عائلة بكر الأكثر تضرراً..

صيادو قطاع غزة.. بين حرارة الشمس الملتهبة ونيران بحرية الاحتلال الإسرائيلي

تابعنا على:   22:00 2022-06-16

أمد/ غزة- صافيناز اللوح: معاناة مزدوجة تلاحق صيادو قطاع غزة، منذ سنوات طويلة دون أي انتهاء، في ظل العدوان الإسرائيلي الذي تمارسه بحريته الحربية، فلا أشعة الشمس الملتهبة صيفاً ولا رصاص الغدر والظلم، يواسي معاناة هؤلاء الفلسطينيين، الذين يمارسون مهنتهم بصعوبة لجلب قوت أطفالهم وسط الدم والاعتقال ومصادرة المراكب الخاصة بهم.

في عرض بحر مدينة غزة، أصيب عدد من الصيادين صباح يوم الخميس، بعد ملاحقتهم من بحرية الاحتلال ومهاجمتهم بالرصاص الحي والمطاطي.

وبحسب لجان الصيادين، أكدت أنّ المصابين جراء اعتداء زوارق الاحتلال على مركبهم ببحر غرب وشمال القطاع هم: الصياد نصر علي بكر والذي وصفت جراحه بالخطيرة، فيما أصيب محمد جابر بكر ومحمد فخري بكر وحالتهما مستقرة.

المصابون أصيبوا ليست فقط من اطلاق النار، بل كان هناك اغراق للمركب من زورق اسرائيلي حيثُ داس على الصيادين بشكل كامل، والذي يعتبر انتهاك مزدوج جديد اقترفته بحرية الاحتلال الحربية بحق الصيادين.

تفاصيل يكشفها المصاب بكر حول مهاجمتهم من بحرية الاحتلال

محمد جابر حسام بكر 25 عاماً، أحد المصابين برصاص بحرية الاحتلال المعدني المغلف بالمطاط، مقابل بحر غرب مدينة غزة، والذي تحدث عبر "أمد للإعلام" حول حيثيات مهاجمته من قبل بحرية الاحتلال برفقة صيادين آخرين.

اعتقل بكر، لمدة عام ونصف قبل عدة سنوات، بعد اعتقاله من قبل بحرية الاحتلال، خلال عمله كصياد داخل بحر قطاع غزة.

وقال بكر، إنّنا خرجنا الساعة السادسة فجراً للصيد في البحر مع شقيقاي "سامر وباسل"، وبرفقة الصيادين خالد نادر سعيد، وناصر علي بكر وذلك ضمن المنطقة الآمنة المسموح بها بالاتفاق الأممي مع الاحتلال الإسرائيلي وهي 4 أميال، حيثُ لاحقت بحرية الاحتلال مراكب الصيادين إلى مسافة الميل ونصف.

وتابع بكر لـ"أمد"، الساعة الثامنة صباحاً، عادت بحرية الاحتلال وهاجمت مركبي، فأدركت حينها أنه سيتم اعتقالي، وحاولت الهروب من رصاص البحرية الحربية الإسرائيلية المكثف، وتوقفت وطلبت منهم عدم إطلاق النار لوجود أخوتي فتية وأطفال داخل المركب، لكنه؛ لم يستمع لصرخاتي، فحينها قام بإطلاق رصاص مطاطي مباشر على كتفي، مضيفاً "حاولت الإمساك بمحرك المركب باليد الأخرى إلا أنّ بحرية الاحتلال أطلقت تجاهنا الرصاص المطاطي بشكل عنيف والرصاص الحي صوب محرك المركب من أجل إعطابه حتى لا نتمكن من الهروب".

وشدد، استطعت الهروب لأنّني مقتنع تماماً بأنّ بحرية الاحتلال ستقوم بمصاردة المركب الذي ثمنه أكثر من 15 ألف دولار و"المال معادل الروح"، وحينها رغم آلامي استطعت الهروب من رصاص بحرية الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد، الطراد الإسرائيلي حاول قلب المركب ولكن أتى ابن عمتي لينقذ المصابين فقام الطراد بدهس مركبه، وغرق في البحر بعد إصابته بجراح خطيرة.

طائرات مسيرة ونقاط بحرية حربية جديدة

وخلال حديثه مع "أمد للإعلام"، قال زكريا بكر الناشط في مجال الصيادين، إنّ الاحتلال الإسرائيلي أعلن الثلاثاء الماضي، عن نقاط جديدة للبحرية والطائرات المسيرة بدون طيار داخل بحر غزة، مشدداً أننا أصدرنا توجيهات للصيادين بالحذر من تصعيد الاعتداءات من قبل بحرية الاحتلال.

