الإخوان والحريات في "تريندز"

تابعنا على:   12:05 2023-05-25

حسين القاضي

أمد/ من الحقوق والحريات.. تعارض قيمي واستغلال مصلحي»، وهو الكتاب العاشر ضمن موسوعة الإخوان التي يصدرها المركز الذي يتخذ من دولة الإمارات مقراً له، ويأتي الكتاب في خمسة فصول: الفصل الأول: بين الاستضعاف والتمكين موقف الإخوان المسلمين من المشاركة السياسية وتداول السلطة. الفصل الثاني: جماعة الإخوان المسلمين وموقفها من حرية التعبير والتفكير والبحث العلمي. الفصل الثالث: موقف جماعة الإخوان من حرية المعتقد.

الفصل الرابع: جماعة الإخوان والمجتمع المدني. الفصل الخامس: المرأة لدى جماعة الإخوان.. الرؤية والواقع.

وأثبتت المسائل التي طرحها الكتاب أن الإخوان كفكر ما زال موجوداً، وتجب مقاومته، وتكشف الدراسة عن الازدواجية والانتهازية التي تتعامل بها جماعة الإخوان لتحقيق أهدافها انطلاقاً من تبنيها مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، وأثبتت الدراسة أن الجماعة لا تؤمن بمبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات وما يرتبط بها من مفاهيم، ليس لتعارض كل ذلك مع منهجها الفكري، وإنما أيضاً لسبب آخر هو ارتباط تلك المفاهيم بالدولة المدنية الحديثة، التي تعدها الجماعة معادية للإسلام، أو على الأقل متعارضة معه.

وترى الجماعة وفق أدبياتها أن المجتمع والدولة الحديثة تقوم على أفكار مرفوضة، وهى النظرة التي تبناها سيد قطب وعبدالقادر عودة وسعيد حوى وعلى جريشة وفتحي يكن، من منطلق (الافتراق الكامل بين النظام الإسلامي والأنظمة الأخرى في القانون والتشريع والنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي)، ولفت الكتاب الانتباه إلى أن تصور جماعة الإخوان للمفاهيم السياسية يختلف اختلافاً كبيراً عن معناها ومضمونها الحقيقي المتعارف عليه في العلوم السياسية، وأن من أبرز دلائل عدم إيمان جماعة الإخوان المسلمين بمفهومي المشاركة السياسية وتداول السلطة، هو عدم تطبيقها لهما داخل هيكلها التنظيمي، وما يدور بين جبهتي لندن وإسطنبول؛ حيث تسيطر فكرة الديكتاتورية القيادية وإقصاء المعارضة، وعدم السماح بوجود أي شكل من أشكالها، بالإضافة إلى أن تولّى المناصب القيادية يكون بناءً على الولاء للقيادة، والهرم التنظيمي، وليس بناءً على الكفاءة.

وكشف الكتاب بشكل واضح وجلىّ عن وجود فجوة كبيرة بين ما تعلنه جماعة الإخوان المسلمين واحترام للحقوق والحريات العامة وبين تطبيقها الفعلى لهذه الحقوق والحريات، حتى تحول هذا القبول والاحترام إلى مجرد شعارات لا قيمة لها، ولكن يجرى توظيفها لخدمة أهداف الجماعة. وجماعة الإخوان تتعامل -وفقاً للكتاب- مع مفاهيم المشاركة السياسية والتداول السلمى للسلطة، بنوع من الانتهازية والبرجماتية القائمة على التقية السياسية والدينية؛ بهدف الوصول إلى السلطة وإقامة الدولة الإخوانية للانطلاق نحو قيادة العالم تحت شعار «أستاذية العالم» وفق ما جاء في فكر مؤسسها حسن البنا.

وتستغل مرحلة الاستضعاف أو الابتلاءات لترسيخ وجودها على الساحة، وتعزيز دورها فى مواجهة الأنظمة السياسية القائمة، مستغلين توظيف المحن والسجون والبلايا، مع أن المحن والسجون والابتلاءات لا عبرة بها في مدارك الصواب، لأنها تحصل للمؤمن وغير المؤمن والكافر، ومن ثم فليس في الاستضعاف أدنى دليل على سلامة المنهج، وخلو الأفكار من الانحراف، فقد دخل يوسف -عليه السلام- السجن وهو على الحق، ودخله معه فتيان مشركان وهما على الباطل، ويُمتحن بالسجون والبلايا أهل الحق وأهل الباطل.

ويؤكد الكتاب أن الجماعة حين تكون في السلطة تعمل على إقصاء المعارضة بشتى أشكالها وصورها، لقطع الطريق على أي تداول سلمى للسلطة، مستخدمةً في ذلك سلاح التكفير عبر اتهام الخصم بالوقوف ضد تطبيق الشريعة ومعاداة الإسلام، ما يجعل تلك القوى في مرمى نيران التكفير والتهديد.

وتشير تجارب جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة مع المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة، إلى أنها لم تؤمن بتلك المفاهيم قَطُّ، نظراً لأن مرجعيتها الفكرية ترى أنها مفاهيم غربية تتنافى مع الطبيعة السياسية للإسلام وأصول الحكم فيه، وأن التعامل معها يكون من باب الضرورات التي تبيح المحظورات.

ومن خلال تحليل الكتاب لبعض النصوص المؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين، يتضح أن الجماعة لا تؤمن بحرية التعبير ولا بحرية التفكير والبحث العلمي؛ لأنها تعتقد اعتقاداً راسخاً أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وأنها الوحيدة التي تمثل الإسلام الحقيقي.

وأخيراً: فات الدراسة أن تتناول وترصد بعين الدقة فتاوى جماعة الإخوان ومدى تناقضها وتضاربها وفق ما تقتضيه حالة الجماعة، لا وفق القواعد والمناهج العلمية المتبعة فى الفتوى، وكيف أن هذه الفتاوى مثلث صورة من التناقض الفظيع والتضارب المقصود، فى عدد من القضايا الدينية التي أشهرها الموقف من القدس والجهاد، وأيضاً كان من المهم اختيار مرجعية إخوانية سياسية أو دينية لتكون نموذجاً إضافياً يتم من خلاله رصد الفجوة بين القول والتطبيق، وتبنى مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، والتناقض المشين في الأفكار والرؤى والأطروحات.

*نقلاً عن "الوطن" المصرية

اخر الأخبار