراحة نشكر شهامتهم ورجولتهم معنا". 

ونوه، أما بالنسبة لمصير دراستي الجامعية، فبلد اوكرانيا جميلة، وتعلقنا بها وبشعبها، لقد عشنا ايام جميلة لكن شعور سيء ان نعود لنشاهد شوارع واماكن اعتدنا على التواجد فيها مدمرة الان بسبب الحرب، أأمل أن تنتهي الحرب قريباً وأن لا تطول،  استطعت فقط ان احصل من جامعتي  على ورقة اثبات انني طالب بالجامعه لحين الحاجة، لا اعلم كيف ستكون الامور لاحقا". 

وختم موسى حديثه شاكراً كل من ساعدهم وهون عليهم طريق العودة التي كانت من أوكرانيا، الى ملدوفا ثم رومانيا وصولا إلى بلدنا.

ختام: 6 أيام متواصلة من السفر حتى وصلنا بولندا

ختام حطين من مدينة عرابة  في الجليل الأسفل،  طالبة سنة ثالثة في تخصص الهندسة المدنية في مدينة دنيبرو في أوكرانيا، والتي لم تكن تتوقع جدية حصول الحرب فعليا: " بالبداية لم نأخذ موضوع الحرب بجدية ابدا، لان الاخبار التي كنا نشاهدها كان مختصرها يقول إن الرئيس الروسي  لا يريد حربا بل اتفاقيات، بالمقابل الرئيس الاوكراني يقول لا تخافوا ولن يحدث اي شيء يضرنا، والاجواء بشكل عام كانت طبيعية ونعيش حياة يومية عادية في الجامعة". 

وعندما بدأت الحرب تصف لنا ختام تلك اللحظة قائلة: "كنت نائمة لم نسمع صوت القصف، لأن من سمع الأصوات أكثر هم الطلاب المجاورين لمدينتي كييف وخاركوف، تلقينا مكالمات من أهالينا الساعة الخامسة فجرا يطلبو منا مغادرة المدينة لان القصف بدأ، قلقنا وبدأنا بتحضير حقائب السفر التي وضعنا فيها اهم ما يمكن اخذه، لم نجد تكسي بالشارع عندما نزلنا من بيوتنا ثم اتصلنا في احد التكاسي التي نعرفها واتفقنا ان يأتي لنا وهو بدوره طلب منا الف دولار ايجار له عن ثلاث طالبات ما يعني استغلال مادي ولكننا وافقنا،  بقينا ننتظره لكنه لم يأتي ليتبين لاحقا انه فضل البقاء مع النساء والطلاب الاوكرانيين لنقلهم للمعابر". 

وأضاف، لم يبق لختام وزميلاتها خيار الا الانتظار وسط مشاعر متوترة ومترقبة لما سيحدث، ففكرن بالذهاب لمراكز التموين الغذائية لشراء بعض المعلبات والحاجيات لتكفيهم ليومين او ثلاثة اذا حوصروا في المدينة ولم يستطيعو الخروج، لكنهم وجدوا مراكز التموين فارغة ولم يتبقى فيها سوى القليل جدا، وعندما عادوا لمنزلهم اكملوا تجهيز الحقائب وإذ  بالامل يعود، فقد تلقت ختام اتصالا يفيد بان هناك حافلة ستنقل الطلاب نحو المعبر الى احدى الدول المجاورة:" لقد كنا اول الطلاب الذين يغادرون دنيبرو واخر الطلاب الذين وصلو بولندا، بسبب تأخر السفارة الإسرائيلية التي ابلغتنا بان نذهب الى تلك الدولة،

نحو 6 أيام  قضيناها في الطريق حتى وصولنا لبولندا عدا عن اكمالنا الطريق مشيا بقطع مسافة نحو 25 كيلو مترا مشيا على الاقدام، وهنا ظهر تعاون الطلبة مع بعضهم وبالأخص الشباب الذين ساعدوا في نقل الحقائب، كانت الطريق متعبه جدا وفيها تغيير مسارات كثيرة لوجود دبابات او جيش في المنطقة واغلاق لشوارع، وبعد عناء طويل وصلنا معبر اوكرانيا للخروج منه الى بولند، وبدأنا نتفقد بعضنا ونتواصل مع السفارة الإسرائيلية واستخدمنا  مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدتنا بالوصول للاشخاص الذين يمكنهم نقلنا من المعبر".

