في وداع الصفقة الموهومة
تاريخ النشر : 2019-06-03 13:42

صفقة القرن مثل ولادة متعسرة يتضح في النهاية أنها حمل كاذب. لم يحمل كوشنر وغرينبلات أي جديد حقيقي يمكن مناقشته واستمعوا إلى كلام واضح وحاسم في عمان، أما في تل ابيب فقد قابلوا رئيسا منتهي الصلاحية مع قرار الكنيست بحلّ نفسه واجماع المراقبين هناك أن نتنياهو تعرض إلى هزيمة ساحقة بفشله في تشكيل الحكومة سينعكس على فرصه في قياد الليكود للانتخابات القادمة أي ان فرس الرهان الذي قدم له ترامب دعما لم يحظ به اي زعيم اسرائيلي من قبل قد تعثر وهو بحكم المنتهي. وفي غياب الطرفين المعنيين الفلسطيني بسبب رفضه المطلق والمسبق لمشروع الصفقة والاسرائلي بسبب عدم وجود قيادة مفوضة حتى ايلول القادم فإن ملف العرض الأميركي للتسوية مرشح للطي حتى وقت آخر.

مباشرة بعد ذلك أتى الأسوأ لمشروع الصفقة من القمة الاسلامية في مكة وكما توقعنا وتأملنا تصدرت القدس والقضية الفلسطينية ومشروع صفقة القرن جدول اعمال القمة بقرارات واضحة وحاسمة توجه صفعة اخيرة للمشروع الأميركي القائم على الوهم والاستغباء وهو في حقيقته غباء ما بعده غباء في مقاربة الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية.

لا يجوز الاقدام على اي خطوة تطبيعية بعد القمّة آنفة الذكر لأن منطق التقرب والانفتاح على اسرائيل لتشجيعها على التسوية لم يعد له اساس فقيادة نتنياهو قيد الأفول وهو مهدد بالملاحقة القضائية والسجن ويجب تضييق الخناق عليه وليس فتح طاقات فرج له ودول الخليج وهي مكون رئيس في القمة الاسلامية شاركت في وضع قرارات واضحة وقاطعة لشروط الحل والمتمثلة بانسحاب المحتل إلى خطوط الرابع من حزيران واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وفوق ذلك ادانت القمّة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كما أدانت الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان، وادانت عمليات القضم والضم واكّدت على الوصاية الهاشمية على المقدسات واعلنت الرفض سلفا لكل مقترحات للحل لا تلبي حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الاستقلال والسيادة الوطنية، واكدت الدعم الكامل للفلسطينيين في نضالهم على ارضهم. وعليه لا يبقى اي معنى لبقاء الجسور ممدودة مع مشروع الصفقة وما تحتويه من خطوات تطبيعية.

ماذا عن مؤتمر المنامة بعد هذا؟! لم يعد للمؤتمر معنى في الحقيقة الا اذا تم التفكير في تحويله إلى مناسبة لدعم الفلسطينيين وتوجيه رسالة للولايات المتحدة تقول ان العرب عموما والخليجيين خصوصا سوف يعوضون الفلسطينيين عن الدعم والحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة عليهم بسبب موقفهم السياسي أي تحويل المناسبة إلى النقيض مما كان يراد لها فيتم دعوة الفلسطينيين مجددا للمشاركة وبحث جدول الدعم الممكن وآلياته والتزام الدول به.

يجب الانتباه إلى ان الموقف العربي والاسلامي الحازم والحاسم بشأن صفقة القرن وتعزيز الدعم السياسي والمادي للفلسطينيين وايضا للمصالحة الوطنية الفلسطينية هو الاستراتيجية الصحيحة على ابواب المعركة الانتخابية القادمة في اسرائيل. التشدد في رفض التطبيع بأي صورة يضعف مكانة نتنياهو المتدهورة اصلا ويضعف حلفاءه في الادارة الأميركية. ويظهر ان مشروع ترامب والشلّة التي صممت مشروع صفقة القرن فاشل ولن يؤدي إلى اي نتيجة .

هذه الاستراتيجية تتكامل مع مقاربة جديدة للمسألة الايرانية من حيث التوقف عن السماح لجعل المواجهة مع ايران اداة ابتزاز اميركية للخليج. ايران تزاود على الدول العربية والخليج بالقضية الفلسطينية وبذلك تبرر تدخلاتها ودعمها لميليشيات ويجب أن يظهر أن هذه السياسة هي التي تضعف الداخل العربي وتمزقه لمصلحة اسرائيل ويجب ممارسة سياسة هجومية قوية على طهران من اجل حلول سياسية عادلة لبؤر الصراع.

عن الغد الأردنية