
الجنائية الدولية .. بنات .. الاحتلال

د جهاد الحرازين
أمد/ عملت فلسطين على مدار سنوات طوال لتثبيت الحق القانوني للشعب الفلسطيني عبر المؤسسات الدولية بعدما غابت القضية عن الأروقة نتيجةً لسياسات التضليل ورواية الكذب والخداع، التي مارستها دولة الاحتلال خلال سنوات طوال أدت إلى حالةٍ من التعاطف معها، والنظر إليها على أنها الدولة المميزة والراقية وصاحبة الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمنطقة، غير مدركين حقيقة هذه الدولة الفاشية التي تمارس كافة الجرائم وأبشعها بحق الشعب الفلسطيني، إلى أن كان الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني النشط الذي مارسته القيادة الفلسطينية ومعها الشعب الفلسطيني لإسقاط هذا القناع عن وجه الاحتلال المجرم والعنصري، فبعد النجاحات الدبلوماسية والحصول على العضوية غير الكاملة بالأمم المتحدة واعتراف اكثر من (140) دولة بالدولة الفلسطينية استطاعت فلسطين الانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والمنظمات الدولية العاملة والفاعلة ومن ضمنها المحكمة الجنائية الدولية، حيث انضمت فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في أبريل (2015)، وبالتالي أصبح باستطاعتها أن تتقدم بشكوى للمحكمة الجنائية الدولية حول الجرائم الاسرائيلية التي ارتُكِبَت في الأراضي الفلسطينية ولذلك لا بد من إيضاح بعض النقاط الهامة ومنها:
أولاً: انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية جاء لمحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم التي ارتكبوها أو أوعزوا بارتكابها بحق الشعب الفلسطيني، وذلك من أجل وقف ذلك المسلسل المتواصل من الجرائم.
ثانياً: المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة أفراد تقوم بمحاسبة الأفراد على مجموعة من الجرائم التي تدخل ضمن نطاق اختصاصها وهي أربعة أنواع من الجرائم هي "جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة، وجرائم العدوان" وذلك وفقاً لميثاق روما الأساسي واتفاقيات جنيف والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان وجميع هذه الجرائم بتصنيفاتها ارتُكِبَت بحق الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: قُدِمَت العديد من الملفات من قِبل القيادة الفلسطينية للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كالملف المتعلق بالاستيطان والذي يُعَد جريمةً متواصلة، وكذلك الملف المتعلق بعدوان (2014)، واستُكمِلَ بالعدوانات الأخيرة جميعها، وأيضاً ملف متعلق بسياسات الاحتلال وممارساته على الأرض وعلى الأسرى، حيث يتم متابعة هذه القضايا مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ويتم تزويده بكل التطورات الجديدة.
رابعاً: محاسبة الاحتلال على تلك الجرائم بحق الشعب الفلسطيني سواء لشهدائه أو جرحاه وأسراه وكذلك لممتلكات المواطنين من بيوت ومزارع، ومصانع ومدارس ودور عبادة وأراضي زراعية.
خامساً: ما أُثِيرَ حول قضية نزار بنات وتوجه أخيه للمحكمة الجنائية الدولية متهماً السلطة وقيادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية يضعنا أمام مجموعة من التساؤلات من أهمها:
1.ماذا تمثل قضية نزار بنات التي نُظِرَت أمام القضاء الفلسطيني فهل هو "المقدس" عند بعض الجماعات ، فهل يدرك أخيه بأن القضاء الجنائي الدولي هو قضاء مكمل للقضاء الوطني؟
2.عبر المراجعات لم يكن لنزار بنات موقفاً واحداً ضد الاحتلال، وإنما أبدع فقط في الإساءة والتشهير بالسلطة متخذها عدوه الأول بعيداً عن أيّةِ مواقف أخرى؟
3.من الممول لهذه الحملة المكلفة ماليا والهدف منها خاصة وأن المحكمة الجنائية الدولية بدأت العمل على فتح ملفات جرائم الاحتلال أمامها؟
4.أليس نزار بنات هو من طالب الإتحاد الأوروبي بوقف التمويل عن السلطة علماً بان التمويل يذهب للأسر المستفيدة من الشؤون الاجتماعية والأكثر فقراً، ولوزارة الصحة والتعليم؟
5.هل لا يوجد لدى الشعب الفلسطيني سوى قضية نزار بنات فقط، علماً أن كافة الإجراءات والضمانات القانونية اتُخِذَت لتحقيق العدالة؟
6.ما الهدف من التشكيك بالنظام القضائي الفلسطيني من قبل عائلة بنات؟
7.التزامن بين رفع القضية وحكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وبن غفير وسموتيريش وهجومهم على الشعب الفلسطيني وقيادته؟
8.المحامي التركي هاكان كاموز محامي جماعة الاخوان المسلمين الذي سيتولى القضية، والذي لم نسمع له موقف واحد مناصر للشعب الفلسطيني، بل خسر كافة قضاياه التي كانت إسرائيل طرفاً فيها لصالح إسرائيل؟
9.دور جماعة الاخوان في هذا الملف مع تزامن حالة الهجوم على السلطة وقيادتها من قبل أجنحة الجماعة .
سادساً: حماية المؤسسات الوطنية والقضائية والنظام السياسي الفلسطيني حق وواجب على كل فلسطيني.
سابعاً: التمسك بالقانون الفلسطيني الأساسي وكافة التشريعات، هو أساس حماية الدولة والشعب الفلسطيني في مواجهة المخططات التي تستهدف النيل من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
ثامناً: الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية واجهاض كل محاولات التشكيك وخلق البديل ومواجهة مخططات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وكل محاولات العبث بالساحة الفلسطينية.
تاسعاً: رفض كل عمليات القتل والاعتداء أياً كانت فالإنسان أغلي ما نملك، ووجوب الالتزام بالقانون والثقة بالقضاء والمؤسسات الوطنية دون تشكيك أو تخوين أو تكفير.
عاشراً: صراعنا ونضالنا مع الاحتلال مستمر ومتواصل وصولاً لإنهائه وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس بعيداً عن ايّةِ محاولات لحرف البوصلة عن الاحتلال ومواجهته.
ملاحظة/ حفظ الله بلادنا العربية من الفتن وصانعيها وعبث العابثين ومحاولات خلق الفوضى والتدمير .