أين تذهب الأموال القطرية؟!
تاريخ النشر : 2019-06-21 15:03

منذ بدأت قطر فى ضخ ما سمته منحة أو مساعدة مالية للفلسطينيين فى قطاع غزة، والسؤال الحائر على ألسنة سكان القطاع: أين هى تلك الأموال؟! لماذا لا نراها ولم نتسلم شيئاً منها؟ فأين تذهب المنحة القطرية؟ ولمن؟ تردد كثيراً على مسامعى ممن يأتون من قطاع غزة أنهم لم يروا من بركات منحة قطر ولا فلساً واحداً، وشككوا فى أنها تذهب إلى «حماس» وعناصرها ومؤيديها، ورغم أن إسرائيل فرضت شروطاً قبل أن تسمح بمرور هذه المنحة إلى غزة واتفاقها مع قطر على تسليمها قائمةً بأسماء المستفيدين من الأموال والمفاوضات الماراثونية التى تدور من حين لآخر بين قطر وإسرائيل من جهة، وحماس والسفير محمد العمادى رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة من جهة أخرى، إلا أن جهات صرف المنحة تبقى محل شك بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين أيضاً.

ومؤخراً هاجمت وسائل الإعلام العبرية الحكومة الإسرائيلية متهمة إياها بأنها تسهل تمرير الأموال إلى «حماس»، وأكدت أن الأموال القطرية تصل لكتائب القسام، الجناح العسكرى لحماس، من خلال صرفها لأسماء مقربين من عناصر القسام يتسلمون تلك الأموال وينقلونها إليهم، فمنذ شهرين ضخت قطر أكثر من 150 مليون دولار لشراء وقود محطة توليد الكهرباء فى غزة ورواتب لمسئولى حماس وبدلات للعائلات المحتاجة ومشاريع توظيف مؤقتة للأم المتحدة، و180 مليوناً أخرى وعدت بها، غير أن خلافاً حاداً نشب بين إسرائيل وحماس حول قائمة المستفيدين من المساعدات القطرية أجَّل توزيع تلك الأموال التى دخلت قطاع غزة، وبحسب الموقع، فإن إسرائيل أزالت نحو 400 اسم من القائمة بمن فى ذلك فلسطينيون أصيبوا فى المظاهرات، وهذا ما رفضته حماس، الأمر الذى جعل السفير القطرى محمد العمادى يدخل فى مفاوضات بين الطرفين ليصل إلى نقطة التقاء.

إن رفض حركة حماس لشروط إسرائيل حتى يتم دخول المساعدات لسكان القطاع حق لكن يراد به باطل، فلماذا لم يشعر أهالى غزة بهذه الأموال؟ ولم يجدوا لها صدى يُذكر؟ فالمنحة القطرية اعتمدت أساساً لتحسين أحوال المواطنين وانتشالهم من الفقر والعوز، وتحسين ظروفهم المعيشية سواء بالمساعدات العينية للأسر الفقيرة، أو بإنشاء وتطوير مشاريع صغيرة تساعدهم على تحمُّل الحصار المفروض عليهم من كل جانب، الأموال القطرية لو كانت مجرد مساعدات إنسانية فهى من حق كل فلسطينى فى قطاع غزة، ويجب ألا تكون مقتصرة على فئة بعينها، ويجب ألا تكون مشروطة ومرهونة بالظروف السياسية أو بالإملاءات الإسرائيلية، ودعونا نعترف بأن الأموال أو المساعدات التى تسمح بدخولها إسرائيل لم تكن بعيدة عن أعينها ومراقبتها وحرصها على ألا تدخل جيوب المقاومة، وفى الوقت ذاته فإن قطر تدفع لحماس كى ترفع عن كاهلها أعباء وضغوطات الشح المادى الذى تتعرض له، وربما كجزء من اتفاق التهدئة مع إسرائيل، وكان يجب أن تكون أولوية حماس باعتبارها المسئولة عن إدارة شئون القطاع هى استثمار تلك الأموال استثماراً عادلاً فى خدمة المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية، بدلاً من أن تدخل فى صراع الشروط مع إسرائيل حول كيفية السماح بدخول تلك الأموال ومَن المستفيد منها، لأن قطر لن تُدخل تلك الأموال دون الموافقة على الشروط الإسرائيلية، فهى حليف وصديق وفىّ لإسرائيل منذ عقود، كما أن قطر لا تمنح الأموال لوجه الله والوطن، فأهدافها معروفة وواضحة للجميع، ولا يخفى على أحد أنها سمسار وخلٍّ وفىٌّ وجسر لتمرير «صفقة القرن».

عن الوطن المصرية