كن محسناً وإن لم تلقى إحساناً !!!
تاريخ النشر : 2019-06-15 14:43

لن ينسى الله خيراً قدمته , ولا عينا كادت أن تبكي فأسعدتها ولا خيرا قدمته ؛ عش حياتك على مبدأ كُن محسناً حتى وإن لم تلق إحساناً؛ لأن الله يحب المحُسنين؛ وكن صاحب فكر وأيقونة عطاء ؛ فقط كن إنسانا تسلم ؛ فربما تكون إنسان بسيط أميّ لا تمتلك مواهب وإنجازات وشهاداتك عليا لكنك لم تقتلع شجرة واحدة ولم تؤذي أحد من البشر ؛ ولم تعتدي على ممتلكات غيرك ولم تسرق ولم تكذب ولم تخدع.

وربما لا تملك المال الكافي لقوت يومك لكنك بشوش متفاءل لا تجزع ؛ وربما لا تمتلك مال لتؤسس مأوي لقطط وكلاب ضالة في الشوارع لكنك لم تؤذيهم يوما ؛ وربما لم تمتلك مال لتقدم لوالدتك سيارة فاخرة في يوم الأم ولكنك باراً بها عطوفا كريما ؛ وربما تحاكي نفسك يوما لماذا لا أملك مواهب ولا إنجازات لدي ؛ فهل أنا ضائع حقا !!! ولكن ما يسعدك ويخفف عنك تفكيرك عندما تقارن نفسك بغيرك بأنك تملك ضمير حي ما زال متيقظا في عالم غطت ضمائره في سبات عميق.

يجب علينا أن نحارب ضمائرنا قبل أن نحارب الاخرين ؛ إذن كن محسناً فيما بقي فلربما تجزى عن الإحسان بالإحسان ؛ لأنه إذا ارتاح الضمير ارتفع المقام ؛ فلقد قال الشاعر : أحسن الى الناس  تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الانسان إحسان؛ فمالك من سبيل الا أن تعفو وتصفح عما أخذ لك حق وسلبه منك عنوة أو بخديعة ؛ ومالك من سبيل الا أن تكلهم الي ضمائرهم , لأن الحياة لا تطول بهم ؛ فالحياة ممر قصير مهما ظن ان له عمر مديد ؛ فعاند وتجمل بخلقك وأحسن الي نفسك ولا تلومها فتحرمها من العطاء فالدنيا اخرها شقاء ومرها صغار فأنت لست بحاجة الي شعلة من لوع أحزان ومحاربة النفوس اللئام وقتل السلام والأمان الذي في داخلك وانتظار بزوغ شمس الصباح بعد أداء الفلاح بعد الأصباح ؛ فما عليك سوى أن تتأمل وجهك في المرآة كل صباح وأمعن النظر في تقاسيم وجهك وأحمد الله على نعمة وكرمه فهل رأيت أحد من الظالمين عاش حياته سعيدا بلا كدر أو مرض أو باكيا محزونا لفقد.

هناك صور عديدة للإحسان في حياتنا فلو تمعنا النظر في جمال الكون وتعدد الألوان وجمال الاحسان في الخلق , فأداء الصلاة عبادة ولكن احسانك أدائها خلق ؛ والاحسان بالوالدين عبادة لان خلق الاحسان ليست محدودة وليس لها نهاية ؛ والاحسان في التحية فحتي عند التحية انت مطالب بالإحسان فاذا مد يده فمدها أنت ايضا وإذا ابتسم فرد له ابتسامة  أوسع ؛ والاحسان في الجدال فاذا ابدي صديقك لي رأي مخالف فبماذا سترد عليه ؟؟؟ فكيف ستكون محسنا هنا ؟؟؟ فبإمكانك أن ترد بكلام جميل كأن اقول عندي رأي اخر ؛ أريد أن أقوله لك فأسرد رأيك بكل صراحة وبلا تجريح ؛ والاحسان مع الحيوان فلنتعلم الرفق بالحيوان من النبي عليه الصلاة والسلام فلقد جاء في الحديث الذى رواه الإمام مسلم في مسنده.

(أنه بينما رجل قد أضجع شاته ـ أي أنامها لكي يذبحها ـ ثم أخذ شفرته يحدها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أتريد أن تميتها مرتين ؟ فقال : وكيف ذلك ؟ قال : هل حددتَ شفرتك ، ثم أضجعتها ؟ ) أليس عظيما هذا الدين الذي طبّق في كل أمور حياتنا وعلمنا الإحسان في كل شيءٍ ؛ والاحسان في المهنة ؛ فالإحسان إذن صورة عديدة ومتنوعة فلنكن محسنين ما حيينا ولنكن قدوة يحتذي بها بالعطاء والإحسان والرحمة  والإنسانية والضمير الحي.

اعتن بنفسك واحمها، ودللها ولا تعطي الأحداث أكثر مما تستحق ؛ سيسيئ اليك بعضهم فلا تبغضهم بل اشفق على أخطائهم وانظر لهم كمساكين يحتاجون لعلاج وكنت أنت دواءهم بتسامحك وعفوك ؛وستقابل ممن تحسن اليهم فلا تجد منهم الا الاساءة ونكران الجميل ، فلا تغضب ولا تتغير ليست المشكلة فيك بل فيهم ، استمر كما أنت نهر عطاء لا ينضب وطاقة بذل لكل البشر؛ فقط كن انسانا؛ عش مع البسطاء والمهمشين والفقراء فانهم سيتعاملون معك بفطرتهم البريئة النقية وعقولهم البسيطة وانت تحتاج كثيرا لهذا ليتزن بناءك الانساني ؛ واستمع لآراء متوسطي العلم والفكر فقد يكونون أصحاب بصيرة مشرقة تخرج منها أروع حقيقة. وحاول أن تنام كل يوم راضيا عن نفسك حتي تهدا نفسك ويهنأ بالك الانساني ما زال في العمر بقية طالما انك لا تتوقف ؛ وطالما ما زال قلبك ينبض.

كن أصفر أسود، كن أبيض...كن مختلفا كن مشابها كن كل شيء ؛ أي شيء بل لا شيء حتى ؛ فقط لا تنسي أنك إنسان؛ كن مغربيا، كن سنغاليا، كن أمريكيا ؛ كن وكن كائنا ما تكون وأعلم أن الحدود لا تضعف الإنسان ؛ كن صانعا وعامل نظافة و مبدعا و مفكرا ومعلما ؛ كن منفتحا، كن منغلقا، كن متزمتا... فقط لا تنسي أنك إنسان ؛ وأعلم وقبل كل هذا  أنك ولدت لتكون إنسانا فكن ذاك الإنسان الرحيم المحسن الكريم ؛ فما أكثر البشر و ما أقل الإنسان فكن إنسانا أو مت وأنت تحاول.