هل بدأت أمريكا رحلة الخلاص من "حكومة نتنياهو"؟!

تابعنا على:   09:23 2023-03-23

أمد/ كتب حسن عصفور/ ما كتبته وسائل الإعلام العبرية خلال آخر 48 ساعة، عن العلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس حكومة التحالف الفاشي المستحدث نتنياهو، فاق كثيرا ما كتب عن حكومات سابقة، بطريقة سلبية، وعلى غير المعتاد بينهما، بالعمل خارج دائرة الضوء لترميم كل خلل طارئ.

فما ذهبت اليه حكومة نتنياهو من ممارسات بارتكاب مسلسل متلاحق من الجرائم وعمليات القتل، وسلوك سياسي يعزز أن ما يحدث مسألة عقائدية جسدها بوضوح خال من كل مكياج لغوي، تصريحات وزير المالية والجيش (ب) سموتريتش لمحو حوارة أولا، اعتبرها زلة لسان، ليتنقل الى ما هو أكثر كراهية، بإنكار وجود الشعب الفلسطيني، مضيفا لها "خريطة غابوتنسكي" مؤسس الليكود حول "إسرائيل الكبرى"، التي فتحت غضبا سياسيا أردنيا قد يصل الى طرد سفير دولة الكيان، الى جانب الرد الأول من نوعه منذ معاهدة وادي عربة بينهما، خريطة فلسطين – الأردن الكبرى، بمحو دولة إسرائيل كليا.

وقد خلق ذلك "حرجا سياسيا كبيرا" لإدارة بايدن، وتحديدا بعدما تمكنت من تقديم "خدمة سياسية هائلة" لحكومة نتنياهو وتحالفها الإرهابي، من خلال لقاءات العقبة وشرم الشيخ، ومحاولة "تطبيع الأجواء" وحصار رد الفعل الفلسطيني بالذهاب نحو خطوات قد تربك كثيرا موقف أمريكا، بعد تجربة مجلس الأمن الأخيرة، تمكنت تحت ضغوط خاصة ووعود "مؤجلة" وقف مسار النقاش ضد الاستيطان والإرهاب اليهودي.

ولذا جاء استدعاء سفير الكيان لوزارة الخارجية الأمريكية في سابقة لم تحدث منذ سنوات، وتسريب مسألة "التوبيخ"، ولاحقا اشارت الى أنه تم الحديث عن قيام حكومة نتنياهو بـ "تجاوز الخط الأحمر"، والذي لم يحدد طبعا، فلهم خطوطهم الخاصة، التي ليس هي خطوط شعب فلسطين، رغم ذلك، لم تستطع واشنطن أن تبرر ما يحدث ممارسة وسلوكا.

بالتأكيد، الغضب الأمريكي السريع والحاد، نحو حكومة نتنياهو، الذي بات عنصرا غير مرغوب به في زيارتها (وتلك سابقة فردية) ليس دفاعا عن حقوق شعب فلسطين، التي هي قبل دولة الكيان تقف عقبة حقيقية في تنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية الخاصة، بما فيها عضويتها في الأمم المتحدة، وتهديد الرسمية الفلسطينية الدائم إذا ما أكملت مسار طلب الحماية الدولية وفق الباب السابع، والمحكمة الجنائية الدولية ورفع مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة من عضو مراقب الى كامل العضوية.

لكن الجوهري في موقف إدارة بايدن، مرتبط بمجمل التطورات الدولية والإقليمية، وما يحدث بدولة الكيان ذاتها من "أزمة انقسامية فريدة" ليس بداخلها فقط، بل مع اليهود في العالم أجمع، ومستقبلها الذي يبدو ظلاميا فيما لو نجحت حكومة نتنياهو بتمرير ما أرادته خرابا قضائيا، يفتح باب صراع بملامح حرب أهلية"، كما أشار اليه الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ وعدد كبير من قادة المؤسسة الأمنية السابقين.

وبالقطع، يحتل التطور الكبير في العلاقة الروسية – الصينية مكانة مركزية في الحسابات الأمريكية، علاقة تتجه لصناعة قاعدة انطلاق "عالم جديد" مكسور "المخلب الأمريكي"، وكما أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ في ختام زيارته الى موسكو، بأنها علاقات لم تكن منذ ما يقارب الـ 100 عام، وأثرها على تغيير العالم، وانعكاس ذلك على منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بعد "اتفاق بكين"، ما سيخلق انقلابا جوهريا في المشهد الإقليمي.

ولا يخفى ان دول التطبيع العربي الأخيرة، أعلنت ولأول مرة منذ توقيعها، موقفا به رائحة التهديد لحكومة نتنياهو، وأغلقت بعضها الباب أمام زيارته، ورسائل سياسية صريحة أن ما تقوم به مخالف لجوهر الاتفاقات، مع حملة غضب سياسية عربية شبه شاملة على مواقف تلك الحكومة الفاشية.

ولذا، ووفقا لما بدا الحديث به تسريبا إعلاميا من الدوائر الأمريكية، حول تجاوز "الخط الأحمر"، مؤشر رسالة إنذار مبكر لتصويب ما طلبته واشنطن أو تذهب لخيار الخلاص منها.

ربما يقول البعض أن ذلك غير ممكن، ولكن الحقيقة السياسية ان قوى التأثير الأمريكي داخل الكيان تفوق كثيرا ما هو معلوم، وعندما تبدأ رحلة الضرر الاستراتيجي من حكومة إسرائيلية على المصالح الأمريكية لن يكون هناك مجال للانتظار، ويبدو انها بدأت عمليا طريق الخلاص، ما لم يتم التصويب السريع.

هل تعيد إدارة بايدن عام 2023، ما قامت به "إدارة كلينتون" عام 1998 – 1999، بعدما تنكر نتنياهو رئيس حكومة الكيان العنصري في حينه لـ "تفاهم واري ريفر" برعاية الرئيس كلينتون ومشاركة الخالد ياسر عرفات، عندما أعلن عدم تطبيق أي من بنوده لحظة وصوله مطار اللد أمام حشد من تحالفه الرافض لما تم، فكان قرار الخلاص، عن طريق انتخابات مبكرة فاز بها يهود باراك، خرج نتنياهو من المسار السياسي حتى أعادته أمريكا ثانية بعد التآمر على اسقاط أولمرت، الذي تقدم بخطة حل للرئيس محمود عباس تجاوزت الرغبة الأمريكية.

ملامح انتهاء "عهد نتنياهو" لن تطول أمريكيا..ولكن حكومة الكيان قد تذهب الى "مغامرة كبرى" لمحاولة إنقاذ ما يمكنها إنقاذه بحرب موسعة وجرائم مكثفة ضد الشعب الفلسطيني...علها تربك مخطط الخلاص.

ملاحظة: نجح أسرى الحرية في تحقيق نصرهم الكبير ضد إجراءات الوزير الفاشي بن غفير..نصر يؤكد أنه بالإمكان خير مما كان كثيرا لو تم إدارة المعركة بصوابية خارج الضجيج..شكرا مصر لدور كان فاعلا...شكرا لمن عمل بصمت وقطع الطريق على "اللص السياسي".

تنويه خاص: خريطة بخريطة اللي رفعها نواب الأردن بصراحة رد منعش..وهاي لازم الرسمية الفلسطينية تتعلم كيف تستفيد منها...وخاصة بعد تصريح الفاسد الأكبر نتنياهو عن "الوطن التاريخي"..بدها واحد منكم يقله في المشمش..فوطن طائر الفينيق لن يلوثه لون غريب!

موقع حسن عصفور

https://hassanasfour.com

اخر الأخبار