"أمد" يكشف تفاصيل مؤلمة حول انتهاك "الشاباك" ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر : 2019-10-04 00:04

غزة- صافيناز اللوح: روايات قاسية وحكايات مريرة نسمعها  كل يوم، عن انتهاك جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" لحقوق الانسان خلال التحقيقات مع الأسرى والمعتقلين، لكنها تزداد عنفاً وإهانة خلال الحروب وخاصة في قطاع غزة.

 "أمد للإعلام" تواصل مع بعض من  الذين تعرضوا للاعتقال ، وكشف تفاصيل مؤلمة، من إعتداء ضباط وجنود جيش الاحتلال الوحشي عليهم بعد سقوطهم في قبضة يديهم.

ارتكب جيش الاحتلال مجازر بشعة بحق السكان خلال الحرب البرية على قطاع غزة بتاريخ 17-يوليو- 2014، وخاصة المناطق الشرقية، حيثُ سقط على إثرها مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

الشاب "هـ.ن" 23 عاماً من مخيم البريج وسط قطاع غزة، اعتقل خلال الحرب على القطاع عام 2014، يقول وهو خريج من قسم "الخدمة الاجتماعية" بجامعة الأزهر" لـ أمد للإعلام":" لقد انتهك حقي الذي كفلته القوانين الانسانية من خلال الممارسات الهمجية لجيش الاحتلال الإسرائيلي مع المعتقلين الفلسطينيين، سواء في الحروب أو التسلل عبر السياج الفاصل إلى البلدات الإسرائيلية المجاورة".

يقول الشاب "هـ.ن" لـ أمد للإعلام، وهو شاهد على الحدث وتم اعتقاله خمسة أيام، في وسط القطاع، بمنطقة جحر الديك وبالتحديد في المنطقة التي بنى عليها "أبراج تيكا" التركية:"  اشتد القصف من آليات الاحتلال، تجاه المنازل في كل مكان و بدأ جيش الاحتلال بإقامة حزام ناري لتسهيل دخول قواته برياً بتاريخ20/7 من نفس العام، حتى يمنع وقوع أذى لهم من قبل المسلحين الفلسطينيين.

الاجتياح البري في حرب 2014

العشريني "هـ" رفض الكشف عن اسمه لدواعي أمنية يقول:" بدأ جيش الاحتلال يمهد لدخول آلياته براً، بعد (10) أيام من الحرب الجوية، حيثُ أطلق خلال هذا اليوم عشرات القذائف المدفعية تجاه الأراضي الزراعية، و"كنت في تلك الأيام انتهيت من تقديم امتحانات الثانوية العامة وانتظر النتيجة".

يواصل"هـ" حديثه  :" قبل دخول تلك القوات البرية بليلة واحدة، أطلقت طائرات الاحتلال صاروخاً قرب المنزل، أدى إلى تكسير زجاج النوافذ، واصاب  منزل آخر قيد الإنشاء بالقرب منه".

حينها   طلب والدى من الشباب الخروج من المنزل، على أن يبقى هو ، وخرجنا من المنزل تحت قصف مدفعي عنيف، حتى وصلنا إلى مخيم البريج وجلسنا ليلة في مدارس الأونروا "أبو هميسة والحلو" بالمخيم،حينها ذكرت الإذاعات  أنّ الجيش لم يدخل القطاع سوى بضعة أمتار، وهاتفني والدي أنهم في  شارع صلاح الدين".

أصابنا الهلع في ذلك الوقت لأن الإحتلال كان يطلق النار ، ولم نتصل على والدي خوفاً من تتبعنا واستهدافنا ناهيك عن إن الصليب الأحمر  أكد لنا أنّها منطقة عسكرية مغلقة لا يمكن دخولها".

