"نيويورك تايمز": "المصالح والمخاوف" تحكم سياسة إسرائيل تجاه روسيا بشأن أوكرانيا

تابعنا على:   23:00 2022-04-11

أمد/ واشنطن: تتبنى إسرائيل سياسة تتسم "بتوازن دقيق" في موقفها من روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية، وذلك في محاولة للإبقاء على دور الوساطة الذي تلعبه بين الجانبين، وحماية مصالحها ورعاياها، وكذلك المخاوف التي تتعلق "بالأمن القومي".

وعلى الرغم من أن إسرائيل أبدت تضامنها مع أوكرانيا لكنها تجنبت توجيه انتقادات مباشرة لموسكو، ما أثار تساؤلات بشأن رجال الأعمال الروس الإسرائيليين المقربين من الكرملين، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وعندما أدان وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، روسي المولد، الأعمال الوحشية الواضحة في بوتشا بأوكرانيا خلال الأسبوع الماضي، كان حريصاً على عدم إلقاء اللائمة على روسيا.

وقال ليبرمان لمحطة إذاعية الاثنين الماضي: "روسيا تتهم أوكرانيا، وأوكرانيا تتهم روسيا"، وعلى إسرائيل أن تتجنب الحكم بطريقة أو بأخرى، مضيفاً: "نحن هنا بحاجة للحفاظ على الموقف الأخلاقي لإسرائيل من ناحية، ومصالحها من ناحية أخرى".

"نهج حذر"

واعتبرت الصحيفة أن تعليق ليبرمان سلط الضوء على نهج الحكومة الإسرائيلية الحذر تجاه الحرب في أوكرانيا، والدور السياسي والاجتماعي الذي لعبه الإسرائيليون الناطقون بالروسية من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، وخاصة رجال الأعمال الروس الإسرائيليين المرتبطين بالكرملين.

وكانت إسرائيل أعربت عن دعمها المتكرر لأوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي ذي الأصول اليهودية.

كما أرسلت مساعدات إنسانية، وأنشأت مستشفى ميدانياً في غرب أوكرانيا وصوّتت، الخميس، لصالح تعليق عضوية موسكو بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لكنها لم ترسل معدات عسكرية ولم تفرض عقوبات رسمية على أفراد النخبة الروسية.

كما تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بشكل عام توجيه انتقاد مباشر لروسيا، تاركاً بشكل واضح مهمة توجيه إدانات للكرملين لوزير الخارجية يائير لبيد، وكان آخرها، الأحد، عندما أدانت الخارجية الغارة الجوية الروسية الأخيرة التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 50 شخصاً في محطة قطار أوكرانية.

ووفقاً للصحيفة، يُنظر إلى هذا التوازن الدقيق على أنه "محاولة للسماح لإسرائيل بالوساطة بين الجانبين، وتجنب تعريض اليهود في كل من روسيا وأوكرانيا لهجمات معادية للسامية، والحفاظ على علاقتها الحساسة مع الجيش الروسي في سوريا".

"أفراد النخبة"

مع ذلك، أدى إحجام إسرائيل عن إثارة غضب روسيا لزيادة الاهتمام بالتدقيق في نفوذ رجال الأعمال والسياسيين الناطقين بالروسية على صنع السياسات والمجتمع الإسرائيلي، بحسب الصحيفة.

ومن بين 9.2 مليون مواطن في إسرائيل، ينتمي نحو 13% من الاتحاد السوفيتي السابق ومؤهلين للحصول على الجنسية من خلال أصولهم اليهودية. والبعض، مثل ليبرمان أو وزير البناء والإسكان زئيف إلكين، أصبحوا شخصيات سياسية بارزة.

وينحدر نحو ثلث الإسرائيلين الناطقين بالروسية من أصول أوكرانية، وهو نفس العدد تقريباً مثل أولئك الذين ينتمون إلى روسيا نفسها، وفقاً لبيانات حكومية.

وآخرون مثل يتسحاق ميريلاشفيلي، الذي يملك قناة تلفزيونية إسرائيلية يمينية، يُسيطرون على وسائل إعلام تساعد في تشكيل الخطاب العام.

وأصبح العديد من المليارديرات وأبرزهم رومان أبراموفيتش، الملياردير الذي عوقب في بريطانيا بسبب صلاته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مانحين رئيسيين للمؤسسات الإسرائيلية.

كما فُرضت عقوبات على 4 إسرائيليين آخرين على الأقل من الناطقين بالروسية من قبل دول أخرى بسبب صلاتهم بالحكومة الروسية.

"مخاوف أمن قومي"

لكن على الرغم من أن أفراد النخبة الروسية الإسرائيلية يتمتعون بالنفوذ بالفعل، يقول خبراء إنهم ليسوا سبب موقف إسرائيل المحايد من حرب أوكرانيا، الذي تحركه مخاوف تتعلق "بالأمن القومي".

في هذا الإطار، قال ليونيد نيفزلين الملياردير الروسي الإسرائيلي الذي يمتلك حصة في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذات الميول اليسارية: "بصراحة، لا أرى تأثير لأفراد النخبة هؤلاء الموالين لبوتين على الحكومة".

وأضاف في مقابلة عبر الهاتف مع صحيفة "نيويورك تايمز": بالأحرى، فإن موقف إسرائيل بشأن أوكرانيا يستند إلى "الرأي العام للمؤسسة الإسرائيلية. الأولوية الرئيسية هي مصالح دولة إسرائيل".

وأشار إلى أنه مع مرور الوقت، كان لهذا النوع من التدخل تأثير حتمي على بعض الإسرائيليين وحتى على زملائهم في الحكومة، مضيفاً، أنه بدون ذلك التدخل، ربما كان "خطاب الحكومة سيكون أكثر وضوحاً، وكان الدعم والمساعدة لأوكرانيا أكثر وضوحاً".

ومثل الكثيرين من أفراد الجالية الإسرائيلية الناطقة بالروسية، فإن نيفزلين من المعارضين القدامى لبوتين، وقال إنه تخلى عن جواز سفره الروسي بعد فترة وجيزة من غزو أوكرانيا.

ويقول محللون إن الإسرائيليين الروس البارزين لديهم رأس مال اجتماعي أوسع يمنحهم إمكانية الوصول إلى صناع الرأي ومتخذي القرار، لكنهم يمارسون هذا النفوذ بطرق غير مباشرة أو ملموسة أو قابلة للقياس.

من جانبه، قال ميتشل باراك المحلل الإسرائيلي الذي يجري أبحاثاً للرأي العام في كل من إسرائيل وروسيا، إن النخبة اليهودية المولودة في الاتحاد السوفييتي بشكل عام تحظى باستقبال أكثر دفئاً في إسرائيل مقارنة ببعض البلدان الأخرى، لأن تراثهم اليهودي يعني أنهم لا يُعتبرون بالضرورة غرباء.

وأضاف: "يشعر أفراد النخبة بوجود صلة حقيقية بإسرائيل، تاريخياً وثقافياً ودينياً. إنهم يشعرون أيضاً بالأمان المادي هنا"، وتتيح لهم أعمالهم الخيرية "الوصول والقبول بين جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي".

اخر الأخبار