السلاح يقتل العلاقات الأسرية قبل الأرواح والمجتمع في ضياع!

الشجارات العائلية.. تفاصيل حصرية يكشفها "أمد" حول جريمة "محمد وادي"

تابعنا على:   13:31 2022-03-22

أمد/ غزة- صافيناز اللوح: ضحية جديدة من ضحايا الشجارات العائلية سقطت في قطاع غزة، بسلاح ذوي القربى الذي قتل العلاقات الأسرية قبل الأرواح.

فما الدافع من وراء هذه الخلافات العنيفة والتي كثرت في الآونة الأخيرة، وما سببها؟!، ولماذا يكثر الحديث عن النساء وحكاياتهن في هذه الشجارات، وما المطلوب من المسئولين؟!، وهل سيبقى الحال على ما هو عليه؟!، أسئلة كثيرة سنجيب عليها في هذا التحقيق مع عدد من المسئولين والحقوقيين للحديث عن هذه الظاهرة التي تفشت كثيراً في قطاع غزة.

محمد وادي آخر ضحايا العنف الأسرى

محمد جهاد وادي 32 عاماً، أب لأربعة من الأطفال أكبرهن بسنت 13 عاماً، وأصغرهن هيام 3 أعوام، وزوجته حامل، وهو أحد قناصي سرايا القدس الجناح العسكري لجركة الجهاد، ومطلوب أول للاحتلال في حي الشجاعية، والذي وفر قاتله على إسرائيل تعب ملاحقته واغتياله على طبق من ذهب، نتيجة هذه الشجارات العنيفة القاتلة التي اجتاحت المجتمع الفلسطيني.

مصدر خاص من عائلة المغدور محمد وادي تحدث مع "أمد للإعلام" حول تفاصيل الشجار الذي وقع في حي الشجاعة وأودى بحياة مواطن وأصيب 6 آخرين بينهم بجراح خطيرة ومتوسطة.

وأكد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه في اتصاله مع "أمد"، أن عائلتي الجندي ووادي هم أقرباء من درجة الأم بالإضافة إلى النسب المتبادل بين العائلتين فـ زوجة محمد وشقيقته متزوجتان "بدل" في العائلة.

وقال، إنّ العائلتين وقع بينهم شجار منذ 13 عاماً وهم أولاد خالات، فكانت قصة شجار عنيف بين زوج شقيقة المغدور محمد والمغدور نفسه بسبب خلاف أسري اثر الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعصف بالعائلتين، وعلى اثرها أدخل محمد إلى غرفة العناية المركزة بعد اصابته بآلة حادة.

وانتهى هذا الشجار الذي نرفض كتابة تفاصيله في "أمد للإعلام"، لأنها أسرار بيوت وعائلات، بتدخل لجان الاصلاح بينهما وعادت الزوجتين إلى  منازل أزواجهن من العائلتين.

وأوضح المصدر، أنّ تجدد الشجار يوم السبت، كان ناجماّ عن قيام شقيق زوجة محمد بالاعتداء على خالهما الأمر الذي أثار غضب محمد وشقيقه خالد، فذهبا إلى منزل عائلة الجندي وبدأ الشجار بينهما باليد والعصي.

وتابع، بعد دقائق من بدء الشجار في شارع البشير بمنطقة الشعف بحي الشجاعية حيثُ قام حسام "القاتل"، بسحب سلاحه وأطلق المار عشوائياّ تجاه المتواجدين من العائلتين وصوب الرصاصة على رقبة محمد لقتله.

حسام الذي خرج من سجنه قبل 3 أشهر من ارتكاب جريمته، هو معتقل سابق في سجون غزة لأكثر من 11 عاماً، لأسباب جنائية سرقة وتجارة سلاح وغيرها.

ونوه، بالفعل تم قتل محمد فيما أصيب خالد شقيقه بجراح خطيرة عل اثرها تم بتر قدمه وتدهور في صحته حيثّ يمكث في العناية المكثفة، بالإضافة إلى ذلك أصيب طلال زوج شقيقة محمد وشقيقته ووالده بهذه الجريمة، وخالهم بهجت وادي 50 عاماّ أصيب برصاصة في القلب.

"أ.ع.الجندي" 42 عاماّ وهي عمة القاتل حسام التي تحدثت مع "أمد للإعلام" بتفاصيل مغايرة عن حديث عائلة المغدور محمد، حيثُ قالت: إنّ خال حسام اعتدى على زوجته وهو بالسجن، وعندما خرج قام بالانتقام منه بآلة حادة في وجهه، وعلى اثر ذلك اتفق خالهم الآخر بهجت مع المغدور محمد وأشقاءه خالد وعبد الله لاسترداد حق خالهم سليمان من ابن شقيقته حسام".

وأضافت لـ"أمد": أنّ محمد وعائلته هم من هجموا على عائلة حسام واعتدوا عليهم بالضرب بآلات حادة مما أدى لإصابة طلال ووالد حسام بجراح وعلى اثرها قام حسام بسحب سلاحه واطلاق النار عليهم جميعهم فقتل محمد وأصيب 6 آخرين.

