أهـمـيـة الـمـجـابـهـة بـالـمـال
تاريخ النشر : 2019-06-20 20:22

تفاقم الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية, والتحذير من انهيار وشيك لها, وعدم قدرتها على دفع الرواتب للموظفين يعود لأسباب رئيسية ثلاثة منها أولا اتفاقية باريس الاقتصادية التي رهنت الاقتصاد الفلسطيني بالاحتلال الصهيوني, ثانيا حجب أموال المساعدات التي كانت تقدمها الإدارة الأمريكية للسلطة الفلسطينية, وثالثها احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية, واقتطاعها لجزء من هذه الأموال بغير حق, مما دفع السلطة لرفض تسلمها منقوصة من الاحتلال, ويبدو ان معركة المال أصبحت إستراتيجية الاحتلال الأولى في مجابهة الفلسطينيين ومحاولة كسر إرادتهم, لذلك نجد الاحتلال يدخل في تفاصيل المال المقدم للفلسطينيين, حتى المائة دولار التي تقدمها قطر للأسر الفقيرة والمسحوقة, يتدخل الاحتلال في تفاصيلها, ويدقق في أسماء من يتلقون المساعدات, وهل هم من اسر الشهداء والأسرى والمقاومين ثم يتحفظ ويبدي ملاحظاته, ويملي شروطه على القطريين للالتزام بمعايير تقديم المال وفق اشتراطات الاحتلال.

"إسرائيل" تدرك أهمية مجابهة الفلسطينيين بالمال, وتعمل على إدامة هذه الأزمة واستشرائها كي تنفذ مخططاتها التوسعية وتفرض سياسة الأمر الواقع, وقد ساعدتها الإدارة الأمريكية كثيرا في حربها المالية على الفلسطينيين, من خلال تجفيف منابع التمويل المالي للسلطة والشعب الفلسطيني, حتى وكالة الغوث الدولية "الأونروا" حاربوها وقلصوا المساعدات المالية المقدمة لها إلى حد كبير, وقلصوا من دخول قوافل المساعدات إلى قطاع غزة, ولاحقوا المؤسسات والجمعيات التي تقدم مساعدات للفلسطينيين, حتى البنوك فرضوا عليها قيودا كبيرة لإدخال الأموال للفلسطينيين, فكل مال يدخل لغزة تحديدا يجب ان يعرف مصدره, والى أين يذهب, وفي أي جهة يصرف, يجب ان تطحن غزة طحنا بالفقر والبطالة والمشكلات الحياتية والمعيشية, ويجب ان يستمر الحصار مفروضا عليها إلى ما لا نهاية, لأنها ترفع لواء المقاومة وتتصدى لصفقة القرن, وتملك سلاحها بيدها, وترفض كل محاولات تدجينها وإخضاعها غير آبهة بالنتائج.

رئيس سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا قال إن الوضع المالي الفلسطيني على شفا الانهيار بعد تعليق مساعدات أمريكية بمئات الملايين من الدولارات, وأن الضغوط المالية المتصاعدة على السلطة الفلسطينية دفعت ديونها للارتفاع بشدة إلى ثلاثة مليارات دولار، وأفضت إلى انكماش حاد في اقتصادها الذي يقدر حجمه بثلاثة عشر مليار دولار وذلك للمرة الأولى خلال سنوات, مضيفا ”نمر حاليا بنقطة حرجة“لا نعرف كيف سندفع الرواتب الشهر القادم؟ وكيف سنمول التزاماتنا؟ وكيف ستستمر الحياة اليومية دون سيولة في أيدي الناس؟“ وكأن هذا الحال الذي وصلت إليه السلطة مخطط له أمريكيا وإسرائيليا لدفعها للقبول بحلول اقتصادية للقضية الفلسطينية, لذلك تم التخطيط لمؤتمر البحرين, واصباغه بالصبغة الاقتصادية, وقالوا انه سيحل مشكلة الفلسطينيين المالية, وسينعش الوضع الاقتصادي لديهم, تماما كما سوقوا لاتفاق أوسلو, وقالوا انه سيحول غزة وأريحا إلى سنغافوره, انه السم المدسوس في العسل, والذي يريدوننا ان نتجرعه.