يواصل الشاب"هـ"  سرده الأحداث  لـ أمد للإعلام :" مكثنا في مخيم البريج تلك الليلة، حتى سمح جيش الاحتلال للسكان بحمل راية بيضاء والخروج من منازلهم باتجاه المخيم، وبالفعل بعد عدة ساعات تفاجأنا بوالديَّ وشقيقاتي على أطراف المخيم، وفور لقاءنا  كانت  قذيفة مدفعية بالقرب منّا، في رسالة من جيش الاحتلال بعدم عودتنا إلى تلك المنطقة نهائياً، واستقر بنا الحال أسبوعاً في مدرسة الوكالة"، وفي صباح يوم عيد الفطر بعد تأديتنا لـ"صلاة العيد" أكد المواطنين لي السماح بالوصول إلى المنطقة الشرقية  ، وفوراً  جلبت مستلزمات عائلتي ".

 يسترسل الشاب "هـ "في حديثه:" عندما بدأت الوصول إلى شرق المخيم رأيت شقيقي وقال لي لا يمكن الوصول إلى تلك المناطق، ولكنني لم ألتفت لكلامه، واصلت السير حتى رأيت رجل أمامي يسير باتجاه المنطقة الشرقية، فسرت خلفه، ووصلنا إلى محطة التحلية القريبة من بوابة "أبو قطرون" شرق المخيم، ذهب الرجل إلى منزله وأنا أكملت سيري حتى وصلت إلى شارع "النباهين" بالقرب من بيارة "غولو" قرب بوابة "أبو قطرون"، مشيراً: "بيني وبين الجيش حوالي 120 متراً تقريباً".

شاهدت عشرات الآليات ومئات الجنود، بالإضافة إلى "بركسات وخيم وغرف متنقلة"، عند وصولي إلى منطقة "بوابة أبو قطرون"، مما جعلني أتخيل الموت والشهادة برصاص جيش الاحتلال المتوغل داخل الأراضي الفلسطينية في تلك الفترة، رغم الراية البيضاء  المعلقة بـ"عصاة شجر زيتون"، لكني واصلت السير نحو منزلي دون التفكير بشيء.

وصلت فعلياً إلى منزلي، ووجدت تلال رملية أقامتها جرافات جيش الاحتلال كنظام سواتر لآليات المدفعية المتواجدة في الخلف، حتى لا تستهدفها "المقاومة الفلسطينية"، واستقر بي الحال  خلف مصنع  في المكان، ووجدت نفسي تحت "بوز المدفعية الإسرائيلية".

فكرت  وتساءلت :  كيف لهذا العدد من الآليات والجرافات والعتاد العسكري والجنود لم يشعروا بوصولي إلى هذه المنطقة، وهنا اعتقدت  أنّ الجيش نصب لي كمين لاعتقالي، لكنه لم يراني فعلاً"

يتذكر الشاب "هـ" الفترة التي مكثها ويقول:" كانت قرابة من "6-7" دقائق، حتى تحركت الآلية العسكرية من مكانها باتجاه الغرب، فسرت خلفها ودخلت من بين المنازل إلى منزل "عمي" الملاصق لمنزلنا، فكان المنزل بلا باب، حيثُ تم تفجيره من قبل الجنود المتوغلين، وسرت ببطء حتى لا يشعر بي كلب يبدو أن الاحتلال تركه".

ماذا فعل الجنود داخل المنازل؟!

يعبر الشاب "هـ" عن صعقته انذاك من الشهد الذي راَه ويقول "لــ أمد للإعلام":" كانوا يعيشون حياة كاملة بكل ما تشمله الحياة ، لكن الغريب في الأمر  والواضح أنهم لا يذهبون إلى المراحيض لقضاء الحاجة، بل يقضونها في "حفاضات" يرتدونها بشكلٍ دائم".

