تحولات استراتيجية في السياسة الدولية
تاريخ النشر : 2019-07-25 18:14

ما تتناوله وسائل الإعلام من تصريحات ذليلة للقادة الأمريكان تجاه ازمة الخليج وما يكشفه الواقع من ارتباك الأوربيين وعجزهم تجاه مهانات يومية يعني بوضوح ان قواعد اللعبة تغيرت وان هناك شروط دخلت عليها ألجمت جماح السياسات الغربية وجعلتها بناء على حسابات دقيقة تتردد كثيرا قبل اتخاذ أي خطوة تصعيد ضد ايران..
ومن جهة أخرى لم يعد النفط ضروريا لأكبر دولة في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح واضحا أمامها ان هناك أبواب لكسب الأموال أهم وأوفر من الصراع على النفط.. بل أصبح الصراع على النفط بابا لخسارات فادحة في الأرواح والأموال كادت ان تودي بالولايات المتحدة الأمريكية ككيان ومؤسسات عقب حرب أفغانستان والعراق..
ثم ان الامر اصبح واضحا تماما امام الساسة الامريكان والغربيين انهم في مواجهة كتلة نار مندلعة في رقعة واسعة من باب المندب الى مضيق هرمز الى ساحل المتوسط في لبنان وفلسطين وبلاد الرافدين وقد تكون هناك شلالات للنار في هذا البلد اوذاك ستحرق الاخضر واليابس اذا ما حاولت القوات الغربية توجيه ضربة للمصالح الحيوية في ايران.. واصبح هذا العامل المتطور والمتنامي والتفلت من قيود الضبط السلطوي مخيفا للمصالح الامريكية والغربية.
كما كشفت هذه المواقف الاخيرة من قبل الادارات الغربية انه لم يبق من هيلمان تلك الدول سوى اسماءها فلا فرنسا ولا بريطانيا هي تلك الدول المقررة في خريطة العالم فلقد عادتا دولتين متوسطتي الحال ويضعف شانها كلما زاد عليهما القادة الامريكان الضغط فكشفا عوارهما وهزالهما.
ثم ان بروز قوى متوحشة نهمة مثل الصين ومخيفة مثل كوريا الشمالية تستدعي تجنيدا مرهقا من قبل الامريكان لمواجهة الخطر القادم الذي يهدد الاقتصاد الامريكي بضربات قاضية الامر الذي يصبح فيه من الضروري تحويل الاهتمام الى مواقع جغرافية اخرى غير تلك التي كان عنوانها النفط والممرات المائية.
ثم ان الامر اصبح واضحا في ان الكيان الصهيوني من خلال ممارساته الاستفزازية انما يهرب الى الامام فهو يعج بتناقضات خطيرة عرقية وسياسية وقد اصبح عبارة عن مجتمعات متصارعة من المتدينين والعالمانيين والشكناز والشرقيين والروس والفلاشا.. وهذا جميعه جنبا الى جنب الفساد الضارب بعنف في المؤسسات الاسرائيلية التي عادت عنوانا للحياة السياسية الادارية في الكيان الصهيوني
هذه هي البيئة الدولية التي نقف على ارضيتها والامر هنا يحتاج قراءة دقيقة لاتخاذ الموقف الصحيح والا فان الجهود تضيع والفرصة تتبدد.. اننا امام فرصة تاريخية بانزال خسائر استراتيجية في الامبريالية الغربية الامريكية ونحن سنكون على محك تاريخي اما ان نتحسس سبيل خروجنا من تيهنا الحضاري الى دائرة الشهود بما نمتلك من قوة وقيم ورسالة حضارية ا وان جولات من العنت ستفرض علينا
ان إمكانية استعادة فلسطين ليست مستحيلة سيتركونها ويولون الدبر وستتخلى أمريكا عن الكيان الصهيوني وستلوي اوربا على عقبها عندما يقابلون في الميدان عنادا وتصميما وإصرارا وإعدادا وجمعا لعناصر القوة..يشعرهم بالملموس ان تمسكهم بالاستعمار الصهيوني سيكلفهم اكثر مما يربحهم
انه درس استراتيجي وبشارة انتصار
درس للفلسطينيين وللعرب والمسلمين
فالظروف قد تغيرت والبيئة الدولية تغيرت
وموازين القوى لم تعد هي هي تلك التي كانت عقب الحرب العالمية الثانية
والكيان الصهيوني فشل في صياغة هوية وطنية ويتفلت نحو الانشطارات القاتلة
ولم يعد بتلك الاهمية للاستعمار الغربي... كما ان الامبريالية الامريكية تتجه الى الان الى معارك اخرى في ساحات اخرى بعد ان اصبح موضوع النفط ليس ذا بال لديه
فنحن ازاء لغة جديدة ومصطلحات جديدة برؤية معاصرة وحذار من اجترار الاساليب السابقة والتحذيرات السابقة وان أي محاولة لتعطيل التلاقي بين العرب والمسلمين لن يكتب لها النجاح لان سنن الترايخ تتحرك في اكثر من مكان لتكون المشهد القريب بنصر فلسطين وزوال الكيان الصهيوني.