لماذا يخافون من الإعلام؟!
تاريخ النشر : 2019-05-30 12:10

عندما قرأت خبر ملاحقة القضاء في غزة لصحيفة الحياة الجديدة , ومنعها من التوزيع , ومطالبة مثول مديرها العام ماجد الريماوي أمام محكمة صلح غزة , بناء على تهم فضفاضة ومطاطية وحمالة أوجه , ولا ترتكز على أسس وقواعد الجريمة المعلنة والصريحة بحسب نصوص القانون , حينها تذكرت السيد بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات في وصفه للإعلام في إحدى مقابلاته التلفزيونية , حينما قال إن الساسة في الولايات المتحدة يخافون من الإعلام أكثر من الحروب والإرهاب , فسأله المذيع , ما السبب؟ فأجاب السيد بسام أبو شريف "عندما يكتب صحفي سطرين في وكالة أو صحيفة مشهورة في الولايات المتحدة عن أي سياسي أو رئيس بصيغة الإنتقاد , فذلك يعني نهاية مستقبل هذا السياسي أو الرئيس".. وأيضاً تذكرت لائحة الإتهام الموجهة لنتنياهو في قضية الفساد , وحسب اللائحة  فإن نتنياهو قام بتسهيلات ضريبية لمالك موقع "واللا" الإخباري العبري مقابل نشر مقالات وأخبار تلمع من صورته أمام الرأي العام , فهذا كله يعني قوة وتأثير الإعلام في توجية الرأي العام , وصناعة القرار والمحاسبة وتغيير سياسات عالمية , فلذلك قررو الساسة الأجانب واليهود أن يكسبو الإعلام لصفهم , وبعكس الساسة العرب فهم قررو أن يكسرو الإعلام كي لا يبقى الشبح الذي يطاردهم نتيجة أخطائهم المتكررة , وكما حدث في غزة من محاولة لكسر إرادة وقوة الإعلام كي يبقى الفساد حراً دون حسيب ولا رقيب .

إن الأنظمة القمعية وبالإضافة الى أنها قمعية فهي تتعامل بغباء نتيجة الهوس الأمني الذي يرافقها بإستمرار , فهي تعتقد أن تسكير الفضائيات وحجب المواقع ووقف نشر الصحف وإعتقال الصحفيين وتهديد الكتاب , يعني حجب الحقيقة عن الرأي العام , بالطبع لا لأن هذه الأساليب القمعية بحد ذاتها تنقل الرسالة الأقوى للرأي العام بأن من يتعامل بهذا الشكل  هو رأس المشكلة , فمن ليس لديه مشكلة فهو ليس مطراً أن يتبع هذه الأساليب القمعية .

من الطبيعي جداً أن كل نظام حاكم أو شخص على رأس سلطة , تنقصه النزاهة والشفافية , أن يخاف من الإعلام ويحسب له ألف حساب , فلو كان نزيهاً فهو لم يخاف بالأصل , ولكن هناك من الخائفين الأذكياء اللذين يحاولون كسب الإعلام لصفهم , مثلما يجري في الغرب وإسرائيل والولايات المتحدة , وهناك أيضاً من الخائفين الأغبياء اللذين يصنعون عداوتاً بينهم وبين الإعلام , وبالطبع هم دخلو معركة خاسرة , لأن الإعلام هو فكرة وكلمة وحقيقة , ولا يرتبطان بزمان ومكان معين , ولا يرتبطان بأدوات معينة , فنحن في القرن الواحد والعشرين , وجميع الأدوات متاحة .

يجب أن يبقى الإعلام قلعة حصينة , وسداً منيعاً أمام كل المآمرات المحاكة ضده , ومن يخاف من الإعلام عليه أن يصلح نفسه أولاً , فالإعلام هو الرأي العام فلا يستطيع أحد إخماد صوته.. ومن هنا يجب أن يدق ناقوس الخطر لكل من تعنيه المشكلة , فإذا سقط الإعلام , سقطت الدولة وسقطت القدوة وسقط كل شيئ .