هنا استنشقت نفساً عميقاً ودخلت غرفة النوم المختصة بـ"عمي وزوجته" فوجدت بها نظارة سوداء ومعطرعرق، قمت بارتداء النظارة، وأخذت "المعطر" وقمت برش ملابسي منه"، وخرجت من الغرفة على طرف أصابعي كي لا يشعر بي أحد من الجنود،  فإذ بهاتفي يرن، فرفضت الرد عليه خوفاً من اعتقالي من الجيش، ارتديت "قميص ابن عمي" وعلى رأسي النظارة، وخرجت إلى منزلي، رن هاتفي النقال  مرة أخرى، كانت  والدتي تسأل عني، وخلال حديثي معها تفاجأت بأحد جنود الاحتلال يظهر أمامي على مقربة (20) متر، خبئت هاتفي ووقفت مصدوماً".

 قال لي الجندي "عربيم"، وبعد ذلك جاءت مجموعة أكثر من ثمانية جنود مدججين بكامل خوذتهم ورفعوا السلاح بوجهي".

يلتقط الشاب "هـ" أنفاسه المتلاحقة وهو يتذكر الحادثة ويقول:" قمت بإلقاء النظارة والقميص أرضاً، وجاء مسئول الوحدة، وطلب مني خلع ملابسي كاملة، رفضت ذلك وهددني بقتلي ، ورفع السلاح في وجهي، جعلني أيقن  أنني سأموت، لكني تداركت الأمر وقمت بخلع  ثيابي عدا ملابسي الداخلية ، لكنه صمم أن أقوم بخلعها كاملة وأبقى عارياً أمامهم، وبالفعل أجبروني على ذلك ونفذت ما طلبوه، ثم قال لي التفت للوراء، وبعدها قال لي ارتدي ملابسك الداخلية".

إهانات وتعذيب وتجريد من الملابس

"اقترب جنود الاحتلال مني وضربوني بأعقاب البنادق التي يحملونها، وبأقدامهم، وسحبوني ويداي فوق رأسي قرب الضابط المسئول، وقاموا بإلقاء  ملابسي بجانبي، ارتديتها  ونظري عليهم  ،مما جعل أحدهم يقول  لي باللغة العربية المكسرة "اتطلع على الجهة الثانية" فقلت له "ماشي"، فلفت انتباهي أحد الجنود وبقربه أجهزة لا سلكية و"نضور"،  أشر على "ساعتي" وأخذها ، ومن ثم سحبوني إلى داخل "حوش" المنزل، ورأيت جندي "يستحم" وآخر يقوم بتنظيف المكان الذي يجلسون به، مكثت هناك لمدة ساعة ونصف، وكانت الدبابة تمر وتقوم بـ"تغبيري" بالرمال بطريقة تعذيب بطيئة.

مكثت ساعتين من الـثامنة وحتى الساعة العاشرة، وبعدها جاء ضابط يرتدي بقدمه "بستار" بني ونضارة ، سألني عن اسمي ورقم جوالي، ثم غاب عني مدة نصف ساعة، وخلال النصف ساعة سقطت قذائف "الهاون"، فحدثت ضجة كبيرة في المكان، ورفع الجندي الذي يحرسني الغطاء عن عيني وطلب مني أن لا أنظر إلى شيء، فوافقت على ذلك، وعندما رفع الغطاء عن عيني نظرت إلى الجهة التي يتواجد بها الجيش، ففوجئت بالجندي يطرحني  أرضاّ، وأعطاني بنطالي لأرتديه، قائلاً لي: "لا يوجد عليك شئ سيتم التحقيق معك من قبل الشاباك فقط، وبعدها سنطلق سراحك"، فتفاجأت بوجود هاتفي كما هو، أخرجته لأري الساعة، فرآني أحد الجنود وسألني ماهذا؟!، قلت  له "هاتفي المحمول"، فأخذه مني، فقلت له :"لماذا تريده ، أجابني أنهم سيعيدوه مع بقية أغراضي  ".

وتم اعتقالي وألقوني بقوة  في الدبابة وقاموا  بشد "سلك" بشكل عنيف على يدي وربط "حزام" على أنفي كاد أن يخنقني، فقلت له لا أستطيع التنفس ، لكنهم واصلوا .

