مسحراتي الحدود..

إبراهيم القريناوي.. يقضي ليلته لايقاظ سكان المناطق الشرقية لـ"تناول السحور"- فيديو

تابعنا على:   23:00 2023-03-25

أمد/ البريج- صافيناز اللوح: "يا نايم وحد الدايم.. قوموا لسحوركم إجا رمضان يزوركم".. صوتٌ جميل مع دقات على "الطبلة"، وبنفحات إيمانية، وزينة ملونة وإضاءة للشوارع، هكذا يتجول بها المسحراتي خلال شهر رمضان المبارك.

مهنة المسحراتي ظهرت بشكل رسمي في عهود الدولة الإسلامية الأولى، حيث كان يطلب من الناس النوم باكراً، وكان الجنود يمرون على البيوت ويوقظون الناس للسحور، وتوالت الأيام إلى عصر الدولة العباسية ليُعتبر عُتبة ابن اسحاق أول من نادى بالتسحير، فكان يخرج على قدميه سائراً قائلاً: "يا عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".

فلربما لا يلقي الجميع بالاً للمسحراتي.. لكن من منا لم يسهر حتى يسمع صوته البعيد فيقول أهلاً بعودة المسحراتي وليالي البركة خاصة في ليالي رمضان الأولى، مع ذلك الإيقاع المؤثر الذي يسترجع لنا ذكرياتنا والكثير من الحنان لطفولتنا.

أمّا قطاع غزة، بظروفه المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان، منعه التمتع بالشعور بشهر رمضان، وغابت أجواء الاحتفاء به بشكلٍ كبير، لكن المسحراتي تمسّك بمهنته وما زال يُبهج النائمين، منذ بداية شهر الصيام.

وبين حيٍ وآخر، لا يزال بعض الشبان يتمسّكون بمهنة المسحراتي بلباسهم الشعبي وآلات الطبل اليدوية، رغم الظروف الصعبة، والتقدم التكنولوجي الذي وفّر وسائل كثيرة للتنبيه تُغني عن مشقة المسحراتي.

مسحراتي الحدود في شوارع المخيم يجود..

في شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، يبقى الشاب إبراهيم حسين القريناوي 28 عاماً، مستيقظاً حتى ساعات الفجر، ليوقظ سكان المناطق الشرقية للمخيم لتناول سحور شهر رمضان المبارك.

منذ 10 أعوام يعمل إبراهيم في "المسحراتي" طيلة شهر رمضان، الأمر الذي اعتاد عليه السكان القريبين من السياج الفاصل، والبعيدين عن المخيم في سماع صوت من يؤقظهم لتناول سحور رمضان.

إبراهيم الذي يمتلك فرقة "النورس الفنية"، والملقب بها بـ"عمو هيما"، يقوم باصطحاب الأطفال معه خلال عمله في "مسحراتي الحدود"، لذلك يحبه الأطفال وينتظرونه يومياً على أحر من الجمر.

"حابب يكون لي بصمة في كل موسم".. بهذه الجملة تحدث إبراهيم مع "أمد للإعلام"، عن هدفه من عمله في "المسحراتي"، خاصة بمناطق قريبة من الخطر وملاصقة للسياج الفاصل مع تواجد لقناصات جيش الاحتلال وجنوده خلف تلال رملية.

وأضاف القريناوي لـ"أمد"، أنّ المسحراتي يعتبر زينة من زينة رمضان، وأمر ليس بجديد بل يتوارث عبر الأجيال، لذلك أحببت هذه المهنة خاصة بلباس شامي.

وشدد، أقوم بالتجول في شوارع المنطقة الشرقية لمخيم البريج، لإيقاظ سكانه لتناول طعام سحور الشهر الكريم، وبواسطة "الطبلة" أقوم بإنشاد بعض الكلمات التي تطرب الآذان.

"يا محمد يا محمد.. أنا من غرامك ما بنام الليل.. ساعة بصلي وساعة بمدحك يا زين" هكذا يبدأ إبراهيم ليلته في عمل المسحراتي، يقوم بدق الطبلة ومن ثم ينشد كلماته لإيقاظ النائمين لتحضير السحور وتناوله، قبل أن يصعد المؤذن إلى منبر الأذان ويمنع المستيقظين عن تناول الطعام والشراب، حتى يبدأ بسرد آذان الفجر على مسامع المسلمين من فوق منبر المسجد.

ويضيف إبراهيم لـ"أمد"، جدول التيار الكهربائي في وقت السحور يكون يوماً بعد يوم ساعات الوصل فحينما يكون انقطاع للتيار الكهربائي، حينها أقوم بإنشاد أناشيد لفلسطين وغزة والحصار، وثم مديحاً نبوياً خلال سيري على الأقدام لمسافات طويلة وبشوارع كثيرة.

وتابع، أنّ ابن شقيقه الصغير يقوم بمساعدته في بعض الأحيان، ويسير معه في الشوارع الشرقية للمخيم، مشدداً أنّ بعض المواطنين يقومون بدفع مبالغ بسيطة خلال سيرنا بعمل المسحراتي، ولكنني؛ أعمل بهذه المهنة حباً بها فلا أنظر لهذا الشئ.

عاد المسحراتي ابراهيم القريناوي، من مصر إلى قطاع غزة بطلب من أهالي المنطقة الشرقية للمخيم، حتى يستمعوا له ويوقظهم لتناول طعام السحور، خاصة أنّ تلك المنطقة بعيدة عن المسحراتي الآخرين الذين يتجولون في شوارع المخيم الداخلية.

رسائل من مسحراتي الحدود..

وفي رسالته الرمضانية، قال المسحراتي هيما عبر "أمد"، على المسحراتي أن يسير بهدوء في شوارع المدن والمخيمات، وأن يمتع الناس بصوته والأهازيج الدينية والمدح النبوي، حتى يستيقظ الناس بحب لتناول سحور رمضان.

وأكمل حديثه قائلاً: أنّ شهر رمضان هو شهر الخير والبركة، ويحتاج منا أن نجعل الإبتسامة ترسم على وجوه الناس، خاصة في ظل الحصار والأوضاع التي نعيشها في قطاع غزة.

اخر الأخبار