الموقف السعودي ينسف قطار التطبيع

تابعنا على:   16:56 2022-07-19

خالد عبد الغني الفرا

أمد/ لا يمكن للدول ان تنجح الا عندما تمتلك إرادة مواجهة الحاضر بشجاعة والابتعاد قدر الإمكان عن تحيزات التاريخ و تدويناته التي يمكن اجترارها في كل مناسبة بهدف إبقاء وتيرة الاختلاف قائمة وتصعيب مهمة تجاوزها، وفي قضيتنا الفلسطينية الكثير من التجليات الفكرية وظفتها الثورة خلال مسيرتها بهدف ابعاد شبح التحكم في حركة الثورة والحد من نشاطها كأساس لديمومتها وتحقيق أهدافها ,الا ان هذه الزاوية لم تكن بدرجة النقاء التي يحاول البعض تصويرها كنتيجة طبيعية لحالة الخوف و التهديد بالتصفية و الاغتيال , و ان أيدى الثورة ليست قاصرة للوصول الى من يعترض طريقها , من هنا بدأ اول الطريق للفشل لمستقبلنا السياسي و بات كل نظام يسلك المسار الذي يناسبه و يتخلى عن التدخل في الشأن الفلسطيني تلبية لرغبة قيادتها مكتفيا بتقديم الدعم المالي كأساس لإبقاء حبل الود موصولا , ليفرض تيه جديد على كل شيء و تبددت عوامل الصمود لتشق طرق الانهيارات , و تحولت الى القوة الى عجز و تكبيل ايدي و عدم القدرة على إعادة صياغة متطلبات المرحلة , فكانت كامب ديفيد , و حرب بيروت و رحيل الثورة عن اقرب نقطة تماس مع ارضها , لينتقل المشهد برمته ثورة تسكن بعيد , رجال تصور لياليها بطريقتها و تدلي بأقاويل صاخبة عن بطولات معظمها نتاج خيال سينمائي مع اخراج هابط لنقع فريسة اتفاق هزيل يحميه شعار كببر "سلام الشجعان " , و بمرور الزمن اكتشفنا حجم غباءنا و ان الكيان الصهيوني قد استغل هذا الاتفاق لاختراق كل القيم و العبث بها,,

الا ان الانبثاق المفاجئ للقضية على لسان قادة المملكة السعودية دون مقدمات او مسوغات تبرره , فلم نكن على وفاق معهم و اهملنا توجهاتهم حتى ان التليفزيون الرسمي الفلسطيني كان يتحدث عنها بلفظ الديار الحجازية , الا ان الغضب السعودي من هذا الانقاص بقي محصورا ضمن نطاق بعض صفحات التواصل و لم يصل الى حد العتاب الرسمي او التلويح باستخدام اشياء اكبر , و مع ذلك حين طلب من السعودية التوقيع على اتفاقية طبيع مع الكيان كان الرفض مستندا الى حالة القضية الفلسطينية و ليس بناء على مصالح او مخاوف من أمريكا ,, هذه هي الدولة الرجعية أعلنت موقفها بوضوح بانها لن تقدم شيئا طالما الحق الفلسطيني مفقود.

هذا الموقف العظيم , يطالبنا بالتحلل من مفاهيم تم اقحامها في عقولنا قصرا , لا ان نحضر الفلاسفة لخلق تبريرات فضفاضة للموقف السعودي و اتهامه بالتخفي خلف أشياء تتطلبها الجبهة الداخلية المناهضة لكل ما هو صهيوني , هذا هو حد اللامعقول الذي سوف يبقينا داخل كانتون نظرية المؤامرة و يمنح الموقف الفلسطيني المزيد من الضعف , علينا ان نكون المبادرين في الإشادة بشكل واضح و صريح , الذهاب الى ديارهم السعودية كي نشكرهم و نحملهم امانة المشاركة في تحرير الأقصى الذي يتعرض للتهويد و الخروج من معادلة الصراع باعتباره كيان ديني مقدس على ارتباط وثيق بالمساجد و الأماكن المقدسة في مكة و المدينة , و علينا ان نكون على يقين بان المملكة تتعرض لضغوط هائلة لزيادة انتاج البترول و التطبيع مع إسرائيل و مشاركتها في تشكيل حلف اوسطي لمناهضة ايران و الحد من نشاطها.

برغم ان الموقف السعودي خالف كافة التوقعات التي كانت تروج بان مجرد ان يحط بايدن اقدامه على ارض المملكة سوف تفتح قائمة التنازلات الا ان ذلك لم يحدث، و تصدت السعودية بمنتهي الجراءة لطلباته و انها لن تقدم شيئا قبل ان يحصل الفلسطيني على حقه ليدلل ذلك اننا ارتكبنا خطأ كبير بأبعاد قضيتنا عن عمقها العربي وجب تصحيحه الان ليبقي الامل قائما بنيل حقنا و المحافظة على إبقاء ترتيب الكيان الصهيوني في ذيل الكيانات المنبوذة و ان أسلحته الفتاكة لا يمكنها ان تصيبنا بالرجفة و لا رغبتنا في السيطرة على التكنولوجيا يمكنها اسالة لعابنا.

اخر الأخبار