حينها خرج الضابط المسئول من الدبابة وقال لي :" أمرتك بالصمت "، وأخبرته عن عدم مقدرتي بالتنفس وطلبت تغطية عيني فقط  ومن ثم أن يدخلني إلى الدبابة  ".

 يتابع الشاب "هـ" أغلق علي بشبك شفاف لونه بيج، واتجهت الدبابة من جهة "أبو سعيد" داخل السياج، من خلف الكينيا وأنزلوني من الدبابة مكثت قرابة العشرة دقائق، ووضعوني داخل جيب عسكري نقلني إلى جهة الجنوب بعد حوالي (2كم مربع)، وعندما قاموا بفتح باب الجيب كانت بوجهي مجندة شعرها "أصفر" نظرت لي بغرابة  ، ففاجأني أحد الجنود بضربي في وجهي بسلاحه.

الملازم "أرك" والجندي "ايمي" وتحقيق الشاباك

رن هاتفي المحمول في هذه اللحظة، سمعته من منطقة قريبة، وبعد عشر دقائق أنزلوني من الجيب العسكري، دون غطاء عيني فكان هناك "كيبوتس" سيارات مدنية، للجنود الذين يعودن خلال الحرب إلى منازلهم، و"كرافانات" وجيبات ناقلة جند، جلست حينها على حافة "جبل"، وجاء جندي طويل يرتدي نظارات سوداء ومعه بيده ورقة وقلم، وقال لي "ما اسمك وعمرك ورقم هاتفك"، أجبته على أسئلته، ثم غادر وجاء ضابط "أصلع" ووجه كبيرة وعينيه كبيرتان، وجلس بجانبي وبدأ الحديث معي بكل هدوء، سألني عن اسمي أيضاً، فأجبته، وإذ به يتهمني بأنني من حركة حماس  ، وجئت إلى المنطقة من خلال نفق ، نفيت حديثه وقلت :"  لست من حركة حماس وجئت إلى المنزل لجلب مستلزماتنا".

يواصل الشاب "هـ " حديثه:"  حينها جلس كالذي يرغب بسماء أشياء مهمة  فأخبرته أني بدوياً و لا شيئ عندي وفقط هدفي جلب احتياجاتنا".

لم يصدقني  الجندي ، فقام من جانبه وأرسل لي  الجندي الأول "المجرم"، وضربني وكرر سؤاله هل أنت حماس؟ ، وبدأ يعتدي علي بالضرب المبرح بقدمي،  وقام برسم اتجاهات على الورقة التي بحوزته، كيف جئت إلى منزلي وكيف خرجت، ووصل إلى مقبرة جحر الديك وصمم على هذا المكان، وقام بسحب أجزاء السلاح، علي عندما نفيت ما قام برسمه، وقلت حينها "سيقتلني"، وقال لي "جئت من هذه المنطقة" وأشار بأصبعه إلى المقبرة الشرقية"، والتي كانت هناك نفق بتلك المنطقة وقاموا باعتقال العديد من المواطنين من هناك.

وبعد ذلك جاء الضابط "الهادئ"، وعرض لي "سيجارة"، وأنا لا أعرف شيئاً ولا أدخن فقال لي أعلم "انك حماس" فقلت له لماذا؟ قال لي "لأنه حماس لا تدخن"، فأخذت منه السيجارة "ودخنتها"، وكانت لأول مرة مما جعل النيكوتين يؤثر على نفسي، ولم أظهر له ذلك ،  وعاد مرة أخرى الجندي "المجرم" واستمر التحقيق معي حتى الساعة الثالثة "عصراً، فسألتهم: لماذا أنا هنا "، فقالوا لي :" ليس من شأنك".

أخبرته أنهم قالوا لي ليس علي أي تهم فكان رده:" كل ما سأقوله لك أنا الملازم "أرك".

