مؤتمر البحرين الاقتصادي... الواقع والبديل الاستراتيجي
تاريخ النشر : 2019-06-24 20:24

دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى عقد مؤتمر اقتصادي في العاصمة البحرينية "المنامة" تحت مسمى "السلام من أجل الإزدهار" وذلك  يومي 25 و 26 يونيو 2019، وتدعي الولايات المتحدة الأمريكية أن الباعث لهذا المؤتمر إنعاش الإقتصادي الفلسطيني والغاية منه إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بالنهج الإقتصادي!! لكن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية من وقف المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية وعن المستشفيات في مدينة القدس؛ يكشف أن هذا المؤتمر ما هو إلا  ذر للرماد في العيون عن استحقاق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وبالرغم من الأزمة الإقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الشعب الفلسطيني، وأشتركت معها دولة الإحتلال الإسرائيلي في تضييق الخناق من خلال سرقة أموال الضرائب التي تشكل ما يُقارب 70% من إيرادات السلطة الفلسطينية، فإن القيادة الفلسطينية وكل أطياف الشعب الفلسطيني ترفض هذا المؤتمر الإقتصادي، أما بعض الدول التي من المفترض أنها تمثل العمق العربي للقضية الفلسطينية، يسيل لعابها وتهرول لحضور هذا المؤتمر طمعا في سد ديونها وإنعاش إقتصادها؛ متجاهلة تداعيات هذا المؤتمر على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف وفقا لأحكام القانون الدولي.

وهناك بعض الأشقاء العرب وبعض أشخاص القانون الدولي يلوم القيادة الفلسطينية على موقفها الوطني الرافض لذلك المؤتمر المُشين، والذي يمثل نقطة البداية في تعبيد طريق صفقة الخزي والعار "صفقة القرن" أو إن صح القول صفعة القرن، والتي تجسد الرؤية الأمريكية الصهيونية في تقويض الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وغير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إن إحلال السلام الدائم والعادل في العالم يبدأ بجلاء الإحتلال عن إقليم دولة فلسطين، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الثابتة وفقا للمرجعيات الدولية، وليس كما يعتقد غُراب ترامب "جارد كوشنر" الدخيل على السياسة بأن خلق الأزمة الإقتصادية والبحث عن حل لها بالسمسرة الأمريكية هو الحل، فلا يدرك هذا الغُراب وصهره ترامب أنه كلما زادت المِحن على الشعب الفلسطيني إلتف حول قيادته وتمسك بحقوقه التي قدم الشهداء والجرحى والأسرى ثمنا لها والتضحيات مستمرة حتى النصر وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فهذا المؤتمر مؤامرة ميته ضد الشعب الفلسطيني.

فإذا كان لدى الإدارة الأمريكية وحلفائها ــــ حجارة شطرنج مؤتمر البحرين ــــــ نية حقيقية كما تدعي بإحلال السلام الدائم والعادل في الشرق الأوسط؛ فعليها أن تتبنى قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، المُستندة على قواعد وأحكام القانون الدولي، وتدعم تنفيذها من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة، تنادي به القيادة الفلسطينية منذ بِضعُ سنين.

ويقوم هذا المؤتمر الدولي للسلام على بحث الأمم المتحدة لجوانب القضية الفلسطينية بحضور أطراف الصراع وأعضاء المجتمع الدولي، ووضع خطة شاملة تتضمن الجانب الموضوعي والإجرائي، أساسها تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، وصدور قرار من مجلس الأمن ملزم للأطراف ترعى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن تنفيذه.