طالب بالتخلص من الأحادية القطبية التي مثلتها أمريكا..

الصالحي: حزب الشعب يعول كثيراً على التعاون العربي الصيني

تابعنا على:   11:47 2022-11-10

أمد/ رام الله: ألقى بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني يوم الأربعاء، كلمة الحزب الرسمية في مؤتمر الحوار الثالث (الافتراضي) بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية والذي عقد خلال الفترة 8- 9/11/2022.

وقال الصالحي، إنّ حزب الشعب يعول كثيراً على التعاون العربي الصيني، مطالباً بالتخلص من الأحادية القطبية التي مثلتها أمريكا.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

الرفيقات والرفاق الاعزاء

المشاركون في مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني واحزاب الدول العربية الثالث (الافتراضي)

تحية طيبة وبعد،،

اسمحوا لنا في البداية بالتقدم بالتهنئة الصادقة والحارة  لنجاح أعمال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني الشقيق وبإعادة انتخاب الرفيق شي جين بينغ أميناَ عاماَ للحزب. كما نهنئ رفيقنا العزيز ليو جيانتشاو بإعادة انتخابه عضوا في اللجنة المركزية للحزب.

ونتقدم بالشكر الجزيل للرفاق في الحزب الشيوعي الصيني على عقد  المؤتمر الثالث للحوار بين الحزب الشيوعي الصيني واحزاب الدول العربية من اجل المتابعة والعمل سوية على  تحقيق القضايا المشتركة فيما بينها.

إن انعقاد  المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني والذي انهى اعماله بنجاح انما جاء في لحظة تغيرات ضخمة على الصعيد العالمي كما هي على صعيد المنطقة العربية ،وحتى انه يمكن القول انه على صعيد كل دولة على حدة.

إن العنوان الابرز لهذه التغيرات هو تنامي الارادة السياسية للصين وروسيا من أجل مواجهة الهيمنة الامريكية على العلاقات الدولية والتي يتجلى مظهرها العسكري المباشر من خلال حلف الناتو، كما ان مظاهرها الاخرى تتجلى بآليات ووسائل ومنظمات وعلاقات متنوعة في مجالات الاقتصاد والتجارة والنظام النقدي والمؤسسات الدولية ونظم الثقافة وأطرها في مجالات الأدب والسينما والفن والرياضة وغيرها، وينطبق في ها المجال مفهوم المفكر الماركسي المعروف غرامشي لـ(الهيمنة الثقافية ) في التعامل مع قضية الهيمنة الامبريالية كما هو الحال مع قضية (الهيمنة الثقافية) في النظام الرأسمالي في كل بلد على حدة.

غير ان هذه الارادة السياسية لمواجهة الهيمنة الامريكية تتطلب تعزيزا في علاقات محورها المركزي في الصين وروسيا مع القوى والدول العديدة في العالم التي تتوق لكسر هذه الهيمنة والتي تتصدى لها بأشكال مختلفة ولبناء تكتل  واسع من هذه القوى والدول بما يسمح بكسب هذه المعركة الشرسة والتي لا يستهان بها، كما لا يمكن كسبها بسهولة، وعلى هذا الاساس فان بناء هذا التكتل الواسع لا يعني بالضرورة بناء صيغ أحلاف أو تكتلات تقليدية ولكنه بدون شك يستطيع ان يستفيد مما هو قائم من أطر من مثال (البريكس) وغيرها، وكذلك من بناء تجمعات وتحالفات على أساس القضايا المشتركة ذات الطابع الشمولي في مجالات الاقتصاد والتجارة والنظام النقدي والمناخ، بالإضافة الى  الالتزام بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي  وغيرها.

إن التخلص من الأحادية القطبية التي مثلتها الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي،  وبناء عالم متعدد الأقطاب هو أمر ضروري ومحوري ولكنه بالتأكيد غير كاف، لان القضية المركزية ليست فقط التعددية القطبية وانما مضمون العالم الجديد الذي تحتاجه البشرية. وهنا تتجلى الأهمية الخاصة لفكر الاشتراكية ورفض النظام الرأسمالي. وعلى هذا الصعيد فإن التطوير الفكري والنظري لمضمون العالم الجديد الذي يتعدى تعدد القطبية هو واجب القوى الاشتراكية والتقدمية وبدون شك فإن رؤية الصين والحزب الشيوعي الصيني لشكل هذا العالم ولآليات بناء منظوماته الجديدة تلعب دوراَ مركزياَ الى جانب القوى الاشتراكية والتقدمية في البلدان الاخرى، وكذلك الى جانب رؤية روسيا بشكل خاص في هذا المجال.

إن النظام الرأسمالي الإمبريالي لا يخشى التعددية  القطبية بحد ذاتها رغم استماتة الولايات المتحدة في الحفاظ على الهيمنة الاحادية، ولكنه يخشى بشكل أساسي الرؤية البديلة للعالم وللنظام الرأسمالي وجوهره الاستغلالي ومن هنا فإن إعلاء شأن النظرية والفكر في هذا الصراع المحتدم الآن ليست قضية شكلية، ولعل التركيز الذي أولاه  الرفيق شي جيبينغ من أجل تطوير الجانب الأيديولوجي والنظري داخل الحزب الشيوعي الصيني  يكتسب أهميته ليس فقط بالنسبة لدور الحزب الشيوعي الصيني في جمهورية الصين الشعبية وحدها وانما يتعداه الى رؤية نظرية اكثر شمولا تتفاعل مع ابداعات الفكر التقدمي والاشتراكي في أنحاء العالم المختلفة وتواجه (الهيمنة الثقافية) بكل تجلياتها للرأسمالية وأيديولوجيتها الاستغلالية الاستعمارية.