عندما أخبرني عن اسمه  "الملازم أرك"، سألته بماذا يفيدني؟!، فرد على "إن أساء لك أحد في الداخل أخبره أنك من طرفي"، وبعدها جاءت سيارة مدنية وأدخلوني بها، وكان يحرسني اثنين من اليمين والشمال، واتجهت شرقاً بمنطقة "أشكول"، جنوب القطاع، أدخلوني إلى "كرفان" أمانات الهواتف والساعات والملابس وغيرها"، وكان هاتفي هناك وسألني "هذا لك" قلت له نعم، ومن ثم أدخلوني إلى غرفة طبيب وقام بفحصي وإعطائي "علاج"، ومن ثم أدخلوني "كيبوتس" آخر يوجد طاولة وخلفها جنود ينظرون إلى الجهة الأخرى، دخلت عندهم فكان شاب نايم فرديت السلام، ورد على فأيقنت أنه فلسطيني، فسألته من أين؟، قال لي من خانيونس"، لكنني لم أشعر بالأمان، فذهبت ونظفت وجهي داخل الغرفة.

سألني الشاب "تصلي؟" فخفت حينها أن يرانا الجنود ويقولون أننا حماس، ولكنني لا أعرف ماذا أفعل فوافقت وقمنا أدينا الصلاة، وعند الركعة الأخيرة رفع يديه إلى السماء يدعى على اليهود، فركعت حينها مباشرة دون إكماله للدعاء، وعندما انتهينا من الصلاة فسألني لماذا فعلت هذا فأجبته، "يعني شايفنا قدام جنود وبتدعي عليهم يا راجل".

نادى علي جندي، وطلب مني أخذ "فراشي" للنوم، غفيت عيوني حتى المغرب، فاقت على أصوات صفارات الانذار داخل المستوطنة، نظرت من الشباك، ولم أر أي جندي أو مجندة في المكان،  عدت إلى فراشي مرة أخرى وبعد نصف ساعة سحبوا الشاب من عائلة "ن" من خانيونس، جلست على فراشي سمعت أصوات عرب فناديت من الشباك، ردوا عليا فتأكدت أنهم فلسطينيين، وكان من بينهم الشاب الذي سحبوه من المكان.

نمت حتى اليوم الثاني، في الساعة التاسعة صباحاً نادوا علي الجنود، وقاموا بوضع الكلبشات في قدمي ويداي وألبسوني "أبرهول" المسجون ويحرسني ثلاثة من اليمن وعددهم من اليسار، وأدخلوني غرفة، بداخلها خمسة جنود، فطلب مني أحدهم "اشلح اواعيك"، فقلت له "شو اشلح" فقال لي "أواعيك"، فقمت بقله "الأبرهول"،  لكنه طلب مني خلع ملابسي كاملة، عدت إلى الوراء قليلاً وبخلفي "ترنس كهرباء" فقلت "لو اعتدوا علي" سأقوم بضربهم بالكهرباء، فصربني بالعصا وطلب مني خلع ملابسي، وبالفعل خلعت ملابسي كاملة ووقفت أمام خمسة جنود "عارياً"، وقام بفحصي بالعصا الكهربائية، ومن ثم طلب مني ارتداء "الملابس"، وجلبوا لي حذاء مكتوب عليه "فيسبوك"، تمهيداُ للتحقيق.

دخلت إلى غرفة التحقيق كان رجل "شايب" وأخر على رأسه قبعة "المستوطنين" الصغيرة، فردوا علي بطريقة هادئة "كيفك، شو أخبارك"، فقلت لهم "تمام"، وسألوني عن اسمي، وقالوا لي "اتطلع عالكاميرا واضحك"، اتطلعت وضحكت، وصورني صورة، وأعطاني ورقة عليها صورتي وكلام باللغة العبرية، فقال لي "أنت نجحت في توجيهي وجبت معدل كويس وحابب أهنيك"، فصعقت وقلت له "يخلف عليك"، ورد  علي "مخك عبقري"، وسألني عن أسماء كانت بهاتفي ماذا أعرف عنها، قال لي "تعرف فلان، قلت له نعم زميلي بالمدرسة، وفلان، قلت له صاحبي في المدرسة، وهناك أشخاص يعملون بالزراعة"، وبعد ساعتين من التحقيق خلالها يقوم بلعب نفسيتي ويقوم بالتحقيق القاسي معي أيضا".