محمد ليس الأول وقد لا يكون الأخير في ظل العنف الأسري الذي لم يتم ينته نتيجة الأزمات المتلاحقة التي تعصف بقطاع غزة بدءاً من الحصار وانتهاء بالانقسام وتبعياتهما المريرة.

"أمد للإعلام" كشف مسبقاّ عن عن تفاصيل حصرية له عن قضايا قتل ومنها لنساء داخل قطاع غزة مثل المواطنة اخزيق التي ماتت على يد زوجها بعد الاعتداء عليها بالضرب المبرح في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

وحي الشجاعية أيضاً، وهو المنطقة الأكثر مشاحنةً بين عوائله ويزداد به قضايا الشجارات العائلية حيثُ تصدر قبل عام قضية عائلة العرعير وشمالي الرأي العام الغزي، وأودت بحياة ثلاثة من العائلتين وعشرات الإصابات وحرث منازل ومركبات، بالإضافة إلى تدمير النسيج الاجتماعي بين الأسرتين.

شرطة غزة لـ"أمد": ننتظر تعليمات بمصادرة جميع الأسلحة البيضاء من الشارع الغزي

أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة بغزة تحدث في اتصال خاص مع "أمد للإعلام"، أنّ الشجارات العائلية في غزة تعتبر طبيعية جداً وليست مرتفعة، ولكنها تظهر للرأي العام.

وقال البطنيجي، أنّ (5) جرائم قتل وقعت في قطاع غزة منذ عام 2022، مؤكداً أنّ الشرطة لها دور توعوي ولها الدور الأول لمنع الجريمة.

وشدد، أنّ الشرطة لها دور توعوي لمنع الجريمة عن طريق مصادرة الاسلحة غير المرخصة أو بحوزة مدنيين وليس "مقاومين" موضحاً، أنّ السلاح الأبيض يتم استخدامه أكثر من الناري.

وطمأن البطنيجي أهالي قطاع غزة، بعدم وجود خوف أو هلع، فأي انسان يريد ارتكاب جريمة فهو سيرتكبها بدون معرفة الشرطة أو  السلطات المسئولة، ولكن دورنا هو إحالة هذه القضايا إلى القضاء ليأخذ أحكام حازمة وقوية من شأنها أن تردع مرتكبها وغيره عن مثل هذه الجريمة.

ونوه، إلى أنّ هناك حديث من قبل النائب العام وننتظر التعليمات لتحريك هذه القضايا، ونحن كجهة تنفيذية نقوم بالتنفيذ سواء تعليمات بمصادرة كل من يحمل السلاح الأبيض فسنصدر القرار بذلك.

وفي رسال البطنيجي التي وجهها للمواطن عبر "أمد للإعلام"، بأن يتوجهوا للوسائل السلمية في حل القضايا والخلافات، ولدينامؤسسات مدنية لخدمة المواطنين، وعشائر ووجهاء يقوموا على مدار الساعة بحل مشاكل المجتمع، لذلك القضية التي يتم حلها ببساطة يجب أن لا تتطور للعنف.

لجان الإصلاح: عرف وعادات وطرق النجاة من انتشار الثأر

أبو ناصر الكجك مسئول لجان الإصلاح ومستشار وزير الداخلية لشئون العشائر ولجان الإصلاح، أكد في حديثه مع "أمد للإعلام"، أنّ لجان الإصلاح هي لجان توافقية تعمل بالمراضاة وليس لديها قرارات ملزمة، وإنما هي أشخاص يهبون لوأد نار الفتنة منذ بدايتها.

وأضاف الكجك، أنّ لجان الإصلاح تقوم بإخماد نزيف الشجارات العنيفة وهذا لا يعطي اذن من الداخلية أو اي مكان آخر، ويكون نابع منها وبتأييد
 من الداخلية والشرطة لأي اتفاق يتم التوصل إليه ما بين العائلات التي يحدث بينها الاشكاليات.

لجان الاصلاح لا تعمل على قضايا الشرع والدين بل للعرف والعادات، ولكن معظم المشاكل التي مرت علينا تأتي من الكبت نتيجة الحصار الإسرائيلي التي يقع به المواطن، الذي يشكو من الضائقة المالية لعدم قدرته توفير لقمة أبناءه، فهي تسبب قضايا من عنف من ولا شيئ لتنتهي بعنف وقتل.

ووجه الكجك عبر "أمد" رسالته لوزارة الداخلية بمتابعة هذه القضايا وايجاد قرارات صارمة وحازمة وأكثر ردعاً لقضايا العنف في المجتمع.

مؤسسات حقوق الانسان بين حصر القتلى وتوعية المجتمع!

الحقوقي صلاح عبد العاطي، الذي أدان استخدام العنف في العلاقات الاجتماعية أو الوطنية، والأصل أن يجرم القانون حيازة السلاح بدون ترخيص واستخدامه بأي شكل من الأشكال، وكل مقترف لهذه الجريمة يجب أن يعاقب وفق القانون.