وأوضح، فوجئ الصيادين الذي اشتغلوا في بحر منطقة مدينة غزة حتى السودانية شمال المدينة صباحاً، ببدء زوارق الاحتلال بعملية المطاردة والملاحقة وإطلاق النار.

وأضاف، أنّ بحرية الاحتلال كان لديها نية مبيتة لاعتقال الصيادين وليست إصابتهم فقط، على الرغم من أنّه في الحالتين لا يفرق لدى بحرية الاحتلال؛ ولكن في الساعة 8 صباحاً تم ملاحقة مركب الصياد محمد جابر بكر واطلاق النار الحي مباشر تجاه المحرك، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط تجاه الصيادين.

وشدد بكر في حديثه لـ"أمد"، أنّ زوارق الاحتلال لاحقت مراكب الصيادين الأخرى، وأطلقت النار عليها حيثُ دمرت محرك مركب الصياد مروان الصعيدي.

واستدرك بالقول، إنّ بحرية الاحتلال أطلق النار تجاه المحرك من أجل وقوفه، لتهجم مراكب أخرى، وتقوم بإلقاء حبال وتسحب مراكب الصيادين الفلسطينيين إلى ميناء أسدود.

وأكمل حديثه، أنّ الصياد محمد فخري بكر والصعيدي تضررت مراكبهم أيضاً من قبل مهاجمة بحرية الاحتلال الحربية، أي أنّ 3 حوادث وقعت في عرض بحر غزة صباح هذا اليوم، وعند وصولهم لميناء غزة كان بانتظارهم سيارات الإسعاف، وتم نقلهم إلى المستشفى، فيما اصطفت مراكبهم المدمرة على شاطئ البحر.

صيادو عائلة بكر الأكثر ضرراً

قدم صيادو عائلة بكر في عام 2009 الشهيد محمد ناصر بكر، فيما استشهد الصياد محمد ماجد بكر في عام 2017 برصاص بحرية الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الناشط "بكر"، إنّ عدد مصابي صيادو عائلة بكر منذ عام 2014، بلغ حوالي 40 مصاباً، فيما صادرت بحرية الاحتلال ما لا يقل عن 20 مركباً لصيادي العائلة، واعتقلت أكثر من 100 صياد، وهناك 6 مراكب تم تدميرها وحرقها بالكامل خلال عدوان 2014، واحترقت غرفة بأكملها وبمعداتها تعود للصياد عبد اللطيف بكر.

وتابع، هناك 3 صيادين من العائلة مازالوا معتقلين داخل سجون الاحتلال وهم ممدوح وشادي ومحمود عزيز بكر، حيثُ تم اعتقالهم من داخل البحر على فترات متفاوتة خلال السنوات الماضية، فيما لا يزال محمود محمد منير بكر المصاب بعينه اليسرى التي فقد النظر بها، يعاني من ظروف صحية نتيجة إصابته برصاص بحرية الاحتلال خلال عمله في بحر غرب مدينة غزة.

صيادو عائلة بكر خسروا عشرات المراكب منذ سنوات، بسبب هجمات بحرية الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، مابين مصادرة أو دمار أو تدمير لشباكها بتكلفة آلاف الشواكل.

وبحسب بكر، فإنّ غالبية المصابين من الصيادين، التي تسببت لهم بحرية الاحتلال بإصابة وإعاقة تحرمهم من القدرة على العمل، يتلقون راتب جريح من السلطة الفلسطينية، وهناك مشروع لهم من اتحاد لجان العمل الزراعي حيثُ يتم صرف مبلغ مالي بحدود 900 شيكل للصياد المصاب والمتضرر من هجمات بحرية وزوارق الاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف الناشط في مجال الصيادين زكريا بكر لـ"أمد"، أنّ جميع الخسائر التي تعرض لها الصيادون موثقة في جميع المؤسسات المختصة بلجان الصيادين أو حقوق الانسان، ولكن الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال معدات الصيادين، ليصعب تعزيز صمودهم ومحاولة منه لتأمين البديل لما تم تدميره أو مصادرته، ولكن؛ في جميع الأحوال هناك متابعة بشكل كبير ولها الأولوية دائماً.

ويكمل بكر لـ"أمد"، أنه تم صيانة مركب الصياد محمد جابر بكر من قبل لجان الصيادين في شهر رمضان الماضي، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي.