عراقيل وصعوبات

درجات الحرارة المنخفضة والباردة جداً، كانت احدى العراقيل في طريق عودة الطلاب، عدا عن الحقائب التي تركت على المعبر دون تحقيق الوعود بإعادة جلبها للطلاب.

 وقالت: "الطقس كان بارداً جداً وصلت الحرارة الى -3، لم يكن معنا كثير من الملابس، فتبادلنا ملابس بعضنا لنشعر ببعض الدفىء، حل الليل واشعلنا نارا  لنستمد منها الدفىء، ولكن لم يتبقى المزيد من الخشب وحاول الشبان البحث عن خشب ولم يجدوا، ثم أتت السفارة بوقت متأخر وبدأت تنقلنا بسيارات دبلوماسية وطلبوا منا ترك حقائبنا على المعبر ووعدوا انهم سيعودوا لنقلها، رغم  أن حقائبنا كانت تحوي اوراقنا الجامعية المهمة والتي تثبت اننا طلبة بجامعتنا وضمن تخصصات ، وللأسف لم  يتم تنفيذ الوعد لا عندما وصلنا بولندا ولا عندما وصلنا البلاد". 

وعندما وصلت ختام مع زملائها وزميلاتها الطلبة الى بولندا تم استقبالهم في احدى الأديرة، واضطروا لشراء ملابس وحقائب جديدة نظرا لان حقائبهم بقيت على المعبر،  

وحول باقي العقبات في الطريق.أشارت، عدا عن ذلك فقد تأخرت السفارة بنقل الشباب من المعبر لساعات متأخرة بالليل حتى الرابعة فجراً، في طقس شديد البرودة، وواجهنا تمييز على المعبر من قبل السفارة الإسرائيلية التي فضلت نقل الطلبة اليهود اولا ثم نحن دون الأخذ بالاعتبار أولوية نقل الطلبة المرضى، مع العلم أن من بين مجموعتي كان هناك طالبة مريضة كانت قد اجرت عملية مسبقاً وهي بحاجة لمعاملة خاصة، وأيضا طالب مريض سكري كان وضعه الصحي صعب جدا  ويظهر التعب على وجهه ولكن تم تأخيرهم في النقل.

وتقول أيضاً: إنّ الجيش الأوكراني الذي فضل تيسير امر الطلبة الاوكرانييين ثم الطلبة العرب". 

وختمت، لحظة لقاء الاهل لا توصف وبلقائهم شعروا بالأمان وانهم وأخيرا وصلوا سالمين معافيين من أي ضرر جسدي لكن الضرر النفسي سيبقى نظرا لصعوبة الامر عليهم، ولتخوفهم حول مصير دراستهم التي تعبوا واجتهدوا فيها ليصلوا للحظة التخرج ولكن الحرب ستبقيهم في حيرة حيال مستقبلهم وخسارة سنين من الدراسة. 

وما زال هناك عائلات تنتظر وصول أبنائها، مثل عائلة المواطنة جهاد دويات من مدينة القدس ،وهي  ام الطالب محمد  والذي من المحتمل ان يصل الخميس، حيثُ عبرت عن معاناة نجلها في طريق العودة: " ابني محمد وأصدقاؤه لم يصلوا بعد الى بيوتهم، وضعهم النفسي صعب جدا  بسبب ما مروا به على الحدود،  لم يكن لديهم الطعام ولا الشراب ولا مكان للنوم، لقد ناموا على الأرض والثلج بظروف صعبة لا يحتملها البشر، تقدمهم على الحدود كان بطيئا ولم يتمكن احد من مساعدتهم.

واستدركت بالقول: تعبهم نفسي وجسدي  وفقدهم للدراسة أثر عليهم كثيرا لانهم في السنة الدراسية الأخيرة ولم يتبقى سوى شهرين لبدء امتحاناتهم  النهائية ويتخرجوا، ونشكر كل انسان قدم  لهم يد المساعدة بظروفهم الصعبة جدا". 

ووجهت رسالتها ومناشدتها للمسؤولين والسفارات الفلسطينية والإسرائيلية: " أتمنى أن يكون هناك حلاً لاكمال دراستهم، هذا الامر مستقبل وسنين  ضاعت من أعمارهم، ابني  محمد هذا العام  كان من المفترض أن يكون خريجا، لقد كنت أحضر ليوم تخرجه فهو اول فرحة بحياتي انتظرتها بعد سنين من التعب وغربته عنا".

اخر الأخبار