نتنياهو ومناورة الانتخابات
تاريخ النشر : 2019-05-29 15:08

صوتت الكنيست ال21 مساء يوم الأثنين الموافق 27 مايو / أيار الحالي (2019) على حل نفسها بالقراءة الأولى، وصوت لصالح مشروع القرار، الذي تقدم به النائب عن الليكود، ميكي زوهر، 66 عضوا، في حين رفض الإقتراح 44 عضوا، وإمتنع عن التصويت عضو واحد، في حين غاب كل من نتنياهو وليبرمان عن التصويت. 

ورغم التصويت على حل الكنيست، وتحديد موعد 17 من ايلول / سبتمبر القادم موعدا للإنتخابات القادمة، إلآ ان رئيس الحكومة المكلف مازال يراهن خلال الربع الساعة الأخيرة على إبتزاز كل من حزب "يسرائيل بيتينو"، والقوى الحريدية، وخاصة حزب "يهوديت هتوراة" لدفعهما للتوصل لإتفاق فيما بينهما على قانون التجنيد، مع ان أفيغدور ليبرمان أعلن تمسكه بموقفه بضرورة إخضاع طلاب المدارس الحريدية للتجنيد، ورفض أية تنازلات بهذا الصدد. غير ان قادة احزاب الحريديم "شاس" و"يهوديت هتوراة" ومن لف لفهم حاولوا الإلتفاف على موقف "يسرائيل بيتينو" بتقديم تنازل شكلي، إلآ ان المحاولة باءت بالفشل، مما عقد الوصول لإتفاق وسط بين كتل احزب اليمين المتطرف، التي راهن بنيامين نتنياهو على ضمها جميعا في إئتلاف جديد قوامه 65 نائبا لتشكيل الحكومة الخامسة. 

لكن ليبرمان بدد أحلام الرجل المسكون بالبقاء على كرسي الحكم، والساعي للإستفادة من موقع رئاسة الحكومة للإلتفاف على قضايا الفساد التي تطارده، بعد ان فشل حتى الآن في تمرير مشروع قانون "الحصانة"، الذي وجد معارضة شديدة داخل الليكود، وفي اوساط المعارضة كلها، والنخب السياسية والإجتماعية والإقتصادية بإستثناء بعض المرتشين من حوله، وقوى اليمين المتطرف أمثال سموترطش. ورفض التجاوب حتى بعد التصويت على حل الكنيست. لكن مازال من المبكر التأكيد والجزم بأن إسرائيل ذاهبة للإنتخابات في ايلول / سبتمبر القادم، وبين التأكيد من عدمه قرابة ال 48 ساعة يمكن لنتنياهو ان يحدث إختراقا خلالها في جدار إستعصاء الموقف لدى ليبرمان أو لدى كل من أريه درعي ويعقوب ليتسمان. لإنه في كل الأحوال يرفض التسليم بمنح إمكانية تكليف غانتس، زعيم تكتل "أزرق ابيض" المعارض لتشكيل الحكومة خشية من العواقب، التي ستطاله لاحقا في قضايا الفساد، كما لن يسمح بتكليف عضو آخر من الليكود لتشكيل الحكومة القادمة لذات السبب.

لما تقدم فإن خيار الذهاب للإنتخابات سيكون أفضل له. لا سيما وانه يراهن على إمكانية كسر معادلة الإنتخابات الماضية في التاسع من نيسان / إبريل الماضي (2019)، التي افرزت تعادلا في عدد المقاعد بين الليكود وتكتل "كاحول لافان" بزعامة غانتس (35 لكل منهما) ومن الصعب عليه (نتنياهو) وعلى غانتس ايضا قبول تشكيل حكومة من الإئتلافين الكبيرين في حال إقترح الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين تشكيل حكومة منهما، لإن زعيم المعارضة الحالي، لا يقبل الشراكة مع نتنياهو في حكومة مشتركة، وزعيم الليكود يرفض هذا الخيار، لانه سيضعه لقمة سائغة في فم غانتس ولبيد، وحتى خصومه في الليكود وأبرزهم جدعون ساعر وليفنات ومريدور.

أزمة عميقة يواجهها نتنياهو على أكثر من مستوى وصعيد داخل الليكود، ومع المعارضة والشارع الإسرائيلي، وملاحقة قضايا الفساد، وعدم تمكنه من تمرير مشروع قانون "الحصانة" الفرنسي، أضف إلى أن إمكانية تشكيل حكومة ضعيفة ب60 نائبا، يبقيه تحت سيف التهديد، وإسقاط الحكومة مع اول أزمة حكومية. وبالتالي فرضية وسيناريو الذهاب للإنتخابات القادمة في حال لم يتمكن من تأمين إختراق لصفوف اليمين المتطرف وخاصة مع خصمه ليبرمان، الذي على ما يبدو، يريد إعادة توجيه اللطمة لنتنياهو، الذي وافق على إستقالته من وزارة الحرب بعد فشلهما في الإتفاق على مواجهة التصعيد الذي حصل على جبهة قطاع غزة في الفترة القريبة الماضية. 

لذا السيناريو المرجح، هو الذهاب لإنتخابات جديدة في أواسط ايلول / سبتمبر القادم (2019)، لإن ذلك يعطيه ( نتنياهو) فرصة لإعادة ترتيب أوراقه خلال الشهرين ونصف القادمة، أضف إلى انه يمكن ان يستفيد من التطورات الإقليمية والدولية المتحركة بسرعة، خاصة وان الرئيس الأميركي، ترامب مستعد ان يقدم على اي عمل لصالح بقاء حليفه الإسرائيلي على رأس الحكم. والساعات القادمة كفيلة بحسم السيناريو الممكن.