مصادرة المراكب والمتابعة مع الاحتلال الإسرائيلي بوسيط حقوقي

وحول المراكب التي تم مصادرتها من قبل بحرية الاحتلال، أكد بكر لـ"أمد"، أنّ لجان الصيادين تمارس جهود كبيرة في هذا الشأن، وهناك ضغوط بخصوصه سواء مع الشئون المدنية أساساً أو الصليب الأحمر، ولكن هذا بحاجة لأن يكون هناك ظروف سياسية مهيئة.

وأضاف، قبل أسبوع تم إعادة 4 مراكب تم مصادرتها مؤخراّ، حيثُ يوجد بها عطل في المحركات نتيجة إطلاق النار التي تعرضت له من قبل بحرية الاحتلال، مع عدم وجود الأغراض المختصة بها.

رسائل ومطالب

وفي رسالته التي وجهها عبر "أمد"، أكد بكر: أنّ ما يتعرض له الصيادون في بحر قطاع غزة، هو وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يصدر معاهدات وقرارات وقوانين خاصة لضمان حرية وحقوق الانسان، وما يحدث هو عقاب جماعي بحق الصيادين وضرب واضح لكل القوانين والشرائع الدولية، من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي.

وأكمل، أنّ الصمت الدولي بعدم الزام الاحتلال الإسرائيلي احترام القانون الدولي بذلك، هذا وصمة عار في جبين هذا المجتمع وهيئاته المختلفة، إن كان الأمم المتحدة أو حتى المحاكم الدولية.

ووجه رسالته أيضاً على المستوى الرسمي قائلاً: إنّ ما يحدث بحق الصيادين هي جرائم حرب ومؤسسات حقوق الانسان لديها دلائل واثباتات حول ذلك، متسائلاً، لماذا لا يتم التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، ورفع لوائح اتهام ضد بحرية الاحتلال، حتى يعمل حساب لوجود محاسبة على ما يقترفه بحق الصيادين الفلسطينيين.

ونوه، أنّ وزارة الخارجية الفلسطينية والسفراء على امتداد بقعة الكرة الأرضية، والتي لديها ثقل في أوروبا، ماذا تفعل فنحن لم نسمع منها إدانة أو محتسبة أو حتى حديثهم بأنّ بحرية الاحتلال تمارس الجرائم بحق الصيادين، فهم صامتون إلى جانب المجتمع الدولي والعربي أيضاً، وبالتالي لا يوجد محاسبة أو مسائلة لهذا المحتل فهو يوغل بالدم الفلسطيني ويواصل جرائمه.

وطالب المستوى الرسمي والمحلي في قطاع غزة، بالعمل خلال الأيام القادمة على مشاريع تعزز صمود الصيادين الذين يحاريون ويتحدون لوحدهم أمام عنجهية بحرية الاحتلال، متسائلاً: أين برامج تعزيز صمود الصيادين، مثل صندوق درع المخاطر وصندوق كبار الصيادين وغيرهم؟!.

وحول المطالب المختصة بالصيادين قال بكر لـ"أمد"، إنّ الصياد يحتاج أولاً للعمل بدون خوف وبدون ترهيب على أن يصل أماكن صيده بدون ملاحقته من زوارق الاحتلال ومصادرة مركبه، لذلك المطلب الأساسي هو توفير الحماية الدولية للصيادين من بطش زوارق الاحتلال الحربية، بالإضافة إلى رفع الحصار البحري وتوحيد مساحات الصيد، والوصول الآمن للصيادين إلى أماكن الصيد، لملاحقة الأسماك.

وأشار، إلى أنّ مهنة الصيد في قطاع غزة معكوسة، فالزوارق تلاحق مهنة صيد الأسماك، فبالتالي يجب توفير حرية الحركة للصيادين، ورفع جميع القيود على موارد الصيد.

اذن.. لم تكن الشمس صيفاً وحرها هي المعاناة الوحيدة التي يعاني منها الصيادين في قطاع غزة، فلم ترحمهم نيران بحرية الاحتلال ولم تكتفِ بحصارهم الخانق المفروض عليهم منذ أكثر من عقد ونصف، بل تحاول خنق أرواحهم أكثر وأكثر، ليصل بها الحد إلى حرمانهم من توفير لقمة عيشهم، وممارسة مهنتهم التي اعتادوا عليها منذ الصغر.

البوم الصور

اخر الأخبار