إن القضية هنا ليست قضية اقتصادية وعسكرية فقط بل هي أشمل من ذلك بكثير وقد أشار الرئيس شي جينبينغ لذلك في أكثر من مناسبة كما أشار له الرئيس بوتين في خطاباته الاخيرة الى جوانب منها فيما يتعلق بالثقافة والتاريخ والفن والادب والعلاقات الانسانية، وهي قضية تشغل اهتمامات العالم باسره كما تشغل تطور حضاراته وقيمه الثقافية والانسانية  بشكل  خاص.

ولا شك ان عالمنا العربي الذي امتلك تجارب واسعة في علاقاته الدولية يمتلك فرصة هامة اليوم للتفاعل مع المتغيرات الدولية استنادا الى مصالحه والى مستقبله ومصالح شعوبه.

إن العالم العربي كان على مدار القرنين التاسع عشر والعشرين  وحتى الان  ضحية الاستعمار الغربي وضحية سايكس بيكو وضحية وعد بلفور ونشوء إسرائيل كركيزة للاستعمار في منطقة الشرق الاوسط، وقد ادت علاقات التبعية التي حكمت العديد من الدول العربية بسبب انظمتها الى تراجع دائم في مكانة هذه الدول على الصعيدين الاقليمي والدولي وإلى فقر شعوبها والى التسلط والاستبداد وتبديد الثروة، وتنفتح اليوم امام هذه الدول فرصة جديدة للانعتاق من التبعية والى استثمار التنوع في علاقاتها الدولية واعادة بنائها على اسس مختلفة وبالاستفادة من انفتاح الصين وروسيا لتعزيز هذه العلاقات على أسس مختلفة.

إن في ذلك مصلحة حيوية لشعوبنا العربية ولا شك ان دور القوى والأحزاب التقدمية العربية هو تعزيز هذه الوجهة في بلدانها سواء على صعيد العلاقات السياسية او الاقتصادية او الثقافية او غيرها، خاصة وان تجربة الحزب الشيوعي الصيني وما حملته من تطور هائل للصين وشعبها، ومن تطورات مميزة لا يمكن انكارها على صعيد العالم باسره، وما رافقها من رؤية سياسية لحل القضايا الدولية ولتطوير هيئة الامم المتحدة وغيرها ،تحمل البرهان الواضح على ذلك.

ويدرك شعبنا الفلسطيني الذي عانى ويعاني تبعات الاستعمار والامبريالية والصهيونية ان تحقيق حقوقه الوطنية المشروعة بتقرير المصير والعودة واقامة دولته المستقلة على انقاض الاحتلال، إنما تتطلب جهدا وطنيا ودوليا على حد سواء، وأما الجهد الوطني فهو مسؤولية  الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية وقيادته المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو جهد كفاحي متواصل ويتجلى يوميا في مواجهة الاحتلال وتعدياته المختلفة في القدس بشكل خاص وفي كل انحاء الضفة المحتلة وقطاع غزة، كما هو الحال ايضا في كفاح أبناء شعبنا الفلسطيني اليومي في الجليل والمثلث والنقب والساحل، حيث يعاني شعبنا كل اشكال  التمييز العنصري الاسرائيلي (الابارتهايد)، وأما الجهد الدولي فانه لم ينجح حتى الآن في تطبيق قرارات الامم المتحدة ذات الصلة، أو في الوصول الى خاتمة تنهي الاحتلال رغم كل الاتفاقات وعملية السلام والمفاوضات التي رعتها بشكل خاص الولايات المتحدة أو اللجنة الرباعية ،ومن الواضح ان استمرار هذه الرعاية الامريكية لن تؤدي ايضا الى أي تقدم.

لقد عبرت الرؤية الصينية للسلام التي عرضها الرئيس شي جيبينغ عن رؤية واقعية تستند الى قرارات الامم المتحدة والى التجربة والى الاستفادة من التضامن الدولي لحل القضية الفلسطينية، وهي رؤية تتقاطع مع الرؤية الروسية ومع قرارات القمة العربية الاخيرة في الجزائر ومع مبادرة السلام العربية، وقد رحبت بها منظمة التحرير الفلسطينية، غير ان تحويلها الى قاطرة للسلام يتطلب جهدا كبيرا بالتعاون مع كل الأطراف والدول التي تتقاطع معها وهو الأمر الذي نعول على رفاقنا في الصين وعلى  كل الدول الصديقة  القيام به وخلق الآليات الكفيلة بتحقيقه وانجاحه.

إن حزب الشعب الفلسطيني وهو يعول كثيرا على التعاون العربي الصيني، فإنه يتمنى للحزب الشيوعي الصيني الشقيق النجاح في تنفيذ مخرجات مؤتمره العشرين، وللشعب الصيني دوام التقدم والتطور في نهوضه الاقتصادي والاجتماعي والتنموي وفي نهضته المادية والعمرانية والثقافية. كما انه واثق بقدرة الصين على مجابهة الاستفزازات الأمريكية في بحر الصين ومنطقة اسيا وفي افشال مخططاتها (لاحتواء) الصين بما في ذلك استغلال قضية تايوان وغيرها، كما انه على ثقة بقدرة جمهورية الصين الشعبية على حماية وحدة اراضيها وترابها الوطني في ظل (صين واحدة)، وعلى تحقيق مخرجات مؤتمر الحزب العشرين بهذا الخصوص والتي أكدها أكثر من مرة الرفيق العزيز شي جينبينغ.

اخر الأخبار