ترامب المرتبك ..
تاريخ النشر : 2019-08-19 18:21

اثبت الرئيس ترامب بما لا يدع مجالا للشك أنه يملك شخصية متناقضة ومترددة ومرتبكة ، واصبح يحكم على سلوكه السياسي مع الأوساط الحزبية الأميركية ، أو وسائل الاعلام ، أو علاقاته مع دول العالم سواء أكانت من حلفائه أو خصومه بالتناقض والتباين ... فكانت أولى معاركه السياسية مع مؤسسات الاعلام الأميركية واتهامها باختلاق الأكاذيب عنه وعن حملته الانتخابية ، ليدخل بعد فوزه بمعارك ضارية مع الحزب الديمقراطي حيث اختلف معه في مواضع عديدة منها :

اولا : التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية لصالحه .

ثانيا : فشل تمريرمشروع قانون التمويل الفانوني المناسب للعمليات والوكالات الحكومية وكذلك تمويل جدار المكسيك .

أما الجانب الدولي فكان الأكثر احراجا له وللولايات المتحدة ، فترامب الذي يعرف عنه التغريد على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر".. تسبب في خلل بعلاقات اميركا مع حلفائها كفرنسا والمانيا وتركيا وبريطانيا التي زارها مؤخرا وانتقد خروجها من الاتحاد الأوروبي وأزمتها معه و اتفاقية بريكست وعمدة لندن ، فما كان من سفير بريطانيا في الولايات المتحدة الا الرد عليه باطار بعيد عن الدبلوماسية البريطانية المعهودة ... كذلك الأمر مع الرئيس الفرنسي مكرون الذي انتقد تغريدات ترامب وتدخلاته في الشأن الأوروبي وفرضه سياسة مالية وضريبية قد تؤثر على طبيعة العلاقات الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية ... أما في الشأن التركي فقد هدد تركيا بالغاء التعامل العسكري معها والغاء صفقة الطائرات (اف 35) اذا استلمت تركيا منظومة (اس 400) الدفاعية من روسيا وهو ما جعل الجانبين يشرعان في مفاوضات من أجل حل الخلافات بينهما .

أما مع الخصوم فالصين كانت المتضرر الأكبر نتيجة تهور ترامب وسياساته المالية ومحاولاته فرض ضرائب باهظة على البضائع الصينية التي تدخل اميركا ، بالاضافة الى قضية شركة هواوي ، مما جعله يتراجع ويلتقط الفرصة من اجل الشروع مجددا في مفاوضات مع الجانب الصيني ... وكذلك مع روسيا والجدل الدائر حاليا حول الانسحاب من اتفاقية الحد من الانتشار النووي ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى ، أما ايران فالجميع يعلم مدى التباين والتناقض السياسي لدى ترامب في التعامل مع هذا الملف الشائك .. فادخل العالم في أزمة حقيقية بسبب العقوبات التي فرضها على ايران بعد ان الغى الاتفاقية الدولية الموقعة في عهد سلفه باراك أوباما ، ففرض على العالم عدم شراء النفط الايراني وهو ما أدى الى حجز ناقلات النفط الايرانية في مضيق جبل طارق لترد ايران بحجز ناقلات نفط بريطانية ... واليوم ترفض سلطات منطقة جبل طارق طلب الولايات المتحدة استمرار احتجاز ناقلة النفط الايرانية (غريس 1 ) موضحة ان العقوبات الأميركية غير قابلة للتطبيق في الاتحاد الأوروبي حيث سمح للناقلة بالمغادرة مؤخرا .

نصب ترامب نفسه شرطيا للعالم فمنذ تولى الحكم تفنن في ايجاد أجواء العداء مع الصين وكوريا الشمالية والمكسيك وايران وتركيا وغيرها من الدول.. يقرر ويتراجع الا مع العداء الذي فرضه على فلسطين حيث وظف قدراته وسخر الامكانات الأميركية المادية والعسكرية والقانونية والسياسية لمحاربة الفلسطينيين وبدأ باتخاذ القرارات التي تتناقض مع القرارات الدولية وتتنافى مع حقوق الانسان وفرز فريقا صهيونيا تفرغ لبدء العمل على تصفية القضية الفلسطينية حسب الأطماع والرغبات الأسرائيلية فطلع هو وفريقه بما سمي بصفقة القرن والتي اثبتت من جديد تناقضه وارتباكه بسبب الصمود الفلسطيني ورفضه الاملاءات الأميركية مما اضطره لتجزئة الصفقة لتصبح بشق اقتصادي يتقنه السماسرة ورفضه الفلسطينيون والاردنيون واعتبروه رشوة لا يمكن الموافقة عليها .. واعلن أكثر من مرة انه سيكشف الجانب السياسي في اوقات عديدة لم تتم وصرح تصريحات متناقضة حول تفاصيل الصفقة التي لم تعلن حتى اليوم رسميا ، ولأنه يدرك وعي شعبنا الفلسطيني فقد اوعز لنتنياهو العنصري ان لا يسمح لعضوي الكونغرس الهان عمر ورشيدة طليب من دخول فلسطين المحتلة مما يؤكد عداءه وعنصريته وحقده على الفلسطينيين ودعمه اللا محدود لدولة الكيان الصهيوني وهذا لن يغير من موقف شعبنا واستعداده لمزيد من الصمود والتضحية حتى يحقق اهدافه التي ضحى من أجلها الاف الشهداء والجرحى والأسرى والتي لن تضيع هدرا ان شاء الله مهما فعل ترامب وفريقه الصهيوني .