وبعد التحقيق لمدة ساعتين قال لي "مش مبسوط منك"، قلت له "أنا صريح معاك، وإلي بعرفو حكيت، وبعرف أني دخلت منطقة عسكرية مغلقة، لكن جئت لجلب مستلزماتنا وأرى  الغنم والدجاج"، فسألني "أنت بدويم" يعني أنا بدوي، أجبته "نعم"، ومن ثم جلبوا لي الطعام تناولته وبعدها جاء ضابط يرتدي "بسطار بني"، فسألني بالعبري، ألم تفهم ماذا قال، فقلت له "كيف" قال لي "هلا هورجيك كيف"، اخذوني على غرفة رقم2 "متر بمتر"، جلست بها مدة من ساعتين إلى 3 ساعات، هذه الفترة تضايقت نفسياً.

بعد ساعات أخرجوني من الغرفة، فكانت طائرة هيلوكبتر تود الهبوط في المستوطنة، نظرت إليها لأشاهدها كيف تهبط، تفاجأت بجندي يضربني بشدة ووضع وجهي في "الحصمة" وتأذيت حينها، وقاموا بتضييق "الكلبشات" المربوطة على قدمي، وتأذت قدمي منها، وبدأ الدم يتسرب فشعرت بألم شديد، طلبت أن يقومو بتوسيعها قليلاً، لكنهم رفضوا بشكل قاطع.

دخلت إلى غرفة أخرى "وسألوني بنفس الأسئلة" وبنفس الأسلوب، وأنا كنت على نفس الكلام، وبعد التحقيق عادوني إلى الغرفة، ومن ثم إلى "أعنف" تحقيق في غرفة بيضاء اللون بشكل كامل، كان يتحدث شخص بالهاتف، أغلقه ثم جاء والتفت إلى واقترب مني، وسألني "شو اسمك"، فأجبته "هـ"، فقال لي بصوت عالي "أنت حماس"، قلت له "لا حماس ولا حاجة"، وقام بالتحقيق معي بشكل عنيف، وبعدها قام بوضعي أمام شاشة "اللاب توب"، وكانت الصدمة "رأيت منزلنا بالكامل وكأنه على الواقع"، وبعد التحقيق الكبير والعنيف معي اكتشفت، أنّهم مصدومين كيف "دخلت إلى هذا المكان".

بعدها تركني وأخرجوني من الغرفة بعد ساعات من التحقيق والضرب والاهانة، وكان هناك جندي اسمه "ايمي"، "مجرم وغاضب" يزعجنا خلال ساعات الليل، واذا رآنا نيام يقوم بإزعاجنا عن  طريق ضرب الحديد في بعضه ويصدر صون مزعج جداً، وبعدها غفيت عيناي حتى الصباح.

في صباح اليوم التالي، سألتهم "متي سأعود إلى غزة"، قالوا لي بعد ساعة، وبعد ساعة جاء جندي وقال لي "في المساء هتروح لبيتك"، وبقيت في السجن داخل المستوطنة حتى الساعة العاشرة ليلاً، نقلوني إلى معبر "كرم أبو سالم" وقاموا حينها بعدة لفات في الجيب، حتى يقوموا يمويه المكان كي لا أحفظه، وعندما اقتربنا من المعبر سمعنا صوت الانفجارات داخل غزة، عادوا وقاموا بوضع غطاء على عيوني، وبعد مدة فتحت عيوني فوجدت نفسي بنفس المكان الذي أخذوني منه، حينها فقدت صوابي وبدأت بالصراخ، وقال لي "كرم أبو سالم مغلق اليوم بكرة بتروح".

