فتح وحماس.. "غير جديرتين بالتمثيل والقيادة"!!

تابعنا على:   11:53 2022-12-20

سليم يونس الزريعي

أمد/ إن ما تعيشه الضفة من تغول للمستجلبين الصهاينة وتنامي حالة الانحياز لخيار العنف المسلح كتطور موضوعي نوعي في سياق مواجهة الاحتلال على طريق هزيمة المشروع الصهيوني بتجلياته المختلفة في الضفة حاليا وصولا إلى التحرير الكامل ، كهدف نهائي، بعد أن كشفت تجربة ما بعد الخروج من بيروت وثلاثة عقود من مأساة أوسلو حجم الأوهام التي روجها وعبأ بها الفريق السياسي المتنفذ في منظمة التحرير حول الحل السياسي والدولة التي سيكافئه بها كيان الاحتلال، ليجد من صدق تلك الأوهام أنه ليس لم يحصل على دولة ، وإنما فقد الأرض أيضا التي يفترض أن تكون محلا للدولة.
ومع أن هذا الحصاد المر لم يكن وعي والتحذير من مآلاته بغائب عن البعض الفلسطيني ، إلا أن هناك من أصر وما يزال على تبني الوهم فيما الحقائق والتجربة تؤكد خطل ذلك، وهذا يعود إلى كم القصور الفكري والسياسي لدى من أقدموا على " فعلة" أوسلو الذين صدقوا أن الكيان الصهيوني سيتنازل لهم هكذا عن مكاسبه كرما منه، واعترافا بحق الشعب الفلسطيني في أرضة، الذي يعني أنه محتل ، ليكون السؤال أليس هذا السلوك الفلسطيني هو تجلي لظاهرة من "قصر النفس" والتعب ، حتى يفكر مجرد التفكير أن العدو الإحلالي سيكافئه بدولة بعد أن تنازل مجانا عن خطوطه الحمراء على الأقل السياسية والفكرية التي مثلت عنوانا لانطلاقة الثورة؟.
وها نحن نعيش نتائج تلك السياسات التي كانت للأسف خيارا لحركة فتح كونها كانت بفعل عوامل عديدة داخلية وخارجية قد استحوذت على منظمة التحرير وحشرت القضية الفلسطينية في صندوق خياراتها، لنكون أمام فتح مأزومة وليست محل ثقة سياسية لدى غالبية الشعب الفلسطيني.
ومن جانب آخر التحقت حركة حماس فرع تنظيم الإخوان المسلمين الأممي في فلسطين بالثورة الفلسطينية مع بدء انتفاضة الحجارة في شهر كانون أول ديسمبر 1987، ولكن ليس كجزء تنظيمي من الثورة ومن ثم الانتفاضة ، وإنما كبديل لمنظمة التحرير التي كانت تعتبرها وفق ميثاقها الذي صدر في آب أغسطس 1988 علمانية والعلمانية جاء في الميثاق أنها ضد الدين، هذه الخلفية الدينية قي سياق رؤيتها السياسية أنتجت قطبا آخر إلى جانب فتح، إلا أنه لسبب أيديولوجي يحتكر الصواب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري ، لنكون أمام ثنائية التقاسم التي هي في الجوهر منتج لنفي متبادل ، قاد ضمن هذه السيرورة إلى انقلاب حماس الدموي وسيطرتها على قطاع غزة وأقامت فيه مشروعها التجريبي لإمارة غزة وفق صندوق حماس الخاص. بكل الآثار الضارة التي نتجت عنه وما يزال، لنكون أمام ثنائية الانقسام فتح وحماس، التي لن تفرط في هيمتها ونفوذها رغم كل حديثها عن الوحدة ، فيما حماس تتحدث هي الأخرى عن الوحدة، فيما هي تثبت أركان نموذجها في غزة، وتماطل في عودة السلطة إلى القطاع المنكوب منذ عام2007، وتقول إنها تريد الوحدة ولكن على قاعدة المحاصصة أي تقاسم المصالح، وكأن الطرفين مع كل ذلك ليسا معنيين بالوحدة على مقاس فلسطين ولكن كل منهما يريد الوحدة وفق مقاييس حزبه ومصالحه الفئوية. ولإثبات صدقيته يطالب بانتخابات تشريعية ورئاسية وكل منهما يظن أن الانتخابات ستكون في صالحة قياسا على انتخابات عام 2006 دون أن يدرك الطرفان انكشافها إلى حد كبير أما المواطن الفلسطيني خلال هذه الأعوام من الانقسام، باستثناء قبيلة كل منهما التنظيمية وأصحاب المصالح الذين ارتبطوا اقتصاديا بكل منهما.
وينسى أو يتجاهل الطرفان أن الكتلة الناخبة عام 2006 ، لم تمنح أيا منهما الغالبية النسبية وفق نظام القوائم ، التي تعكس بشكل دقيق الثقل الانتخابي لهما لدى الفلسطينيين، ولذلك جرى تصحيح النظام الانتخابي ليجري كله وفق القوائم وبالنظام انسبي الكامل. دون الانتخاب المختلط النسبي والفردي الذي كان وراء فوز حماس بالانتخابات السابقة.
لكن الانتخابات المقبلة لن تكون مثل الانتخابات السابقة على ضوء تجربة كلا الطرفين طوال هذه السنوات وهذا ما كشفه استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في الربع الأخير من عام 2022 ـ والأمر لا يتعلق بالنسبة التي سيحققها كل من طرفي الانقسام، ولكن في تلك التي ترى أن أيا منها ليس محل ثقة، ذلك أن نسبة 40% تقول إن الاثنتين غير جديرتين بالتمثيل والقيادة. فيما اعتبر 28% أن حماس هي الأكثر جدارة بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني اليوم فيما تقول نسبة من 25% فقط أن حركة فتح بقيادة الرئيس عباس هي أكثر جدارة بذلك. وهذا يكشف إلى جد كبير المأزق السياسي الفلسطيني، ويضع علامات استفهام كبرى حول مآلات المشهد الفلسطيني في ظل ثنائية فتح حماس المأزومة.
ويبدو أن هذا الوضع المأزوم لن يجد له حلا في الانتخابات التي يطالب بها الجميع على أساس أنه ربما تشكل خشبة الخلاص، لكنني أعتقد أن المشهد سيزداد تعقيدا وصعوبة، في ظل أن أيا منهما لن يحقق اختراقا في الانتخابات بل سيشهد تراجعا لهما معا عن نسبة عام 2006، فقد منح المشاركون في الاستطلاع قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس 34%، وقائمة حركة فتح 34%، فيما تحصلت كافة القوائم الأخرى التي شاركت في انتخابات عام 2006 مجتمعة على 10%، وتبلغ نسبة التصويت لحماس في قطاع غزة 43% ولفتح 30%. أما في الضفة الغربية فتبلغ نسبة التصويت لحماس 26% ولفتح 38%.
وهذا ربما يضع على عاتق باقي القوى لعب دور أكبر عبر التقط اللحظة وتشكيل قطب ثالث لفك هذه الثانية ، من أجل أن يكون هناك أكثر من خيار أمام الناخب الفلسطيني ، شرط أن ينحاز من سيقومون بذلك لفلسطين، بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة، وإنما لصالح مشروع لتيار وطني ديمقراطي واسع ، لإحداث التوازن، و يشكل إضافة ورافعة للعمل الفلسطيني..
الكرة الآن في مرمى تلك القوى فهل ستبادر إلى ذلك ؟ هذا هو السؤال..

اخر الأخبار