وقال عبد العاطي في حديثه مع "أمد للإعلام"، أنّ عدد الشجارات العائلية والصراعات وأعمال الانتقام على خلاف القانون في قطاع غزة بازدياد، مشدداً أنّ هذا يتطلب معالجة قانونية صارمة بإلقاء القبض على كل مقترفي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، بالإضافة إلى فتح تحقيقات في بعض القضايا وخاصة اذا استخدم فيها سلاح تنظيمي أو شخصي.

ونوه، إلى أن المجرم في هذه الحالة ارتكب جريمة مزدوجة، لذلك يتطلب تظافر كل الجهود الوطنية والقانونية وحتى التدابير الاجتماعية لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون.

وحول ضحايا القتل في قطاع غزة، أكد عبد العاطي لـ"أمد" أنه في عام 2022 تم تسجيل 5 حالات قتل في قطاع غزة "3 في شهر فبراير، وواحدة بشهر يناير وواحدة بمارس"،  فيما سجل بعام 2021 (24) حالة قتل في الشجارات العائلية.

وتحدث الحقوقي عبد العاطي، أنّ هناك جهد توعوي ومختلف من المؤسسات الحقوقية للحد من المشاجرات العائلية عبر نشر ثقافة السلم الأهلي واحترام الحقوق والحريات وسيادة القانون.

وأضاف، يجب أن تتظافر كل الجهات ومؤسسات المجتمع المدني مع وسائل الإعلام والسلطة والجهات الحاكمة وفي ذات الوقت كافة الأطراف المجتمعية والوجهاء، بضرورة تعزيز مبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات، وتغليب الحلول التحكيمية والوساطة والحوار والمفاوضات بديلاً للغة القتل والعنف التي يمكن أن تترك تداعيات كارثية، ليس فقط على القاتل فقط، وإنما على أسر الضحايا بما يجعل وجود حالة من الاحتقان تتسبب بأعمال ثأر غير محمودة وقد تتسبب في هز النسيج الاجتماعي.

واعتبر، أنّ هناك جهد كبير تقوم به الأجهزة الأمنية وجهات سيادة القانون في وقف مثل هذه التداعيات، ولكن جهدها وحده لا يكفي، وإنما الجهد القانوني مهم جداً بضرورة مسائلة ومحاسبة الفاعلين ولكن هذا غير كافٍ ويتطلب تظاهر جهود المجتمع ككل للحد من هذه الجرائم التي ممكن أن تقع وتمس نسيج المجتمع السلمي والأهلي.

غضب يجتاح الشارع الغزي ومواقع التواصل الاجتماعي

القانون الفلسطيني الخالي من نصوص تحرم امتلاك الأفراد للسلاح دون ترخيص، وحتى الذين يحق لهم حيازة السلاح، كتجار الذهب وبعض رجال الأعمال، فعليهم أن يبينوا دواعي استخدامه، وإثبات الخطر الممكن عليهم. 

المادة 5 من القانون تقول، إنه لا يجوز إعطاء رخصة حمل السلاح لمن يقل عمره عن 21 عاماً، أو من حكم عليه بعقوبة جناية، أو من حكم عليه بعقوبة الحبس لمدة سنة ميلادية".

الغزيون دخلوا في صراع لم ينته وقد لا ينتهي لسنوات طويلة، يحاربون الحصار من جهة والحروب التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي في كل فترة، والانقسام الفلسطيني الفلسطيني من جهةٍ أخرى.

فالغضب يجتاح الشارع الغزي من فترة إلى أخرى، في ظل استمرار الشجارات العائلية وسقوط ضحايا القتل المعنف نتيجة الحقد المدفون بين السكان الذين أنهكم الحصار والوضع الاقتصادي السيئ.

موجات الغضب التي تثيرها قضايا القتل من فترة لأخرى، تطلق لسان الغزيين وكتاباتهم الغاضية سواء في الحديث بينهم وسط الشارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح قضايا الشجارات العائلية في محك الرأي العام الفلسطيني.

وانصب غضب الغزيين أيضاً على لجان الإصلاح الذي اعتبرهم جزءاً لا يتجزأ من هذه الخلافات، وسبباً في توتر الأوضاع بحلها عن طريق فنجان قهوة وانهاء الخلاف، دون وضع حد أو قرارات رادعة لما هو آت.

وبهذا.. يبقى الشارع الغزي المنهك بالنفسية السيئة والتوتر الداخلي الأسري وعدم استقرار حياتهم الاقتصادية نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ سنوات والانقسام البغيض الذي أدخل الحقد والانتقام إلى منازل قطاع غزة وشحن النفوض بالغضب والانتقام بسبب تناحر الحركات التي استولت على الكراسي وتركت شعبها في غياهب الجب  والضياع.

البوم الصور

اخر الأخبار