في ساعات الليل المتأخرة، جاء موعد حراسة الجندي "ايمي"، نظرت من شبان الغرفة المحجوز بها، وناديت عليه وقلت له "ايمي كيف الوضع"، وحينها لم أرى النور، فوجدت ثلاثة جنود داخل الغرفة واعتدوا علي بالضرب المبرح وكسروا عظامي نتيجة الضرب، وخرجوا من الغرفة بعد ضربي بشكل إجرامي، بسبب حفظي لاسم الجندي ومناداتي عليه".

في صباح اليوم التالي، استفقت من النوم على وجع وآلام شديدة في قدمي نتيجة الجرح الذي حدث معي والتهابه، طلبت دكتور فرفضوا ذلك، وقاموا بالتحقيق معي الساعة الثامنة صباحاً، ومن ثم أدخلوني إلى غرفة الأمانات وسلموني الأمانات وأدخلوني سيارة  اتجهت شمالاً باتجاه معبر "ايرز-بيت حانون".

سألني أحد الضباط المتواجدين قرب "أيرز"، "هل تعرف شيئاً هنا، قلت له "لا أعلم شيئاً"، دخلت من البوابة الأولى، ثم الثانية، ودخلت إلى قطاع غزة، حتى وصلت إلى الممر الأمن بلباس الأسرى المتواجدين عفي سجون الاحتلال، وشعرت الآن بنفسية متدهورة جداً، وبدأت المدفعية ضرب "أبراج بيت حانون وبيت لاهيا"، وعندما أسمع صوت اسعاف يبتعد، وهاتفي قاموا بمصادرة البطارية الخاصة به، بعدها خلعت ملابس الأسير، وارتديت ملابسي، وعندما وصلت سيارات الاسعاف، ركبت في إحداها، ودخل إلى المعبر من الداخل لإيصال مرضى بتنسيقات مع الصليب الأحمر للحالات الطارئة، واستمريت حتى الساعة الثالثة عصراً.

وبالفعل دخلنا "بيت حانون"، إلّا أنّ سيارات الاسعاف عادت إلى ايرز مرة أخرى لعدم وصول تنسيق من الصليب، وبعد ساعة وصل التنسيق ودخلنا من بيت حانون، وقال لي ضابط الاسعاف، سأقوم بتوصيلك إلى "جباليا"، فقلت له لا أعلم شيئاً هنا، فقلت له "استحلفك بالله لا أعرف شيئاً بهذه المناطق"، فبعد دقيقة قال لي "انت ابن حلال"، اجانا تنسيق على "المغازي" وسط القطاع، وبقي "هـ" داخل سيارة الاسعاف، حتى أوصله إلى مدخل مخيم البريج وسط قطاع غزة.

أمّا "ي.س" فلسطيني من غزة شقيق لشهيد وآخر أسير، اسودت الحياة في وجهه، حتى اقنع نفسه باختراقه للسياج الفاصل، ومغادرة غزة من المر إلى الاعتقال داخل سجون الاحتلال، في عام 2017، بشهر مارس، اقترب من السياج الفاصل شرقي مدينة "دير البلح، وتسلل عبره، ليعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي، لمدة يومين كاملين، انتقل خلالها إلى غرف التحقيق بنفس التفاصيل التي دخل بها ابن بلده "هـ.ن"، اعتدوا عليه بالضرب المبرح، وجردوه من ثيابه خلال التحقيق وأوقفوه عارياً أمام عدد من الجنود.

وأشار "س"، مكثت أربعة أيام كانوا من أصعب أيام في حياتي، حيثُ تعرضت للتعذيب الشديد والتحقيق من قبل الشاباك الإسرائيلي، وألقوا عليا اتهامات لا أعرفها من قريب أو بعيد.

و قام ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي، بإهانتي جسدياً من خلال التعذيب بالكهرباء، خلال التحقيق، واعتدوا علي بالضرب بأعقاب البنادق، واتهموني بأني ذاهب لتنفيذ عملية ضد جنود الاحتلال، وبعد التحقيقات التي أثبتت أنني لا أشكل لهم خطراً، أطلقوا سراحي من بوابة "ايرز-بيت حانون" شمال قطاع غزة.