هل رفعت مصر يدها عن "المصالحة" الفلسطينية!
تاريخ النشر : 2019-05-12 08:40

كتب حسن عصفور/ يمثل دور الشقيقة الكبرى مصر في ملف قطاع غزة مركزيا، خاصة بكل ما يتصل بـ "التهدئة"، وما سينتج عنها من عناصر لكسر حصار أثقل كاهل الغزيين كما لم يناله غيرهم.

مصر دخلت على الملف الفلسطيني من باب العمل لوضع حد لأخطر المظاهر التي عبثت بالمشهد الفلسطيني، منذ انقلاب حركة حماس عام 2007، وما نتج عنه من انقسام مثل الهدية التاريخية للحركة الصهيونية لتنفيذ مشروعها التهويدي.

ولأن مصر تدرك ابعاد ذلك عملت، ومنذ سنوات، على وضع نهاية لما بات يعرف فلسطينيا بـ "النكبة الثالثة"، التي تمر على شعب فلسطين، كون الانقسام هو البوابة التي منها سيتم مرور المشروع الأخطر منذ النكبة الأولى، بقيام "دولة اليهود" على أرض فلسطين التاريخية، وتحيل شعبها الى "رعايا" لهم بعض الحقوق، وعليهم كل الواجبات.

لهذا كان الجهد المتلاحق من قبل الشقيقة مصر لوضع نهاية لذلك الخطر الكبير، ولكن منذ عدة أسابيع تبين ان ملف المصالحة لم يعد أولوية على جدول الأعمال المصري، رغم حراكها السياسي المتلاحق، واستقبالها ممثلين عن حركة فتح (م7) وحماس والجهاد في القاهرة، الى جانب رئيس السلطة محمود عباس، وتواصل دورها في الملف الأمني – التهدئة في قطاع غزة.

يلاحظ ان الوفد الأمني المصري لم يعد يذهب الى رام الله بعد زيارته الى غزة، او قبل الذهاب اليها، كما كان يحدث قبل ذلك، ولم يكن ذلك من باب المجاملة السياسية لحركة فتح (م7)، بقدر ما كان موقف سياسي من مركزية الشرعية الرسمية ودورها ومكانتها، ولذا كان الذهاب الى حيث مقرها مسألة لتعزيز ذلك، الى جانب تنسيق مواقف فيما يتعلق بقضايا التباحث بين دولة الكيان وفصائل قطاع غزة، خاصة وان فتح (م7) غير مشاركة في الغرفة المشتركة العسكرية، وكذلك لا تشارك في اللقاءات الوطنية الخاصة لبحث ملف التهدئة، ولربطه بملف المصالحة.

ويلاحظ أن التركيز المصري في الأسابيع الأخيرة لم يعد يولي المصالحة أولوية سياسية، وخاصة منذ زيارة وفد فتح (م7) الى القاهرة، ثم تشكيل حكومة رام الله وما تلاه من تصريحات لرئيس السلطة عباس، بوضعه شرطا قد يكون الشرط المستحيل للمصالحة، ضرورة حل "المليشيات" - يقصد الأجنحة العسكرية للفصائل ومنها كتائب القسام، سرايا القدس، كتائب أبو علي مصطفى، كتائب المقاومة الوطنية، كتائب شهداء الأقصى وغيرها من الأجنحة المختلفة -.

رسائل ردت عليها حماس بتشكيل حكومة موازية دون اعلان، وبلا وزراء، فهي "حكومة وكلاء الوزراء"، لكنها عمليا حكومة موازية بشكل كامل لحكومة رام الله، ويبدو أنها اتخذت قرارا (سريا) بمنع أي نشاط أو عمل لحكومة د. أشتية، ما مثل عقبة مضافة للعقبات التي كانت، والتي أضيفت من فتح ورئيسها محمود عباس.

السؤال الذي يقفز هنا، هل انهت مصر رعايتها كليا للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية، لإنهاء الانقسام، ام انها علقت حراكها الى حين ظروف غير الظروف، واتجهت للتركيز على ملف أكثر سخونة له ارتباط بأمنها القومي، ملف التهدئة بما يعني منع نشوب حرب واسعة على قطاع غزة، وما سيجلبه ذلك من ردات فعل قد لا تكون محصورة فقط في القطاع، ما سينعكس على مصر وأمنها القومي.

والسؤال، هل تستسلم القوى الفلسطينية لما وصل اليه أمر حركة التصالح، وهل حقا مع استمرار المشهد الانقسامي يمكن الحديث عن أي مواجهة للمشروع التهويدي، وهل سيتم الاكتفاء بالحديث عن أهمية انجاز الوحدة الوطنية، دون أي فعل جاد.

مسألة تستوجب التفكير، لو كان هناك فعلا من يقول انه ضد الصفقة الأمريكية، ومنتجها "غير الشرعي" بـ "دولة اليهود" فوق أرض فلسطين التاريخية.

لن يساعدكم أي كان قبل أن تساعدوا ذاتكم، وغيره النكبة الرابعة تصبح على الطريق السريع!

ملاحظة: بعد "فزعة كراس قدوتهم"، هل يتبرع وزير ثقافة حكومة رام الله بالسؤال عن زميله السابق في العمل الأدبي هاني السالمي ويساعده على ترويج مبادرته في بيع القهوة كي لا يسحق جوعا...يا مسيو عاطف متذكره!

تنويه خاص: بعد انتشار ظاهرة استغلال حاجة الانسان الفلسطيني في ظل حصار مركب ثلاثي الابعاد، وكمية الإهانة التي خلقتها، لماذا لا يتم تفعيل قانون المنظمات الأهلية، هل سلطتي الأمر الواقع مستفيدة من تغييب القانون أم شو!